وصول قناة الخرطوم للعالمية، حلم جميل نعمل عليه .. نستنفر كل ما في العاملين من إرادة وقوة للعبور إليه.. السودان يمر بمنعطف تاريخي، ونحن كمؤسسة لسنا خارج أزمة الإمكانات ولسنا بمعزل عن التغييرات التي اجتاحت العالم بعد كورونا .. هذه هي الحقيقة، هنالك أزمة في أبسط الاحتياجات نتغلب عليها بالحلول المرحلية .. الإنقاذ خلفت بيئة عمل منهارة نعمل على إصلاحها تدريجياً.. لا نملك عصا موسى، ولكن نملك الفكر ومحبة العاملين وإرادتهم .. إذا لم نصل صباح اليوم فسنصل عصراً وإذا لم نصل عصراً فسنصل صباح الغد .. لسنا في عجلة مخلة من أمرنا .. كل شيء يتم بالتطور العلمي المدروس.
عندما جئت كمدير عام، كانت قناة الخرطوم ذات مشاهدة عادية أو منخفضة فكانت خطتنا في البداية إرجاعها لحضن أمها الثورة، ومن ثم رفع مستوى المشاهدة . هاتان الخطوتان أعتقد نجحنا فيهما بدرجة جيدة، وذلك من خلال التعبير الحقيقي عن قضايا الجماهير والتواجد في مكان الحدث وتحسس نبض الناس في ظل إمكانات حركة محدودة، نجحنا بإمكانات الطاقم البشري وخلق بيئة عمل مهنية لا تعمل على فلسفة الإقصاء واحتكار المعرفة والثورية . وعملنا على استنهاض الانتماء الحقيقي للمؤسسة بدون أي أجندات حزبية أو شخصية . وإفساح المجال للمهنية كي تكون هي المعيار .
تثبيت الخارطة البرامجية الجديدة وتوزيع الأدوار بعدالة وانتهاج نظام (سيستم) عالمي عانينا في الفترة الأولى من تطبيقه لأن بعض الإدارات كانت تغرد خارج السرب وصعب علينا إرجاعها إلى النظام والترتيب الذي لم يألفوه … ولكن القادم أجمل بعد إجراء بعض الجراحات المؤلمة ولكنها ضرورية للتقدم نحو وطن الحلم . ولأجل ذلك قمنا برفع البعض إلى مواقع إدارية جديدة واستحدثنا مائدة مستديرة للتفاكر والمؤسسية أسميناها هيئة التحرير هي الحاكمة الآن، وستظل عنواناً للعمل الجماعي حتى لو ناصبها البعض العداء .. وقمنا بضم الإذاعة والتلفزيون حتى يتسنى لأصحاب المواهب المزدوجة العمل في القسمين .. وخلقنا أنساقاً لدولاب العمل يعتمد على التراتبية .
ومن المؤكد أنني لن أعمل وحدي ولابد من ساعد أيمن لذلك استعنت بالأستاذ عطا شمس الدين، فهو ليس صديقي فحسب هو في مقام أخي الأصغر، عايشته وعاصرته عن قرب وهو شاب لمحنا فيه ملامح العبقرية المبكرة والنبوغ من خلال تزاملنا في قناة الشروق الفضائية ولديه سيرة ذاتية مشرفة . وهو شاب ديناميكي صاحب فكر ثاقب وذكاء فطري وعملي.. ينتمي للثورة ولفكرة التغيير نحو الأحسن .. أتى معي لقناة الخرطوم لإيمانه بالمشروع النهضوي، وهو الآن يحمل معي المسئولية ويحقق إنجازات جيدة في عمله ومن يتحدثون عن عطا شمس الدين هم فقط يرفضون المتابعة الإدارية اللصيقة للعمل لأنه يرفض التهاون ويتعامل بحسم لم يتعودوا عليه في العهود السابقة.
وختاماً أقول لكل الذين اعتقدوا بأنهم يمكن أن يحولوا المدير إلى خيال باهت ويفرضوا عليه تصفية حساباتهم الشخصية ومراراتهم ونسوا أن الثورة تعني البناء والمسئولية.. الثورة لا تعني الحقد بل التسامي فوق الجراح .. الثورة تعني الحب والأمل .. الثورة ليست مؤامرات تحاك بليل بل هي نور الصباح وتنفس الأنسام .. الثورة ليست الحماقة والانفعال والجهل بل الثورة تعني الحكمة والمنطق والدراسة والعلم.