الشاعر إسحاق الحلنقي يحكي لــ (الصيحة)
أمطرت السماء فرحاً بهذا السلام المنتظر
الشاعر أصبح مشغولاً بصفوف العيش وأبسط مقومات المعيشة
الإبداع كان يحمل صفة حلاوة الأزهار أما اليوم فيحمل صفة قسوة الأشواك
حوار : عفراء الغالي
في الفترة الأخيرة شهدت البلاد ركوداً في شتى المجالات، من بينها المجالات الفنية بمختلف مكوناتها، بل أكثر من ذلك تأثير المفردة الشعرية على الأعمال الفنية، وتبقى الكلمة سيدة الأغنية السودانية، التى تعود إلى الشاعر صاحب الإحساس المرهف والعالي والذي تأثر مؤخراً بالعديد من الظروف والكوارث التي مرت على البلاد، إذ أن الوضع الاقتصادي والظروف الصعبة التي مرت بالمجتمع السوداني سبب لدى الشاعر يؤثر بلا شك في أفكاره ومزاجه .
في حوار (الصيحة) مع سفير الحب والجمال الشاعر إسحاق الحلنقي فماذا قال:
*في البداية ما رأيك في الركود الذي تشهده الساحة الفنية؟
الركود الذي تشهده الساحة الفنية بالنسبة لي مؤلم جداً ولم يحدث من قبل ولم تشهده البلاد وأعتبره ركوداً مرعباً.
*برأيك ما سبب غياب الأعمال الفنية ذات القيمة الكبيرة عن الساحة؟
ترجع أسباب غياب الأعمال الفنية إلى الوضع السيئ الذي يعيش فيه المبدعون والسودان عامة، أضف إلى ذلك كيف يكون التفكير وإخراج أفضل الكلمات في ظل الضغط الاقتصادي، فهو له دور كبير فلا يمكن للفنان أن يبدع وهو يعيش ضغوطاً صعبة، وينصب تفكير معظم الناس في توفير متطلبات الحياة البسيطة.
*هل هنالك اختلاف بين الأمس واليوم في مزاج الكتابة؟
الساحة اليوم تشهد تراجعاً كبيراً، وفي الماضي كانت الأغنية عروساً متوجة بالفضيلة، ولكن الآن أصبحت مجرد ذكرى للأيام ، إذ أن الاختلاف كبير وزمان كان الإبداع يحمل صفة حلاوة الأزهار، وأما اليوم فيحمل صفة قسوة الأشواك .
*ما هي قراءتك للساحة الفنية اليوم؟
الساحة الفنية اليوم تعيش في حالة موت بطيء بغرفة الإنعاش تحتاج إلى إسعافات سريعة للنهوض مجدداً، وهي في حالة غياب تام.
*لماذا قلّ المنتوج الفني للشعراء؟
قلّ المنتوج الفني للشعراء والفنانين عامة في ظل الأوضاع التي تعيشها البلاد، وأن الشعراء قلة، أو يكون يكاد قد توقف بسبب الضغوط التى يعيشها الشاعر من صعوبة الحياة في الحصول على أبسط مقوماتها كالرغيف إضافة إلى الغلاء الفاحش الذي يشهده السوق، كل تلك المقومات قادت إلى قلة الإنتاج (فالشاعر راسو بقى مشغول بصفوف العيش وأبسط مقومات المعيشة).
*هل نقول إن المجتمع السوداني لم يعُد كما كان من قبل وما هي رسائلكم وما دور الغناء والشعر في هذا الإطار؟
المجتمع السوداني يعيش أصعب الظروف ويمر بمرحلة صعبة جداً تتطلب من الجميع القوة لتخطي تلك الظروف وأن بالحب والإخاء والتعاون والمشاركة والتماسك يمكن أن يخرجنا إلى بر الأمان، وأن الحب أقوى سلاح وداعم للعمل الطوعي، وأتمنى من كل السودانيين أن يجتمعوا لخدمة البلاد، وأن يكون إحساسهم واحد لمقاومة الظروف.
*هل كتب الحلنقي للثورة؟
نعم، كنت من ضمن المشاركين في ثورة شعبي المجاهد الصبور الرائع، وكتبت من أجلها العديد من الأغاني (أنا ثورة التغيير، حرية سلام).
*لديك مبادرات طوعية حدثنا عنها؟
مبادراتي هي مبادرات جمالية، وحبي للوطن أولها، وأنا أعمل في صناعة الابتسامة والكلمة منذ الصغر وأعتبرها أكبر مبادرة يمكن تقديمها للسودان.
*كلّمنا عن آخر أعمالك؟
هذا الأيام عاد النشاط الفني للساحة الفنية، وبدأ عدد من الشعراء والفنانين في البروفات وتقديم الأغاني التي سوف تغزو سوق الميديا قريباً، وأعمل حالياً في تقديم عدد من الأغنيات للسلام، منها أغنية السلام كلماتي وأداء الفنانة رؤى محمد نعيم، ومن ألحان أحمد المك.
* صف لنا شعورك عند مشاركتك في احتفال توقيع السلام بجوبا؟
سافرت إلى جوبا للمشاركة في حفل التوقيع النهائي للسلام، وكانت لحظة تاريخية وهي أجمل أربعة أيام قضيتها، منذ لحظة الاستقبال وحتى مغادرتي برفقة عدد من المبدعين، سعادتي وأنا أقف متأملاً الآلاف من الجماهير يشهدون ساعة توقيع اتفاقية السلام بين الأشقاء بمدنية جوبا، وتاكدت تماماً أن ثورة ديسمبر هي في الأصل ثورة الشمس على الظلام، وهي ثورة أحالت الرصاصة القاتلة إلى حمائم تغرد بالمحبة، فهنيئاً لنا بها وبالأيام القادمة كلها حرية مشرقة وسلام مستدام وعدالة متوجة .