عرف السودانيون أنهم شعب وفي يحمل في قلبه امتنان لكل من يقدم له صنيعة حتى ولو ابتسامة.. إنسان مسكون بالوفاء ومعطون بماء الجمال الذي يستفز فيه كل عروق ونبضات الإحساس بالبهاء في الآخر، السوداني بلاشك إنسان مدهش وكريم يحفظ الجميل..
ولذلك دائماً ما تطالعنا منشورات وفاء باسم روابط بالجامعات والمدن من أجل إنسان منطقتهم.. أو قوافل من أجل الصحة والتعليم.
منشورات ولوحات مضيئة بالوفاء وبألوان التفاؤل لأجل الخير، لا تتوقف مع استمرار دولاب الحياة.
وهذه تتداخل فيها عوامل كثيرة ربما أعظمها اتضاحاً للعيان “عبقرية المكان” التي بلا شك هي التي شكلت الشخصية السودانية سهلة الفهم طلقة المحيا، عصية الانقياد والخنوع والهزيمة.
استوقفني منشور جمالي من أبناء ولايتي جنوب كردفان وغرب كردفان وتحديداً من خريحي مدرسة “تلو الثانوية” من الولايتين..أكدوا في مبادرة خريجي مدرسة تلو بأنهم مجتمع يتسامى فوق القبلية والجهوية ومستمسكون بقيم الحرية والسلام والعدالة.. والهدف والرسالة تنمية روح التعايش السلمي، والاحترام المتبادل بين جميع سكان وأثنيات الولايتين، وبناء جسور التفاهم والتواصل والحوار ونبذ العنف والتمييز والكراهية، رسالة وحدها تمثل لوحة للأمن والسلام.
معروف للكل الأزمة التي تمر بها الولايتان بالمنطقة والتي وضعتها في خانة مناطق نزاع وجعلت المنطقة تعيش ظروفاً استثنائية من ناحية سياسية وأمنية بالغة التعقيد بسبب الحرب التي دارت رحاها منذ ثمانينات القرن الماضي، وأدت إلى إضعاف البنية الاجتماعية إلى حد كبير.
وعندما أتحدث عن كردفان الكبرى لا يستقيم الحديث إلا بذكر نفر كريم له إسهامات سودانية في كل مجالات الحياة بالتأكيد سنعجز عن ملاحقتها.
ومن فضائل الدنيا أن أتعرف بالبروفسير أبو القاسم قور علاقة زمالة وصداقة امتدت زهاء الثماني سنوات بالعمل في ميدان حقوق الإنسان بالمفوضية القومية لحقوق الإنسان، وصداقة صارت أسرية أضيفها الى زمالتي بالأخ الاصغر محمد قور بجريدة ألوان الحق، الخير، الجمال،. وبروف قور يحمل مخزوناً لإرث منطقته ولاية غرب كردفان بكل زخم الزعامة والقيادة والريادة، ودائم الحديث عنها وزادته الرابطة الثقافية بالمنطقة، التخصص الأكاديمي في ثقافة السلام وفض النزاعات والفلسفة، وعلم الجمال، ولاحقاً مجال حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، وهذا المجال العدالة الانتقالية هو الذي جمعني أكاديمياً مع البروف، فهو الملهم لي لنيل الماجستير في برنامج العدالة الانتقالية، والآن التخصص يمتد في نفس المجال لدراسة الدكتوراه. وأخطر ما في المبادرة لخريجي “ثانوية تلو ” هو برنامج العدالة الانتقالية.
ونعود “لثانوية تلو” الجميلة وشبابها..
من الأشياء الغريبة أن يكون أستاذي بدبلوم التربية بالدراسات العليا البروفسير كبشور كوكو، وهو كما حكى لي الإعلامي والمك الوزير الصديق داؤد أبو كلام
كان من أول دفعة امتحنت من مدرسة تلو الثانوية وكانت في عام 1972م. ونتيجتها كانت ضمن المدارس العشر الأولى على مستوى السودان. كما أن ثاني السودان كان من تلو وهو الطالب في ذاك الوقت حاج موسى كوكو. ومن دفعة 72 الدكتور كبشور كوكو والدكتور الضاي نوار والفريق جرهام.
ومن هؤلاء الطلاب الأفاضل الذين ما زالوا يخدمون وطنهم في شتى المجالات اللواء شرطة عبد السلام موسى الزبير والبروف عقب حامد عقب، والبروف عجب الدور. والفريق شرطة عثمان يونس.. ومن هم في قمة الهرم السياسي السيادي الفريق كباشي والبروف تاور..
وهؤلاء جميعهم أعلام.. وفي اعتقادنا أنهم قادرون على الخروج من مطبات أزمة المنطقة بسلام آمنيين..
ونعود فالحديث ذو شجون..