عبد الواحد محمد نور لـ(الصيحة):
سأعود قريباً لطرح مبادرتي من الداخل
ما نسعى إليه هو إعادة هيكلة الدولة السودانية
لا نريد حق تقرير المصير ومتمسكون بالسودان الواحد
نسعى لإزالة الأسباب التي تجعل الناس يفكرون في حق تقرير المصير
إذا وصلنا للسلطة سنُطبّع مع إسرائيل
أعترض على ما تمّ بجوبا وهو لا يمثل البنية الهيكيلة للعملية السلمية
اتفاق جوبا ثنائي انتهى بمحاصصات
تقسيم المسارات غريب.. نحن دولة وليس قارة
نريد الجلوس جميعاً كسودانيين لوضع حلول وصنع حكومة مستقلة
هناك بصيص أمل بالذهاب للعملية السلمية دون قيود أو شروط قريباً
أعلن رئيس حركة/ جيش تحرير السودان عبد الواحد محمد أحمد النور، أنه سيجلس قريباً للعملية السلمية، ورهن ذلك بوجود إرادة حقيقية، وقال إن الجلوس سيكون إلى طاولة لمناقشة أزمة السودان مع الشركاء في الحكومة ومناقشة الأزمة منذ 1956م، وأكد في حوار لـ(الصيحة)، اعتراضه على الاتفاق الذي تم توقيعه في جوبا عاصمة جنوب السودان، ووصف ما تم بأنه اتفاق ثنائي وانتهى بمحاصصات، ووصف تقسيم المسارات بـ”الغريب” وقال “نحن دولة وليس قارة”، وأبدى عدة آراء حول الراهن في ثنايا هذا الحوار:
حوار- فاطمة علي
* اتفاق السلام الذي وقع في جوبا مؤخرا لم يشمل كل الحركات وعلى رأسها الحركة الشعبية- شمال جناح الحلو وحركتكم، ما هي أبرز تحفظاتكم على اتفاق جوبا، ولماذا لم تكونوا جزءاً منه؟
في الواقع ليس تحفظاً بل اعتراض على ما تم التوقيع عليه، فهو لا يمثل البنية الهيكلية للعملية السلمية، لأنها إعادة لكل الاتفاقيات السابقة، هناك أناس يحملون سلاحاً وفي النهاية يتم اتفاق ثنائي لا يخاطب جذور الأزمة السودانية التاريخية، إذاً لماذا حملنا السلاح وهو جوهر ما نطلبه.
* ما الذي منعكم من أن تكونوا جزءاً من المحادثات التي انتهت باتفاق جوبا؟
هي اتفاقيات مصممة ثنائية منذ اتفاق أديس أبابا إلى اليوم تنتهي بمحاصصات لا تخاطب مشاكل المواطن السوداني.
* السودان يدخل مرحلة جديدة بعد سقوط البشير، والوسطاء والمراقبون الدوليون يرون خطوات إيجابية إلى الأمام بهذا الاتفاق؟
في الواقع عملية السلام في السودان ليست لها علاقة برؤية الخبراء الدوليين، والخبراء هم من الذين صنعوا (46) اتفاقية “سي بي أي” اتفاقية السلام الشامل والمنطقتين وبروتوكول أبيي، نحن أعلنا مبادرة يجتمع فيها كل أطراف السودان العسكري والسياسي والمدني والشفاتة والكنداكات والجيل الراكب راس، لنجلس جميعاً لنرى ما هي أسباب الحروب في السودان كله، وما هي الحلول، ثم نصنع حكومة من مستقلين وليست حكومة سياسيين، وكل المشاكل من العمل السياسي.
* إذن اعتراضكم على الحكومة الموجودة، أم على عملية السلام في دارفور وغيرها من المناطق؟
أولاً: هل أزمة ومشاكل السودان بالتجزئة؟، نحن بلد واحد لا يمكن تقسيم المشاكل لمسارات هذا دارفور وهذا جبال نوبة، ما هذا؟ نحن دولة وليس قارة.
* ما هي شروطكم لبدء محادثات، بجانب المبادرة التي وضعتموها؟
لا نضع شرطاً، لكن أن يكون هناك سلام ولابد من وجود أمن للمواطن وسلام في الأرض، وإيقاف الاقتتال في كل البلد.
* هل لدى حركة تحرير السودان خطوات عملية يمكن البدء فيها مع الحكومة للوصول إلى سلام على أرض الواقع؟
نرى أن الحلول ليست بين حركة تحرير السودان والحكومة، وإنما الجلوس كسودانين إلى طاولة واحدة حتى يستطيعوا أن يطرحوا مشاكلهم وأزمتهم منذ 1956م حتى اليوم.
* أليس من الأفضل أن تصبحوا جزءاً من الاتفاق الذي قامت به الحركات المسلحة لتوفير دعم مالي ودمج جيش واحد، ويمكن أن توفر دعمًا مالياً لمناطق معينة، أليس خطوة للأمام؟
هذه الخطوة قامت بها “اتفاقية السلام الشامل” من قبل واتفاقية “أبوجا والدوحة”، الحل ليس في الدعم المالي المتجزئ، بل الحل في الجلوس كشركاء سودانيين حقيقيين جميعاً في دولة الشراكة الوطنية ووضع حلول كشركاء نتوافق عليها.
* متى يجلس عبد الواحد للتفاوض؟
قريباً جدًا، نحن كانت تمنعنا (كورونا)، والآن هناك بصيص أمل وأن نذهب للعملية السلمية دون قيد أو شرط، فقط نعتمد على إرادة الشعب السوداني.
* كيف تنظرون إلى السلام بعد وصول وفود الحركات المسلحة إلى الخرطوم للانخراط في تنفيد الاتفاق الذي تم توقيعه بين الحكومة والجبهة الثورية؟
حتى يكون هناك سلام دائم لا بد أن يبدأ من بسط الأمن أولاً على الأرض، ونزع أسلحة الميليشيات والقبائل التي سلحتها الحكومة السابقة، ثانيًا هناك قبائل في دارفور تم استهدافها بطريقة منظمة مورست عليها الإبادة الجماعية والتطهير العرقي من قبل حكومة البشير وأركان نظامه المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية، هذه القبائل تم طردها من أراضيها، ويجب أن تعود لأراضيها، وإبعاد المستوطنين الجدد، ثالثاً منح هذه القبائل التعويضات الجماعية والفردية، وتسليم المجرمين للعدالة الجنائية، وهذه ليست شروطاً وإنما حقوق.
* إذاً ليست هنالك شروط للتفاوض؟
الحركة ليست لديها شروط للتفاوض، لكنها ترى أن تتم عملية السلام من داخل البلاد، بمشاركة كل الأطراف، وأن تكون جلسات التفاوض في كل أنحاء السودان، حتى تدرك العقلية الحاكمة الإشكالات التي يعاني منها المواطنون في الأطراف، ما نسعى إليه هو إعادة هيكلة الدولة السودانية، ومبادرتنا تحمل كثيراً من التفاصيل، وسأعود قريباً لطرح مبادرتي من الداخل.
* ما ردكم حول طرح عبد العزيز الحلو بفصل الدين عن الدولة؟
حركة عبد العزيز الحلو تطالب بحق تقرير المصير في مناطقها بجنوب كردفان والنيل الأزرق، إذا لم يتم فصل الدين عن الدولة، لكن حركة عبد الواحد لا تريد حق تقرير المصير، ومتمسكة بالسودان الواحد، دارفور أكبر من نصف مساحة السودان ولا يوجد أفضل لنا منها حتى ندعو لتقرير المصير، نحن نقدر موقف الحركة الشعبية، ولكن نختلف معها، نريد أن نزيل الأسباب التي تجعل الناس تفكر في حق تقرير المصير.
نحن من أوائل الفصائل التي وضعت آراء واضحة حول قضية فصل الدين عن الدولة، ودعت لسودان علماني ديمقراطي، وحركة تحرير السودان حركة سياسية موجودة في كل أنحاء السودان، وهي التنظيم الوحيد الذي نظم قبل جائحة (كورونا) عشرات الخطابات الجماهيرية في كل السودان، حضرها آلاف من المواطنين، كنت أخاطب تلك اللقاءات عبر الهاتف، وكذلك قيادات الحركة مباشرة على الأرض.
* لماذا ما زلتم خارج البلاد؟ ومتى تجلسون للتفاوض؟
أنا كرئيس للحركة وبعض القيادات موجودون في الخارج بناء على طلب القيادة الداخلية، وعودتنا شيء طبيعي جداً، جائحة (كورونا) أخرت عودتنا، لكن نحن حتماً عائدون، ونحمل معنا مبادرتنا للسلام الذي نحلم به ولا يتحقق من خارج السودان.
مثلما حملنا السلاح بشجاعة وواجهنا النظام المعزول الذي مارس علينا الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم الحرب، سنعود وبالشجاعة نفسها حاملين معنا مشروعاً وطنياً شاملاً، ونحن أكثر جدية للبحث عن السلام، وفي الوقت نفسه لا نبحث عن مناصب، ما نسعى إليه تأسيس دولة مؤسسات، تزيل أسباب الحرب والاحتقان والغبن للأبد.
* كيف تنظرون إلى قضية التطبيع مع إسرائيل مقابل رفع اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب؟
إن التطبيع مع اسرائيل أمر يخص الحكومات، ولكن نحن إذا وصلنا للسلطة في السودان، سنطبع علاقات السودان مع إسرائيل أسوة بالفلسطينيين، ونساعد الإسرائيليين والفلسطينيين ليعيشوا في دولتين متجاورتين بسلام وأمان، لو وصلتُ للسلطة فإن مصالح السودان ستكون أولاً لخدمة الشعب، وهذا لا علاقة له بالخارج، بل من وحي المصالحة مع الذات.