انفتح باب أمل جديد بمشقة بالغة الصعوبه ساعة تم التوقيع على اتفاق جوبا الذي لبى مطالب الفصائل العديدة التي ظل جزء منها عصياً طوال جولات التفاوض الذي امتد لما يقارب العقدين دون الوصول الى لحظة تراضٍ مشترك يقود لمرحلة جديدة أهم سماتها خلخلة البنية التي سادت سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وفنياً منذ الاستقلال، لكن ذلك لن ينطبق على تلك اللحظة الجديرة إذا انعقدت على المحاصصة والوظائف وفح الغبائن وتكريس التمكين على أساس جهوي لأنها بهذا المعنى ستكون مؤقتة لأنها نهلت من ذات الينابيع الآسنة القديمة.
باب الأمل ينفتح إذا صاحب السلام حوار وطني عميق يتوجه بكلياته نحو سودان موحد بثقافات متعددة في ظل ثوابت مقدسة ومرجعيات راسخة يتم الاحتكام لها بتوافق الجميع .
هذا هو المخرج السياسي والأخلاقي الذي بمقدوره أن يصمد ويجتذب الفصائل التي لم توقع على اتفاق جوبا لأنه يجردها من اي حجة في ظل دولة يحكمها وفاق سياسي تقوم اعمدته على حرية الرأي وديمقراطية النهح واستقلال القضاء وتنافسية الوظائف وسيادة العدالة بقوة القانون وبسطوة صحافة مهنية عالية التجويد تضيء وتشتعل .
هذه فرصة نادرة قد لا تتكرر مرة ثانيه تتحقق من خلالها جملة من الشعارات العزيزة والمعاني الوطنية واختبار الإرادة ومن تلك بناء بلادنا من جديد بعزم يوكد عمق محبتنا لترابها والإخلاص لأهلها الذين نزفت أمانيهم وتضاءلت وانخفض سقفها من اللحاق بالامم إلى اللحاق برغيفة !!! وأصبح إنسانها مهزوماً ومخلخلاً ويائساً وتبدد إحساسه بالوطن وماتت في دواخله ومضة الانتماء.
شعب خذله كل قادته وكل من توسم فيه الخير فأضحت الفجيعة هي الثابت والمتحول تجدد العشم الذي غالباً ما يقود لفجيعة أخرى!!!!
كلما رمى شباكه للبحر عادت إليه الشباك مليئة بالموج بدلاً عن السمك، وكلما وجه نظره نحو الأفق البعيد أصابته الغشاوة وكلما فتح فمه امتلأ بالذباب!!!
أساء السياسيون له بقدر ما أساءت لهم أفكارهم التي يهزمها الواقع كل يوم. أوهام نرجسيات يجددها كل جيل سياسي انبثق من ذات الينابيع بنفس المفردة والعبارة والخطل.
أمام قوى جوبا فرصة جديدة للاندماج القومي ونزع القبلية وصهر الثقافات السودانية وشق الأرض وتعزيز الكبرياء وتصحيح المسار الديمقراطي بتعميق جوهر الديمقراطية لإنتاج شراكة جديدة تهدي لهذا الشعب طاقة كهرباء وخيط ماء وشهوة رغيف.