تقرير: صلاح مختار
يبدو أن السباق نحو مبنى القيادة بات أحد الركائز الأساسية في الكثير من الخطب السياسية لدى المدونين وفي الكثير من المناسبات صار ذلك واضحاً. ولعل حديث رئيس المجلس السيادي الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان يصب في هذا الاتجاه، حيث قال البرهان في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاقتصادي إن سواعد الشباب ستبني البلد، واعتبرهم عز البلاد ومستقبلها. وحيا دور الشباب في الثورة وقال إنهم من أهدونا شعارات (ارفع يدك فوق والتفتيش بالذوق، عندك ما عندك شيل) وغيرها من الشعارات خلال الثورة. وأضاف: نريد استعادة وتطبيق شعار “ابتسم أنت في القيادة العامة”. وسبق أن قالها البرهان انه رهن إشارة الشعب مما فسره البعض أنها دعوة إلى الانقلاب.
إقرار متكرر
المدح السابق يعضده إقرار مكرر من نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو بفشلهم، وأن الشعب السوداني لم يفوّض أحداً ليحكمه وإنما جميعنا “متسلطين”. وقال “حميدتي” في خطاب جريء ” نحنا برضو فشلنا كتير جدًا والبلد دي بالطريقة دي ما بتمشي، لازم الناس تتفق على رؤية تجمع كل الناس، والإقصاء ما بودي بلد لقدام، واستبدال التمكين بالتمكين، الجماعة ديك كانوا بمكنوا ديل جاءوا أشد منهم في التمكين”. وأضاف حميدتي ” من بداية التغيير ظهروا ناس معينة وتسيدوا على الناس وبقت أي حاجة حقتهم هم”. ويرى مراقبون إن كلا الخطابين فيها تكامل الأدوار وأنها تخاطب وجدان الشارع بكل فئاته، وقال مصدر لـ(الصيحة) ـ فضل عدم ذكر اسمه ـ إن كان البرهان امتدح الشباب وردد شعارات الثورة وتعهده بإعادة مقولة ابتسم أنت في القيادة ينسجم مع حديث حميدتي بحث الشعب الذي قام بثورته في التغيير وبالطبع جله من الشباب بالتعبير عن معاناته وعدم السكوت، وأكد أن الحديث فيه تعبير ضمني لهم بأنهم لن يقفوا أمامهم.
زمان ومكان
ونظر المحلل الإستراتيجي الفريق ركن د. محمد بشير سليمان إلى حديث البرهان من زاوية الاستهداف والهجوم الذي أصاب القوات المسلحة من البعض وقال لـ (الصيحة) إن البرهان أراد أن يقول للذين يهاجمون الجيش إن القوات المسلحة باقية لكل زمان ومكان، ويضعون ذلك في الاعتبار، وأنها ستقف مع الشعب السوداني ولن تتركه. وأكد أن ما يقوله البعض عن الجيش ويشككون في ولائه يعلمون أن الجيش يحمي الأمن القومي، وأنه سيكون نصيراً للشعب السوداني. كذلك يستشف من حديث البرهان كما يراه سليمان أن هناك من يضع أمام الجيش الحواجز، ولكن البرهان أراد أن يقول إن القوات المسلحة لا تحمل ضغائن أو أحقاداً على الشعب ولا خلاف بينهم، وأن الجيش والشعب جسد واحد وروح وأهداف واحدة تقوي بعضها البعض في سبيل حماية الأمن القومي.
أخطاء تاريخية
يرى المحلل السياسي المتخصص في الشئون العسكرية د. أبوبكر آدم أن من الأخطاء ووصفها بالتاريخية التي ارتكبتها القوات المسلحة سماها بالكبيرة السماح للمعتصمين الوصول والبقاء في محيط القيادة العامة في ظل وجود اختراق أمني ومخابراتي إقليمي ودولي وجهات أجنبية في ساحة الاعتصام واعتبر محيط القيادة رمزية ومكاناً محرماً فيه الاقتراب لأي شخص ناهيك أن تصل إليه تظاهرات والاعتصام فيه، بالتالي فتح ساحة القيادة للاعتصام يعتبر خطأ تاريخياً. ولذلك القيادة العسكرية لن تسمح بتكرار ما حدث في محيط القيادة أو مرور تظاهرات سواء كانت سلمية أو غيرها حول محيط القيادة العامة، وقال الدليل: على ذلك أن أي حراك شعبي أراد الوصول إلى القيادة العامة منع منها سواء كان الحراك داعماً أو ضد الجيش لن يسمح باعتبار أنها منطقة محظورة. ولكن ما أشار إليه البرهان في خطابه بإعادة مقولة ابتسم أنت في القيادة العامة ليست دعوة لإنتاج ثورة أو تحرك جديد أو محاولة لبث تطمينات، ولكن هي رسالة كما فهمها آدم ربما للاحتمالات المقبلة برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بجانب إعفاء ديونه ودعم الاقتصاد، كلها مؤشرات لعب فيها المكون العسكري دوراً كبيراً إذا تحقق ذلك، وبالتالي يتوقع أن تسير جهات مواكب تأييد ستجد الأبواب مشرعة لاحتضانها في محيط القيادة وهي كما يراه رسالة بأن هنالك واقعا جديداً يتشكل يحتاج إلى للجيش لضمان تنفيذها، ويعلم البرهان أن حملات التشويه والهجوم أصابت القوات النظامية كلها مما يحتاج إلى عمل لإعادة الثقة بين الجيش والشعب في ظل عدم الثقة التي إصابت تلك العلاقة عقب فض اعتصام القيادة الذي زاد الفجوة بين المؤسسة العسكرية والثوار، ويؤكد آدم أن فض الاعتصام شوّه العلاقة وأفقد الثقة بين الطرفين، وما لم يتم الإعلان عن المسؤول عن فض الاعتصام لن تعود الثقة مهما قدم لها من وعود ولا يتوقع أي تقارب بين الطرفين، وقال: هنالك فقدان ثقة وهجوم واضح وممنهج ضد الجيش، ولذلك لن يسمح الجيش بأي تحرك حول محيط القيادة، ولذلك يجد البرهان صعوبة في إعادة الثقة ما لم تتم محاكمة المتورطين في فض الاعتصام.