التوقيع النهائي.. ثم ماذا بعد؟!
تقرير- النذير دفع الله
أمس “السبت الثالث من أكتوبر”، اتجهت كل أنظار الشعب السوداني والعالم إلى جوبا حاضرة جنوب السودان، لتتابع باهتمام وحرص بالغيْن مراسم الاتفاق النهائي للسلام بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية السودانية المتمثلة في حركات الكفاح المسلح والفصائل الأخرى، تملؤها آمال عراض بتحقيق الاستقرار والأمن والسلام لوطن أنهكته الحروب ودمرته سياسة النخب المنفعية وطالته أيادي المنتفعين وأصحاب الضمائر غير الوطنية، ولكنه الآن بدأ ينهض ويعود من براثن الوحل وجب الفقر إلى سماء الحرية والسلام والعدالة بعد أن خاض أبناؤه أعظم وأكبر ثورة عرفتها الأمم في التاريخ الحديث والقريب, حيث ارتبطت الآمال وتعلقت النفوس بيوم أمس باعتباره يوم السلام الذي تطوى فيه صفحة من صفحات المعاناة والتهميش وتفتح فيه أبواب التسامح والتعافي والتكاتف والعدالة للمضي نحو سودان جديد يؤسس لكرامة الإنسان وصيانة حقوقه وتطلعات أبنائه ليعود لركب الأمم بالتنمية، مستنداً على صدق النوايا وصيانة العهود والاتفاقيات والوطنية ليكون ما بعد سبت السلام هو بداية المشوار نحو الأفضل ودعوة خالصة للمتخلفين عن قطار سلام الشعب أن يلحقوا به في أول محطة قادمة.
نقلة إستراتيجية
ياسر عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار، أكد أن التوقيع على اتفاق السلام سيُحدث نقلة استراتيجية في إكمال مهام الانتقال وثورة ديسمبر المجيدة.
وأوضح في تصريح صحفي بمدينة جوبا عاصمة دولة جنوب السودان، أن السلام قضية رئيسية من قضايا الشهداء والشعب، بجانب كونها قضية رئيسية للاقتصاد والعلاقات الخارجية والاستقرار السياسي، وشبّه ما تم من إنجاز في قضية السلام بتحريك جبل كامل، وأشار إلى أن وجود عدد من حركات الكفاح المسلح مجتمعة في اتفاق واحد للسلام لم يستطع النظام السابق تحقيقه في ثلاثين عاماً.
وأكد عرمان أن ما يحدث الآن سيفتح الباب واسعاً لإكمال عملية السلام بشكل نهائي وسيؤسس لنقلة جديدة في المرحلة الانتقالية، وطالب باستخدام السلام على نحو استراتيجي وليس تكتيكياً لرسم ملامح جديدة وإيجاد كتلة قوية فاعلة وداعمة للمرحلة الانتقالية، كما طالب أيضاً بضرورة التركيز على تحسين معاش الناس وتحسين الاقتصاد والاتجاه نحو إعادة الوجه المنتج للريف السوداني .
كسر الجمود
وقال رئيس مفوضية السلام البروفيسور سليمان الدبيلو في حديث لـ(الصيحة)، “إن الضامن الوحيد لعملية السلام التي تمت بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح هو ربنا لكننا بمشيئته متفائلون، فإذا ما وفقنا في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وبمشاركة فعلية من كل الأطراف التي وقعت على السلام ستتحول جهود الحرب للإنتاج والبناء”.
وأضاف الدبيلو “عندها سيجد الجميع أنفسهم مشاركين، الأمر الذي سيملي على كل من حمل السلاح سابقاً أو ما زال، الانخراط في عمليات السلام، وهذه هي الضمانة الوحيدة لدينا بعون الله”.
وقال إن آمال الشعب الذي عانى الكثير قبل تفجير ثورة ديسمبر وما زال وصبر كثيرًا بعدها ستتحقق في الحرية والسلام والعدالة بإذن الله. وأكد أن السلام سيفتح للبلاد أفاق فرص اقتصادية واستثمارية كبيرة نظراً لأن توقيع السلام وتطبيقه على الواقع سيؤدي إلى كسر جمود علاقة السودان مع المجتمع الدولي، الأمر الذي سيفتح معه المجال واسعاً للنمو الاقتصادي والتنموي، وقال “سنرى تسارعاً في انخفاض الدولار مما سينعكس ذلك على تخفيف معاناة المواطن السوداني”.
استمرار الثقة
ولدى حركات الكفاح المسلح نظرة واضحة بشأن عملية تنفيذ وتطبيق ما اتفق عليه اليوم، وأوضح أمين الأمانة الإعلامية لحركة جيش تحرير السودان محمد حسن أوباما لـ(الصيحة)، أنهم بعد التوقيع النهائي على عملية السلام والاتفاق بين الأطراف سيتجهون مباشرة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بناءً على المصفوفة الزمنية المتفق عليها من قبل كل الأطراف، وقال “سنجعل السلام واقعاً يعيشه كل أبناء الوطن”.
وأشار أوباما إلى أن الهم الأول بالنسبة للحركات ولهم في جيش تحرير السودان هو أن يعود النازحون واللاجئون إلى قراهم، بل والعمل على توفير الأمن في كل المناطق التي توجد بها تفلتات، وأكد أن الجميع سيعمل بكل جهد وتفانٍ على أن يستقر الوطن بكل جوانبه ونواحيه الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
وشدد أوباما على أن الضامن الوحيد لعملية السلام والاتفاق هو استمرار الثقة بذات الطريقة التي بدأ بها التفاوض، فضلاً عن الإرادة والعزيمة، وأوضح أن هذه الحكومة هي حكومة ثورة وأن قوى الكفاح المسلح ساهمت في هذه الثورة بتقديمها أرواحاً من جنودها، لذا وجب وبالضرورة على الجميع المضي بكل ثبات وإصرار لتحقيق وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وقال “هذا لا يثنينا عن الاستمرار في تقديم الدعوات للرفيقين الحلو وعبد الواحد حتى تكتمل الحلقة المفقودة من عملية السلام”.