العناوين الكبيرة والشعارات الملهمة لها مستفيدون من خارج صفوفها. لا علاقة لهم بالشعار ولا بالعنوان. تأتي بهم الصدفة التي لا تتكرر. كتبت مرة أن أكبر المستفيدين من مفاوضات أبوجا لم تكن الحكومة ولا الحركات ولا المجتمع الدولي. كان هارونا أبكر رجل من غمار النيجريين ينتمي لقبيلة الهوسا استغل رداءة الطعام الذي يقدمه فندق شيدا البعيد عن مدينة أبوجا التي استضافت مفاوضات دارفور فشيد قبالة الفندق راكوبة فسيحة وطرح الشية والأقاشي بديلاً لطعام الفندق الرديء فاجتذب الجميع حكومة وحركات وشركاء دوليين ومنظمات وإعلام وخبراء وإدارات أهلية. أصبحت راكوبة هارونا مسرحاً لاتفاقات سرية ومكاناً آمناً لعقد الصفقات بين جميع الأطراف و(الشية مدورة) ولسع الشطة الاستوائية يصيح هل من مزيد وهارونا يتوسع وتزداد كمية اللحم الذي يطرحه يوماً بعد يوم وبمرور الأشهر وتعثر المفاوضات التي لم يكن يتقدم فيها شيء غير شية هارونا المستعذبة المذاق تحول هارونا إلى ثري من أثرياء أبوجا فكلما تعقد التفاوض وتعارضت الأجندة كلما تحول ذلك التعثر ورقاً نقدياً في جيب هارونا.
ولم يكن هارونا وحده من استفاد من تفاوض أبوجا إذ امتد ذلك لأقربائه أيضًا فقد تعشقت خبيرة أراض اوروبية ابن أخت هارونا الذي شواها ذات نزوة حتى دوت دوياً فعرضت عليه الزواج على سنة الله ورسوله حفاظاً على مذاق تلك الشية فأكمل الفتى نصف دينه متخطيًا العرقية والتمييز على أساس اللون بالفحولة والقدرة على الشي.
من واقعة هارونا صرت أتأمل المستفيدين الحقيقيين من ثورة ديسمبر والخاسرين معاً. الخاسرون هم وقودها ولهبها وشبابها والمستفيدون هم تجار العملة!!!!
لك أن تتخيل الأرباح المهولة التي كسبها تجار العملة منذ أبريل 2019م حين كان سعر الدولار (80) جنيهاً حتى أصبح الآن (260) جنيهاً في عام ونصف.
لم يكن لتجار العملة أي دور في الثورة، ولم يشاركوا في أية تظاهرة ولم يقدموا طعاماً لفتية الاعتصام، لكن كل ريع الثورة هجع في جيوبهم وما زال الدولار يصعد والأزمات تتفاقم والحرب الأهلية تصبح الأكثر رجحاناً، وتجار العملة في أمان الحرية والسلام والعدالة!!!
حال تجار العملة شبيه بحالة هارونا فقد كان زبائنه على السواء من الحكومة وخصومها ومن الوسطاء والأمم المتحدة والشركاء كانوا جميعهم يأكلون وجباتهم منه وتجار العملة الآن يبيعون للمعارضة وللحكومة وللأجانب وستنضم لهم البعثة الدولية قريباً وربما شكلت حماية دولية لهم باعتبارهم الشريحة الأهم.