التجاني سعيد.. أناقة المظهر والجوهر!!
وأنا داخل إلى مبنى اتحاد الفنانين وبعد التحية والسلام على بعض الزملاء الفنانين الموجودين قال لي أحدهم إن ضيفاً في انتظارك فقلت من؟ فأشاروا لي على أحد الجلوس وكان شاباً وسيماً صغيراً لم يتعد عمره الخامسة عشرة، فذهبت إليه وسلمت عليه، كان شاباً في قمه الأناقة. فقلت نعم تفضل قالوا إنك تنتظرني منذ زمن طويل. فقال نعم أنا التجاني سعيد.
لحظتها أصابتني الدهشة، وكنت قبل فترة قصيرة غنيت له أغنية (من غير ميعاد) ولم ألتقيه ولم أعرفه حتى. فاحتضنته بشدة وأعدت عليه السلام أأنت التجاني سعيد؟ قال نعم، فقلت له مازحاً لو كنت أعرف أنك شافع لما غنيت لك. وبعدها أخذت التجاني سعيد وبقىت أطوف به بين الفنانين الموجودين داخل اتحاد الفنانين وأقول لهم: هذا شاعر أغنيتي الجديدة (من غير ميعاد) والدهشة على وجوههم وهم ما بين مصدق وغير ذلك.
ولكن ما يحيرني كيف لهذا اليافع الشافع أن يكتب مثل هذا الكلام وهو لا زال صبياً لم يبلغ مرحلة العشق حتى، ولم يجرب الغربة خارج البلاد كيف له أن يكتب هذا الكلام من أين له هذا الجمال وهو يكتب ويقول:
من غير معاد واللقيا أجمل من حقيقة بلا انتظار ..
صحيتي في نفسي الوجود ورجعتي لعيوني النهار..
يا الله إبداع منقطع النظير ما هذا العشق الذي أصاب هذا الفتى، وهو يصل قمة الروعة حينما يقول:
كل الطيوب الحلوة يا مولاتي والجيد الرقيق
واللفتة والخصل اللي نامت فوق تسابيح البريق
وخطاك والهدب المكحل وفتنة التوب الأنيق.
يا الله ما هذا الإبداع من أين أتى هذا الشاب ومن أين عرف كل هذه الأوصاف. ويتجلي إبداعه عندما يصف حاله عندما يلتقي بمحبوبته كعادة العشاق فيصاب بالصمت ولم يستطع قول شيء.. فيقول:
ضاع الكلام ماتت حروف اللقيا قبال أهمسا
والله ما غابت محاسنك لحظة لا الجرح اتنسى،
والليلة يا حبي الكبير في حرقة لافيني الأسى،
صحيتي في نفسي الوجود ورجعتي لعيوني النهار.
يا إلهي قمة الإبداع لم يستطع قول شيء في حضرتها لكن تحدثت الجوارح هامسة ومغازلة تلك الحبيبة. ويعود مرة أخرى مغازلاً حبيبته ومتوعداً نفسه بالغياب أو عدم رؤية حبيبته قريباً فيقول مستبقاً تلك الأحداث، وباكياً على الذي يلاقيه من آلام في غياب حبيبته ويتمنى حتى صدفة تجمعه بها فيقول:
لو مرة بعدك يا زمان الغربة تجمعنا الصدف
أنا كيف أعود من غيبة أول نظرة للدار منكسف
وااا ضيعة الوتر اللي ما غنيت معاهو ولا عزف
في لحظة عابرة بلا كلام قلبي الغريب بالهم نزف
ياريتنى ما شفتك ربيع ولا كان يلاقيني الأسف.
يا الله على هذا الجمال وهذا الإبداع من ذاك الصغير في عمره الكبير في شعره، تجلى فيها شعراً وأجبرني أن أضع لها لحناً يوازي عظمة الكلمات فصارت من أجمل الأغنيات وتواصل بعدها إبداع ذاك الشاب اليافع فكانت أرحل على أجمل ما يكون، وتغنيت بها
فكانت:
عيونك زي سحابة صيف تجافي بلاد وتسقي بلاد..
وزي فرحاً بشيل مني الشقى ويزداد ..
وزي كلمات بتتأوه تتوه لمن يجي الميعاد..
وزي عيداً غشاني وفات وعاد عم البلد أعياد..
وزي فرح البعيد العاد..
بدون عينيك بصبح زول بدون ذكرى وبدون ميلاد..
.. رحلت وجيت في بعدك لقيت كل الأرض منفى.