مدير إدارة: أنفق 650 جنيهاً يومياً للوصول للوزارة
متابعات الصيحة: أكثر من 20% نسبة الغياب بالمؤسسات الحكومية بسبب كلفة المواصلات العامة والفطور
وكيل وزارة العمل يُوجّه بوضع دفتر حضور وغياب لزيادة نسبة الحضور
ارتفاع أسعار السلع الضرورية الجنوني هذه الأيام، وارتفاع كلفة المواصلات إلى مستوى غير مسبوق اضطرت العمال والموظفين في الخدمة العامة وفي القطاع الخاص إلى عدم المداومة بشكل يومي بسبب أنهم لا يملكون المال الكافي .
والزائر إلى دواوين الحكومة يلحظ بوضوح الغياب الواسع للعمال والموظفين دون أن يسألهم أحد لأن ما يتقاضونه من أجر نهاية شهر طويل لا يكفي للوصول إلى أماكن أعمالهم بخلاف المستلزمات الأخرى المتعلقة بقفة المعاش.
“الصيحة” زارت عدداً من المؤسسات الحكومية وجلست إلى عمال وموظفين، حيث كشفوا المثير الذي تطالعونه في التحقيق التالي:
تقرير: محيي الدين شجر
غياب قسري
عبد الباقي عيسى مدير إدارة شؤون الولايات بوزارة التجارة حكى لي ما يصرفه يومياً للوصول إلى مقر عمله قائلاً: سؤالك جعلني أتوقف عما أصرفه في رحلة المجيء إلى العمل يومياً لأنني كنت أغفل هذه القضية، وأضاف: أصل إلى مكان العمل بالمواصلات العامة بلا ترحيل وأنفق حوالي 450 جنيهاً يوميًا في المواصلات من أم درمان ــ أمبدة إلى الخرطوم ويكلفني الفطور نحو 200 جنيه، وأضطر في حالات كثيرة لركوب عربات الطرحة فتزيد قيمة الترحيل وتصل إلى 600 جنيه، فيصبح إجمالي ما أصرفه يومياً للوصول إلى العمل فقط ما بين (650ــ 750 جنيهاً)، وقال إن العمال بوزارة التجارة أكثر الفئات غياباً عن العمل لأنهم يعجزون عن الوصول بسبب ارتفاع قيمة المواصلات، وأشار إلى أن المسؤولين في وزارة التجارة عادة ما يغضون الطرف عن تأخير العمال وغيابهم لأنهم يعرفون الصعوبات التي يواجهونها نتيجة ارتفاع كلفة المواصلات العامة ولعدم وجود ترحيل مستقر في الوزارة.
وقال عبد الباقي إن عربات الترحيل نفسها غير منتظمة لشح الوقود، وكثيراً ما قام الموظفون بجمع أموال لتوفير الوقود وهنالك مناطق بلا ترحيل حتى الآن.
وذكر أن غياب العمال من المؤسسات الحكومة بلا شك يؤثر على سير العمل، لكنه غياب قسري وبسبب قوة قاهرة.
نفس الحال
الحال في الوزارات الأخرى لا يختلف عن وزارة التجارة من حيث تأثر العاملين بالظروف الاقتصادية الطاحنة وارتفاع كلفة الوصول إلى مقار العمل ففي جولة لـ (الصيحة) لعدد من الوزارات تبين أن أكثر من 20% من العاملين إما تغيبوا بسبب ارتفاع كلفة المواصلات أو تأخروا عن مواعيد الوصول.
وكشفت متابعات الصحيفة، أن كل الوزارات لم تشهد نسبة حضور مائة بالمائة حتى الآن نتيجة للمعاناة الشديدة للعمال في ظل أزمة مستمرة للمواصلات العامة وارتفاع قيمتها وارتفاع أسعار وسائل النقل الأخرى.
معاناة شديدة
وتحدث لـ (الصيحة) موظف بوزارة العمل ـ فضل عدم ذكر اسمه لـ (الصيحة)، قائلاً إنه يعاني معاناة شديدة في الوصول إلى مكان العمل ليضطر مع مجموعة من الزملاء لاستئجار عربة للوصول إلى مكان السكن، وقال إنه يدفع أموال ضخمة للوصول فقط للوصول إلى وزارة العمل وأكثر منها في العودة ليصل ما يدفعه يومياً نحو ألف جنيه، وأشار إلى أنه يضطر لعدم تناول وجبة الإفطار وللغياب كذلك لعدم توفر المال الذي يكفي ساندوتش طعمية، وحسب متابعات الصيحة بوزارة العمل، فقد تبين أن العمل بها لم ينتظم منذ الإجازات القسرية لكورونا حيث كانت نسبة الغياب نحو 30% بسبب ارتفاع كلفة المواصلات وانعدام الترحيل، وعلمت الصيحة من مصدر مطلع بالوزارة أن وكيل وزارة العمل وجّه قبل أيام بوضع دفتر للحضور وللغياب لضبط عملية الغياب المستمرة، وأن هذا التوجيه قوبل بسخط من العاملين بالوزارة لصعوبة تنفيذه. وقال أحد العاملين بالوزارة إنهم لن يستطيعوا الالتزام بالحضور في ظل الارتفاع الكبير في قيمة المواصلات العامة وقال إنه يسكن في منطقة بعيدة ولا يمكن أن يدفع ألف جنيه يومياً للحضور للعمل في حين أن راتبه لا يتجاوز الـ15 ألف جنيه فقط ..
غياب متصل
كما تبين للصيحة أن بعض المؤسسات الخاصة تشهد غياباً كبيراً للعاملين بها بسبب أزمة المواصلات وارتفاع تعرفتها حيث تشهد المؤسسات الصحفية غياباً متصلاً نتيجة لذات الأسباب، ولجأ كثير من الصحافيين للعمل من بيوتهم للفوارق الكبيرة ما بين أجورهم وبين كلفة الوصول إلى مقر الصحف.
العمال
وأشار خالد الأمين بالإدارة العامة للطوارئ الصحية، إلى انتظام العمل بوزارة الصحة الاتحادية لتوفر الترحيل مع معاناة لبعض العمال، وقال إنهم في أوقات كثيرة يقدرون الظروف الاقتصادية لصغار العمال ويجمعون لهم مبالغ إضافية للوصول إلى العمل، وقال إن وزارة الصحة وخاصة العمال تأثروا بإيقاف الحوافز الشهرية التي كانت تصلهم، وقال إنه يصرف حوالي 600 جنيه يومياً للوصول إلى الوزارة كلفة نقل وفطور وفنجان جبنة، وأوضح أنهم كعاملين بوزارة الصحة اتفقوا على تناول فنجان واحد من القهوة خلال اليوم رغم ضغط العمل وعدم الالتزام بالبرنامج المحدد نسبة لحدوث مستجدات بشكل يومي، وذكر أن الأوضاع قبل زيادة المرتبات كانت أفضل والأسعار كانت مناسبة.