مهندس عبد الله مسار نائب رئيس تحالف (نهضة السودان) لـ(الصيحة) ١-٢
مشكلة السودان يكمن حلها في الإجماع الوطني
سلام جوبا حدث فيه تطور وتحدث عن المسكوت عنه
على حمدوك خلع جلابية الحاضنة الحالية ولبس جلابية السودان الواسع
تحديات جسام تمر بها البلاد من أزمات سياسية واقتصادية وحتى أمنية برغم التوقيع النهائي على السلام الذي تم مؤخرًا بعاصمة دولة جنوب السودان جوبا وكيفية تطبيق هذا السلام على الأرض في ظل تلك التحديات التي تحاصر البلاد من كل جانب.
تلك القضايا وغيرها وضعتها (الصيحة) أمام رئيس حزب الأمة الوطني نائب رئيس تحالف نهضة السودان المهندس عبد الله علي مسار الذي تحدث حديث الصراحة والوضوح، وأماط اللثام عن كثير من القضايا وطرق معالجتها من خلال الحوار التالي:
حاوره: حسن حامد
ـــ بداية مهندس مسار قراءة عامة للراهن بالبلاد؟
السودان منذ العام ١٩٥٦م مأزوم، ولكن ازدادت الأزمة فى هذه المرحلة بالذات بعد استلام الحكومة الانتقالية للسلطة، وأنا أعتقد أن أزمة هذه الحكومة ومشكلتها تكمن في الحاضنة السياسية قبل ما تبقى مشكلتها مع الشارع لأنها لم تقدم للحكومة برنامجاً ولا خطة.
ثانياً: الحاضنة متشاكسة قامت على مبدأ إسقاط النظام ولم تقم على ثم ماذا بعد إسقاط النظام . ثالثًا: الحاضنة السياسية يمين ويسار ولا يوجد انسجام بين الاثنين كل جهة تعمل لوحدها والغريب أن اليسار عزل اليمين وأصبح غير موجود إلا في ظروف محدودة، المؤتمر السوداني، الصادق المهدي وآخرون غابوا من الساحة، وفي الحقيقة غُيّبوا.
ـــ بمعنى؟
الآن السيطرة التامة أصبحت للأحزاب اليسارية، وفي الأحزاب اليسارية أفتكر أن الحزب الشيوعي وخاصة المنشقين منه أي مرافيد الحزب الشيوعي هم الآن مسيطرون سيطرة تامة على الساحة، لذلك افتكر الحكومة جاءت بدون برنامج ودون خطة وليس في ذهنها كيف يحكم السودان، لذلك حصل هذا التخبط، وهذه الحكومة ورثت نظاماً لمدة طويلة والنظام كان القائمون على أمره لديهم قدرة في أن يسيّروا البلد بطرق مختلفة والجماعة ديل ماعندهم فكرة حول ذلك، ولهذا أنا شاعر بأنهم فشلوا حتى أن يكونوا موظفين درجة أولى، ولذلك الأزمة كبيرة جدًا.
النقطة الثانية، هؤلاء جاءوا ببرنامج العزل وقاموا بعزل القوى السياسية كلها وصاروا هم المسيطرون بحجة أنهم أتوا بالثورة وحقيقة لم يأتوا بها فالثورة جاء بها الشباب، وهي ثورة تراكمية بدأت منذ العام ١٩٨٩ وحتى العام ٢٠١٩م لحظة سقوط نظام الإنقاذ، كذلك جاءوا على أساس أن لديهم علاقات في الخارج واتضح خلاف ذلك، والحكومة الآن مكشوفة خارجياً ولم تأت مساعدات من الخارج، والآن اعتمدت على الداخل الذي بكثرة المظاهرات وغيرها قلت الإيرادات والآن الجمارك والضرائب فى أسوأ حالاتها.
ــ إذن أين تكمن المشكلة؟
البلد الآن فى أزمة أكبر مما يتخيل الإنسان، هنالك صفوف في الرغيف والوقود والغاز والمواصلات وحتى الوظيفة والمرتبات، وفوق هذا كله هناك اتجاه لرفع الدعم عن السلع، الآن أصبحت المشاكل أسوأ من الحكومة السابقة بمئة مرة، ولذلك الأزمة مرتبة في عدم قدرة الحاضنة السياسية لحكومة حمدوك، فالمشكة الآن تكمن في الحاضنة وليس في حمدوك نفسه، وليس في الشارع، ولذلك أن أغلب الشباب الذين قادوا الثورة انفضوا من الحرية والتغيير وعن الحكومة وخرج منهم أي شخص غير منتمٍ لأحزاب اليسار الشيوعي والبعث والناصري.
ــ بوجهة نظركم أين تكمن الحلول للأزمات التي تمر بها البلاد الآن؟
الأزمة حلها فى الإجماع الوطني وما في حل غير ذلك، وعلى حمدوك أن يخرج من حاضنته الحرية والتغيير إلى الفضاء السوداني الواسع، وأن ينتقل إلى مربع إجماع وطني يضم كل أهل السودان، لأنهم ليسوا أحزاباً لوحدهم ففيهم الطرق الصوفية، الإدارات الأهلية، منظمات المجتمع المدني ومجموعات أخرى، هؤلاء مفترض يكونوا ضمن الحاضنة السياسية، وإذا لم يخرج من هذا فالأزمة ستوصله لمرحلة أسوأ من هذه.
ـــــ إذا لم تتجاوز البلاد سياسة الإقصاء التي ذكرتها ما المتوقع أن يحدث؟
(شوف) الإقصاء في السودان أدى الى انقلابات، ففي العام ١٩٥٨م انقلاب عبود جاء نتيجة للإقصاء و١٩٦٩م انقلاب مايو جاء نتيجة إقصاء الحزب الشيوعي وانقلاب ١٩٨٩م جاء نتيجة إقصاء الجبهة الإسلامية، فأي إقصاء معناه سيؤدي الى حل آخر، وأنا افتكر إذا استمر، أمامنا خياران إما ثورة تصحيحية وستكون عنيفة يحصل فيها ما لا يتوقعه أي شخص أو انقلاب عسكري بشكل مختلف يكون فيه مغامرون أو تنظيمات سياسية لها مواقف ربما تساهم في ذلك، فالظروف الحالية والغبن الموجود لدى المواطن إذا لم يحصل إجماع وطني أتوقع أحد الخيارين.
ــ رؤيتكم لاتفاق سلام جوبا؟
أولاً: أي نوع من إيقاف الحرب أنا معه، لأن ثمن الحرب لا يقارن بالسلام، فالحرب فيها موت وتشريد وخراب، فأي ثمن تدفعه في السلام أفضل من ذهابه إلى الحرب.
ثانياً: الحرب التي دارت في السودان هي أهلية بين أبناء الوطن ليست حرباً من خارج السودان لكنها أسوأ لأنها حرب في داخل البيت.
ثالثًا: الحرب قامت في السودان لقضايا أساسية، لأن السودان منذ العام ١٩٥٦م حاكماه نخب تذهب وتأتي بعدها نخب، ولم يحكم السودان بالطريقة الصحيحة، ولم يكن هناك برنامج حول كيف يحكم السودان، حتى الاستقلال نفسه جاء بطريقة عقدية جدًا والسيطرة كانت وقتها على الطوائف، وكانت هناك طائفتان مسيطرتان على السودان هما الختمية والأنصار، وجميعهم لم يقدموا للشعب السوداني وما اتعملت أسس لحكم السودان. وأصبحنا نتخبط ما بين حكم ديمقراطي مشوه وما بين حكم عسكري انقلابي بحزب وما بين حكم عسكرى إيدلوجي وشعر جزء كبير من أهل السودان بأنهم خارج المنظومة حتى وصلنا لهذه المرحلة أزمة تلو أزمة، لأن ما في زول مهتم بالسودان الكلي، ولذلك كان السبب الأساسي أن الناس تحمل السلاح.
فسلام جوبا حصل فيه تطور، لأنه جاب الحركات المسلحة التي حملت السلاح وجاب المسارات للمناطق التي لم تحمل السلاح عشان يحفظ لها حقها بمعنى أنه نظر للسودان الكلي.
ــــــــــ لكن سيد مسار، رغم ذلك إلا أن البعض متخوف من هذا السلام؟
إذا أنت عاوز تعالج مشكلة السودان، لابد من الإتيان بالسلام الذي له ثمن، وهذا الثمن لابد أن تدفعه أولاً للمناطق التي تأثرت، وهناك مثل يقول “الناس بسكتو الببكي”، فالآن السلام أول حاجة يسكت الببكي ثم من بعد ذلك سوق الناس كلهم.
والناس المتخوفون من الحكاية دي ثلاثة أنواع: في واحد الحق ما حقه وشاعر بشيلوه منو ودا بصرخ طوالي، وآخر يشعر بأنو الناس الجايين ديل يعلموا دولة داخل دولة لأنهم حملة السلام وشكل الترتيبات الأمنية وكذا وكذا، وثالث عندو صراع محلي مع مجموعة من الحركات دي وخايف عليه أنو السلام دا يتحول إلى صراع محلي ثانى وهذا يقوى على حسابه، وكذا هذه هي المجموعات المتخوفة من السلام.
ــ طيب ما هو المطلوب من الحركات القادمة؟
الحل الأساسي أن تجعل الحركات القادمة السلام للسودان وليس حقها والاتفاقية تحدثت عن المسكوت عنه في السودان وهي قضايا كثيرة ما قادرين نعالجها واحدة منها قضية الخدمة المدنية المشروخة، وتجد الكثير من الوظائف تأتي بالوساطات والمجاملات مما كانت له آثار فى القرار، فالاتفاقية عالجت هذا الاختلال في الوظيفة، وعالجت الاختلال في الثروة والحكم في السودان.
ــ ألا تعتقد بأن هذه الاتفاقية فيها نواقص؟
أقر بأن الاتفاقية غير مكتملة، وأنا شاعر فيها نواقص ممكن تكمل من خلال التطبيق، الحاجة الثانية ضبط الترتيبات الأمنية مهم جداً لأن هناك كلام يدور بأن بعض الحركات المسلحة الآن بدأت في تسجيل ناس عشان تضمهم لقواتها بأرانيك وكذا، ومفروض أول ما وقع السلام تقوم عملية حصر القوات ومعرفة عددها وأين مواقعها.
ــ تابعنا لك ردوداً أدبية لمن استخفوا بسلام جوبا بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو؟
أول حاجة أنا عاوز أطمئن الناس كلهم السلام دا ما ضد الشمال، الآن هنالك جوطة والشيوعيون عاوزين يسخروا الشمال زي ما سخروا الثورة دي وسيطروا عليها الآن يسعون لاستغلال فرصة السلام ويسخروا الشمال عشان يدخل في صراع مع غرب السودان، فالسلام (دا ماعندو ضرر للشمال إطلاقاً وحقو أخوانا الشماليين يفهموا الحكاية دي، بل العكس أنا افتكر إنو السلام ثبت حقوق الشمال مثله مثل أي إقليم من أقاليم السودان، فما في أي مصالح للشمال ستتضرر، وأنا اطلعت على الاتفاقية تماماً فهناك عدل عام ويعطى كل ذي حق حقه، ولذلك الاتفاقية تحدثت عن المسكوت عنه).
ــ لكن بعض الانتقادات موجهة للوفد المفاوض أكثر من الإتفاقية نفسها؟
نعم، يتحدثون عن الوفد المفاوض، وهذا الوفد مفوض بقرار من مجلسي السيادة والوزراء وقوى الحرية والتغيير، طيب يأخذ تفويض تانى من وين؟ وإذا تحدثوا عن الحكاية دي قبل كدا فاوض مجذوب الخليفة في أبوجا بنفس الطريقة وفاوض علي عثمان في نيفاشا التي قسمت ثلث السودان، وفاوض غازي صلاح الدين وأمين حسن عمر في الدوحة نفس الجهات المنحت التفويض منحت هؤلاء فالمشكلة وين، حميدتي ووفده فاوضوا باسم حكومة السودان لحركات مسلحة تبقى من دارفور من الشرق من الشمال من النيل ما شغلتو إنه فاوض أمامه حركات مسلحة وحتى المسارات خلقها عشان يعمل بها هذه الوزنة ليحفظ للناس الما شالوا السلاح حقهم، ولذلك أنا أفتكر إنو الكلام البتقال دارفور فاوضت دارفور ما صحيح، فحكومة السودان فاوضت الحركات المسلحة بغض النظر عن شكلها.
النقطة الثانية التفويض مأخوذ من الجهة الشرعية المتمثلة في مجلسي السيادة والوزراء وقوى الحرية والتغيير، وكان مرجعهم لتلك الجهات حتى تم التوقيع المبدئي والنهائي الذي حضروه جميعًا فلو كان هناك اعتراض كان يعترضوا إذن دا اتفاق سلام السودان، وليس اتفاق دارفور مع دارفور، وليس اتفاق حميدتي مع الحركات، وأي نقد للاتفاق يجب أن يوجه لحكومة السودان وليس لحميدتي أو كباشي أو التعايشي وغيرهم.
ـــــــ باشمهندس سبق وأن تقدمتم بمبادرة لرئيس مجلس السيادة ونائبه حدثنا عن هذه المبادرة؟
نحن شعرنا بوجود مشكلة حقيقية في حكم السودان لأنه منذ الاستقلال محكوم بنخب تتداول الحكم بالشكل الماشي دا ولم يتم وضع أي أسس للحكم بمعنى ما عملوا طريقة حول كيف يحكم السودان، لكن في حكم ماشي إنما كيف ما متفق عليه، لذلك رأينا الحكاية دي ما بتقود البلد للأمام وقلنا لازم يكون هنالك مشروع وطني لحكم السودان، هذا المشروع يتحدث عن كيف يحكم السودان وليس من يحكمه، لذلك طرحنا هذا المشروع الوطني الشامل، وفي هذا المشروع قابلتنا عقبة أولى في أن الحكومة الحالية ما عندها برنامج للفترة الانتقالية تمشي عليه، ومنه يطلع المشروع الوطني الكبير الذي يتحدث عن قضايا السودان كلها ومن المشروع الوطني يطلع الدستور.
لذلك نحن عملنا الحكاية دي بمجموعة نداء البرنامج الوطني المكونة من ثمانية فصائل وبعدها جهزنا مبادرة المشروع الذي سنعلنه السبت بقاعة الصداقة وسلمنا نسخة منه لرئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو.
ــ ولماذا لم تلتقوا رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك وتسلموه نسخة من المشروع؟
كتبنا خطاباً لرئيس الوزراء لمقابلته لكنه رد لنا بخطاب بأنه تسلم خطابنا والآن الخطاب بطرفنا سننشره إذا لم يلتق بنا لأننا نفتكره رئيس وزراء السودان وليس رئيس وزراء الحرية والتغيير فإذا هو بخلاف الأخيرة فالأطرش والأبكم والعالم والجاهل كلهم عليه أن يقابلهم ويستمع إليهم لأنه رئيس حكومة الدولة كلها وليس رئيس فصيل واحد، ونحن خاطبناه بوصفه كرئيس حكومة، وكان يجب أن يقعد معنا ونتحدث معه حول قضايا البلاد ومنها المشروع الوطني، لكنه لم يستجب حتى الآن، ونحن ننتظر إذا عمل معنا اجتماعاً سنمده بالبرنامج الوطني، وإذا لم يعمل به فله، وإذا ما اجتمع معنا نحن مستمرون في هذا البرنامج لحين تحقيقه ولو بالشارع الذي أتى به.