الغالي شقيفات يكتب : مِن صَف الوقود!!
تشهد ولاية الخرطوم، أزمة حادة في الوقود، حيث ينتظر المواطنون في طوابير وصفوف طويلة لمدة يوم أو يومين للحصول على الوقود، وفي أحيان كثيرة لا يجد ويعود بخفي حنين كما حدث للزميل جمال الكناني أمس الأول، وهذه الأزمة تَسَبّبَت في إغلاق الطرق بالطوابير الطويلة وانعدام المُواصَلات العَامّة وتعطيل المطاحن، وأصبح المُواطن يعيش ضُغُوطاً نفسية لأنّه يضطر للبقاء في الطلمبة ويترك أسرته ويتأخّر عن عمله ويكون غير قادر على الإنتاج اليومي لمُقابلة مُتطلبات أسرته، وبهذه الأزمة يصبح التنقل صعباً جداً على المُواطنين، وفي حالة الظروف الطارئة يضطر لدفع أجرة مُضاعفة، فالمشاوير ارتفعت بنسبة مائة بالمائة، وكثرت المُشاجرات بين المُنتظرين في الطوابير للحصول على الوقود، يتخلّلها استخدام العُنف والشتائم، وهذا كلُّه نتيجة لضعف التنظيم وغياب الشرطة وعدم تقيُّد البعض بالانتظام في الصف!!
أمس، اضطررت للمبيت في طلمبة النحلة بشارع ٦١ العمارات بعد أن اصطفيت في طابور طويل يبلغ طوله أكثر من ثلاثة كيلومترات، وجاء الزميل علي البصير سكرتير التحرير متفائلاً “بالتفويل”، وترجّل عن سيارته وسار مسافة طويلة، وعجز عن تحديد الصف وعاد بدون وقود في وقت متأخرٍ، حاله مثل كافة الموظفين في بلادنا يكابدون طوال اليوم ومن ثم يذهبون لصفوف الوقود والرغيف، وبَعد هذا كله تجد جهات في قوى الحرية والتغيير تتحدّث عن افتعال الأزمة ورفع الدعم، ولم تجد رواية رسمية إلى الآن لأسباب الأزمة، والمُواطن الذي أرهقته فواتير الإيجار ولقمة العيش، وتُضاف إليه أزمات أخرى كالوقود والغاز والرغيف، وهي أبسط مقومات الحياة والعيش الكريم، وانعكست هذه الأزمة سلباً على المواطن السوداني، وبدلاً من أن يُفكِّر في الإبداع والتطوُّر، تجده يفكر في توفير سُبُل المعيشة ويفرح عندما يجد كيس الرغيف أو أنبوبة الغاز، وهذا لعمري طُمُوح مُتدنٍ للغاية وفضيحة، ويقولون إنّ إنتاج البلاد من البنزين في السودان يُغطِّي٧٠ بالمائة من حوجة البلاد، وإنّ البلاد تستورد ٦٠ بالمائة، هنا مُعادلة مفقودة إذن، ما هي أسباب الأزمة وماذا يفعل المواطن مع انهيار العُملة وارتفاع التّضخُّم؟ وهذه الأزمة تزيد من حِدّة المصائب التي يُعاني منها المُواطن وتُساعد في انتعاش السُّوق السَّوداء والتّهريب.. وفي السابق كنا أحياناً نسمع المُبرّرات من الحكومة على شاكلة توسعة المصفاة أو عُطلٍ بمصفاة الخرطوم للبترول أو رسائل مطمئنة على شاكلة وصول كميات لميناء بورتسودان، ولكن الآن لا يوجد مسؤولٌ يتحدث عن الأزمة!!
والسيد مدني عباس مدني لا يتحدّث عن مُعاناة المُواطنين والأزمة الاقتصادية، وانعدام السِّلع الاستراتيجية وكأنّ الأمر لا يعنيه في شَئٍ، وهذه النواقص من صميم عمله، وفي الوقت الذي تمتد فيه طوابير السّيّارات أمام محطات الوقود، لم تُقدِّم الحكومة أيِّ دعمٍ سوى رفع الدعم وتحرير الوقود، والآن الشعب مُضطر للحصول على الوقود بأيِّ طريقة لتسيير حياته اليومية وتأمين احتياجاته من المواد الغذائية والبترولية، وعليه يجب فتح الطريق الصحراوي مع ليبيا لتأمين ناقلات النفط، لأنّ شُح الوقود بَاتَ هَاجِسَاً يُؤرِّق أي صاحب مركبة أو آلية زراعية تعتمد على الوقود، وحسم الذين يتحصّلون على الوقود بطريقة غير شرعية أو المُتاجرين بها في الأزمات!!
فأنا الآن أكتب من صَف الوقود، انتظاري في الصف أكثر من أربعة وعشرين ساعة، فبالرغم من زيادة تعرفة لتر الوقود، إلا أن الأزمة لا تزال مَاثِلَةً وترون انعكاساتها السَّلبيَّة أمامكم..!