حسن فضل المولى يكتب : ورحل محمد شريف.. العفيف ..
إن الذي تَعَوَّد أن يجود بإبتسامته الوضيئة، وكلماته المُعَبأة بالمحبة ، ونظراته المُفعمة بالحيوية،، آثر أن يفجعنا ، وهو يجود بنفسه ، ويُدرك الموتَ باكراً فيرحل ..
وما أمرَّه من رحيل وأقساه ..
أن يرحل( محمد شريف ) !!
وإنا لعلى فراقه لمحزونون محتسبون ..
لقد كان نعم الأخ ،لِمَن آخى .
ونعم الرفيق، لمن جمعه وإياه الطريق .
ونعم المأمول ، عندما يحْزبُ الحالُ ويَضِيق .
وكما كان يجسد في حياته معاني
الطُهر والإستقامة والنبل ،،فإن بموته تحيا ألفُ فضيلةٍ عمِل لها ، وتحتشد
في نفوسنا تلك المعاني القاصدة ،
التي أوقف لها حياته ، وعاش لها
وبها ومن أجلها ..
إن ( محمد شريف ) للذين يعرفونه ،،
كان محمودا وحميدا وحامدا ،
وحمّالاً لما ائتمن عليه ، واسْتُحْفِظ
من واجبٍ وتكليف..
تجده حاضراً حيث ينبغي أن يكون..
نافعاً ومشاركاً ومؤازراً،،
بكل ما أوتي من قوة وصبر ..
وتفتقده في مواطن المِراء والنفاق والزيف، والأسواق التي تُباعُ فيها المُروءات وتُشترى..
كان إذا جمعك معه عمل ،،تجده
يُخْلِص فيه ، ويبُدي من الحرص
أشدّه ،،
وعندما يَحِينُ أوانُ القِطاف يتوارى
ولا يسأل عن حقٍ مُستحق ..
وكما كان طيب المخبر ،،
فقد كان طيب المظهر ، فلا يُرى
إلا وهو في أبهى صورة وأزهاها ،
إذ كان يرتدي من الثياب ما يشي
عن نفسٍ تعشق الألوان وتتخذُها
قُرُبَاتٍ في حرم الجمال ..
كنت كثيراً ما أجده كالفراشة ،،
يُحلِق هنا وهناك ، وكأن له أشباه ونظائر ..
والآن أيقنت أن فقيدنا ، كان يُدرك
أن عمره لن يطول ، فأراد أن يفعل
كل ماوَسِعه الفعل ، وأن لا يغادر
الدنيا ، إلا وهو قرير العين بأن قدم
كلما قدِر عليه ..
ومرات كثيرة يفاجئنا أحبة لنا
بالرحيل ، وهم ملأ أسماعنا وأبصارنا ، بصنيعهم وبلائهم ، وعندما يواتينا رُشدُنا ، ونتأمل في سيرتهم وكسبهم ، نُوقِنُ أن من هم مثلهم لن يُعَمِّروا
طويلا، فهم أبناء ( الفُراق ) ..
وهكذا كان ( محم شريف ) ..
وهؤلاء عندما يرحلون ، نتمنى
أن لوتمهلوا قليلاً ، حتى نأْنَسَ إليهم ، ونَتَمَلى فيهم ،وننتفع بهم ، ونبذل
لهم صافي المحبة و الوِداد ..
ولو كنا نعلم الغيب لاستكثرنا
من خيرهم ..
ولكن هكذا يشاء الله ..
وإني لأعرف للفقيد من المواقف النبيلة ، والأيادي البيضاء ،، مايُقَرِبُ
إليه ويُحبب فيه ، ويجعل فراقه أليماً موجعاً..
ومن على البعد ..
أعزِّي فيه نفسي ، وأهلَه ،وذوي مودته ..
والحمدلله على كل حال ومآل ..
و( إنا لله ، وإنا إليه راجعون )
اللهم إني أرجوك له ، وأخافك عليه ،
اللهم فحقق رجائي فيه ،
وآمن خوفي عليه …..