الجميل الفاضل يكتب : أكتوبر شَهر القهوة
درج العالم على الاحتفال مطلع أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للقهوة، إذ تقول إحدى الأساطير الشهيرة، إنّ أحد رعاة الغنم، شاب يُدعى كالدي، كان يرعى قطيعاً من الغنم في غابات كافا المطيرة وارفة الظلال في إثيوبيا، ثمّ لاحظ أن الماعز أصبحت أكثر نشاطاً وحيويةً وتكاد ترقص. وبعد بحثٍ واستقصاءٍ، اكتشف أنّ الماعز أكلت ثماراً حمراء تشبه الكرز الأحمر من الأشجار، وقرّر أن يُجرِّبها بنفسه لينضم إلى الماعز الراقص.
ثم توجّه كالدي من فوره إلى عمّه الراهب في دير مجاور، مسروراً يكاد يطير فرحاً بهذا الاكتشاف الجديد.
ويقول ميسفين تيكل، أحد سُكّان كافا، الذي يسرد القصة كما سمعها من أجداده: “ألقى الرهبان الثمار في النار خوفاً من الأرواح الشريرة“.
لكن عندما تسلّلت رائحة القهوة المُحمصة إلى أنوف الرهبان، انتابهم نفس الشعور الذي انتاب كالدي من قبل، وتَراجعوا عن رأيهم بعد أن تصوّروا الحَمَاسة التي سَتضفيها هذه الطاقة الجديدة على الطقوس الدينية.
لكن لاكتشاف القهوة والبُن، في الحقيقة أكثر من قصة، استهوتني من بينها رواية المادح السوداني عبد الله الحبر الذي حكي لتلفزيون السودان حكاية مُشوِّقة لم يثبت لها مصدراً، بيد أنه قال: إنّ أصل اكتشاف مشروب القهوة يعود الفضل فيه إلى أحد تلاميذ القطب الصوفي الكبير الشيخ عبد القادر الجيلاني، من طائفة الجن.
قائلاً: إن الشيخ الجيلاني الذي كان يشرب من حليب أغنام كان يرعاها له بعض الرُّعاة، وجد في نفسه طاقة نشاط زائد، أثنا ًقيامه بطقوس عبادته الليلية المُعتادة، فسأل رعاة أغنامه عن جديد مرعاهم، فَرَدُّوا عليه بأنّهم قد بَدّلوا مرعى بهائمهم إلى مرعى آخر، به نوع شجرة جديد، تأكل منه الأغنام، فطالبهم الشيخ الجيلاني بإحضار عينة من هذه الشجرة إليه، ومضى المادح الحبر إلى القول: إن رجلاً من الجن كان بمجلس الجيلاني عند إحضار تلك الشجرة العجيبة، التي طلب من شيخه أن يأذن له في مُعالجة أمرها، فأذن له الجيلاني ليعود الجن إلى المجلس بعد حين حاملاً “جَبَنَة وفنجاناً” من الفخار، بداخل الجَبَنة مشروب داكن اللون، صبّ منه على الفنجان، فرشف الشيخ الجيلاني أول رشفة من القهوة، ليقول مادحاً صنيع تلميذه، رافعاً الجَبَنة إلى أعلى مردداً “الجن بنى” ليصبح اسم الوعاء من بعد “الجَبَنة”، ثم ليحمل الفنجان على ذات الطريقة، قائلاً: “هذا فن الجان” ليصبح اسم إناء شُرب القهوة “الفنجان“.
هي رواية أسطورية بامتياز، بطلها مجهولٌ كبيرٌ، يعيش تحت حجب الغيب، استثارت خيالي على نحو ما، فكتبت نصاً يعضدها، لا أجد ضيراً في نشره الآن، وبهذه المناسبة، على هذه المساحة .
حكاية البُن
الجن باني
والفن جاني
ريحة البُن فُوق طَاقَانِي
دي شؤون القطب الجيلاني
زي عاملة الشغل الجُوّاني
وناسية الكاتم في حناني
والسِّر الراقد مُتفاني
والأمر الصادر سُلطاني
حرّكني وحرّك أشجاني
قام قَلَبَ القلية عليّ تاني
ما البُن من دقّتو تن تاني
طَق طَق وجاني
انشرّ سحابو الدُّخَاني
قام دَقّ النوبة على لساني
والوارد ترجمو سرياني
السِّر الباتع سَرّاني
انكشف الطابق البَرّاني
انشق القمر التِّحتَاني
قام بسم الفاطر الوَرّاني
في الحلقة اترنّح نصراني
والطار أبو قحة الجَرّاني
في لمحة لقيتو اتقهّاني
كَبّ البِكري
وطَبَقَ التّاني
فنجل وجَاني
ضوّا الخاطر بمعاني
جات شايلة الحُب العرفاني
حكاية البُن دي
كلام تاني
بياء المَد السُّلطاني
مَدَدَك جاني
مديح ومثاني
شغل كيلاني
الكيل مَجّاني
جيب من جوّة الطار هزّاني
الدَّور الدّور
دوّر وجَانِي
حرّكني وحَرّك أشجاني
قام قلب القلية عليّ تاني
انشرّ سحابو الدُّخاني
طق طق وجاني
طقّ طق وجاني
ما البُن من دقتو تن تاني
طق طق وجاني
طقّ طق وجاني