زاروا (الصيحة).. مع وفد الثورية.. حوار السلام
الخرطوم- عوض جاد السيد
لقرابة العقدين، ظل عدد من قيادات تحالف الجبهة الثورية خارج السودان، أو على الأقل بعيداً عن الخرطوم، لكن اتفاقية السلام التي وقعت بين الحكومة الانتقالية وقوى الكفاح المسلح بجوبا في 3 أكتوبر الحالي، فتحت أفقاً جديداً، وسمحت بعودة الجميع للداخل، خاصة وأن ثورة ديسمبر وضعت السلام كأحد أهم شعاراتها “حرية.. سلام وعدالة”، ومثل وصول وفد مقدمة الجبهة في سبتمبر الماضي أحد أيام الخرطوم المشهودة.
وابتدر وفد الجبهة بالخرطوم، زيارات واتصالات في إطار التبشير بالسلام وشرح الاتفاقية والتواصل مع الفئات المختلفة، ومن بينها أجهزة الإعلام والصحف، وكان الوفد برئاسة ياسر عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية – شمال، ضيفاً على (الصيحة) أمس، حيث جرى تفاكر وحديث طويل حول السلام وكيفية إنزاله إلى أرض الواقع وأهداف الوفد ودور الإعلام.
حوار وتواصل
رئيس الوفد، ياسر عرمان، أكد أنهم يعملون لبناء بلد جديد، وأن الأهمية في اتفاق السلام أنه لبناء مؤسسات جديدة وخطاب جديد ومشروع جديد، وأقر بأن ظروف البلاد معقدة، وأن هناك كثيرين “عايزين يفرتقوها”، وقال إنهم شاركوا في الماضي ولم يستطيعوا فعل شئ، لكن الإنقاذ مضت الآن.
ووصف عرمان، الأزمات بأنها سياسية قبل أن تكون اقتصادية، وأقر بأن المؤسسات هشة وهناك احتقانات وغبن كثير، وأكد أن التواصل والحوار سيتصل لتوضيح تفاصيل الاتفاق، وأشار إلى أن كثيرين غير مستوعبين للاتفاق وتنطلق مواقفهم من معلومات غير كافية، وأشار عرمان إلى أنه كانت لهم تجارب معروفة ومريرة مع الصحيفة، لكن (الصيحة) الجديدة أوفت بوعدها، وقال إن الزيارة جاءت من أجل نشر وثيقة السلام، وأكد ضرورة اطلاع السودانيين عليها، وعبر عن إدراكهم لأهمية دور الإعلام، وأضاف “نريد أن نصل كل السودانيين ونحرص على تمليك كل المعلومات”.
وعبر عرمان عن سعادتهم بالزيارة، ودعا الصحيفة لإقامة منابر تستضيف كل الأطراف والخبرات مع وضد، حول أثر السلام في تجديد الحياة السياسية ومناقشة المسكوت عنه بشأن الاتفاقية، وكشف المزايدات وعقلنة الحوار لأنها قضايا استراتيجية، وقال إن منبر (الصيحة) مؤهل للقيام بالدور.
من جانبه، قال نائب رئيس الوفد اللواء نمر عبد الرحمن، إن الإعلام مكمل أساسي لاتفاق السلام بشرحه وتوضيحه للمواطنين، وأن دور الإعلام مهم في شرح البروتوكولات حتى يقبل الناس ويرفضون بناءً على معرفة، وأكد أنهم يحتاجون مساعدة الجميع، واعتبر (الصيحة) واحدة من المؤسسات التي تبشر بالاتفاق.
السلم المجتمعي
من جهته، دعا عضو الوفد، الناطق باسم حركة العدل والمساواة معتصم أحمد صالح، إلى التركيز على ثقافة السلام الأهلي والمجتمعي، وقال إنه مهم ومفتاح نجاح لكل ما يتم الحديث عنه، وأضاف بأن الإعلام أصبح سلطة حقيقية ويشكل الرأي العام، ونوه إلى أن (الصيحة) كانت من الصحف التي ركزت على التفاوض منذ البداية وكانت حاضرة، وأشار لأهمية دور الإعلام كسلطة تشكل الرأي العام لدى المواطن، وقال إنه يمكن أن يكون سبباً في النجاح أو الفشل، ونوه إلى أن هناك تناولاً سلبياً، وقال “نحتاج إلى دعم السلام”، ودعا (الصيحة) لمواصلة دورها الريادي والتركيز على السلام المجتمعي.
فيما أشار صديق فضل – مسار الشمال، لوجود أصوات سالبة تتحدث عن مكاسب مناطق الحرب على حساب الشمال، وأكد أن دور الإعلام كبير في توضيح الحقائق، وذكر أن الاتفاقيات فيها تمييز إيجابي لمناطق الحرب لتلحق بالتنمية، ونوه لتضرر دارفور، وقال إنها أكثر من حيث التعداد، ونبه إلى أن هناك أموالاً رُصدت لدارفور في كل الاتفاقيات السابقة، لأن التنمية تتطلب التمييز الإيجابي، واعتبر دور الإعلام مهماً في شرح هذه الجوانب، وأكد أن الاتفاقية لو طبقت بشكل صحيح ستحدث تنمية متوازنة لأنها خاطبت قضايا لم تخاطب منذ الاستقلال، وقال إن تكلفة السلام (10) سنوات أقل بكثير من تكلفة الحرب.
مسؤولية مشتركة
من ناحيته، اعتبر أحمد عيسى – التحالف السوداني، أن الثورة صيحة تغيير ووعي، والصيحة الثانية في تحقيق أهداف الثورة، وأكد أن حلقة السلام في طريقها للاكتمال، والتنفيذ شراكة بين الحركات والإعلام، وشدد على أنه لا تغيير ولا تنمية ولا محافظة على الوحدة الوطنية بدون سلام، واعتبرها مسؤولية مباشرة للإعلام ولـ(الصيحة) وللشعب وقوى الكفاح لتكتمل الحلقة ويكون عملاً مشتركاً، لأن التغيير هو الهدف.
بينما جدد محمد إسماعيل محمد آدم – سكرتير الجبهة، أن الدور في الفترة المقبلة هو اتجاه توعوي، وأكد أن الاتفاقية خاطبت كل مسارات الأزمة، وكل الأقاليم أصبحت متوازنة في التنمية.
السلام أولاً
رئيس تحرير (الصيحة) الطاهر ساتي، قال إنّ اللقاء يجئ ما بين الدهشة والفرحة، وقارن بين فترة كانت الصحف تطرق أبواب المسؤولين وهم اليوم يطرقون أبواب الإعلام، وأكد وجود شراكة حقيقية وحدوث تغيير، وأشار ساتي إلى أن السودانيين استطاعوا عبور المخاطر بالسلمية، ودعا للاستفادة من تجاربنا أكثر من الآخرين بحسن إدارة التنوع لأنه نعمة، ورأى أن المحك هو كيفية إدارته باعتباره مصدر قوة “حوله عجزنا إلى ضعف وحرب وانشقاقات”، وأكد ضرورة أن تكون صناعة القرار جماعية وخلق قوة الجماعة في إدارة البلد دون إقصاء وأنانية، وأكد ساتي أن السلام هدف أساسي واستراتيجي للسياسة التحريرية للصحيفة، وقال “السلام رقم واحد ثم تأسيس دولة المؤسسات”، وأضاف “محتاجين للمؤسسية واحترام القانون”، وأكد ضرورة توصيل قناعة أن الحاكم خادم للرأي العام وثقافة السلام ونبذ كل أنواع العنف باعتباره (خطاً أحمر)، والحرية والديمقراطية في إطارها الصحيح، ووعد بأن تكون الصحيفة عوناً ودعماً للسلام، وأكد ضرورة أن يكون هناك اتفاق على الكليات الخاصة بالسلام، وأن يكون السياسيون على مستوى الحدث ويتم التصحيح أثناء التنفيذ، وقال “نحن معاكم في كل خطواتكم والجريدة جريدتكم”، وأكد أن الصحيفة منفتحة على التصحيح والتشاور حول صناعة حوار ومناخ جاذب واستقرار سياسي.
واختتم اللقاء المدير العام للصحيفة يحيى حامد، مرحباً بوفد الجبهة الثورية، وشكرهم على جهدهم وصبرهم، ونوه إلى أن الصحيفة كانت حريصة والأكثر اهتماماً وترحيباً بقضية السلام، وقال إنها صحيفة السلام، وياسر عرمان أحد كُتّابها، وقال إن السودان بحاجة إلى عودة من هم في الخارج، وتمنى استمرار التواصل.