صلاح الدين عووضة يكتب : كــــم !!
وما زلنا معه..
ونعني الكم دون الكيف..
وربما يحصل لنا – بسببه – ما تغنى به أحمد المصطفى (وكم سكرت… وكم… و كم)..
وهو يقصد السكر جراء سماع كلام المعشوقة..
ولكن شتان ما بين سكر كهذا وآخر يسببه كثرة الاستماع لكلام كله كم… ويمجد الكم..
وعند دراستنا فوق الجامعية كان لدينا أستاذٌ يكره الكم جداً..
ويعيب – أكثر ما يعيب – الكم التراكمي لأوراق بحوثنا في مجالي الماجستير و الدكتوراه..
ويقول ساخراً (ما يقدرش على حملها غير عربة نصف نقل)..
ورغم هذا – يواصل في سخريته – فهي محض كلام فارغ ؛ ما دامت لا تضيف جديداً..
ويضرب مثلاً ببحثٍ لم يزد عن صفحتين..
وقطعاً لم يكن بحثاً عربياً… وإنما غربياً؛ واحتفت به جامعة ذائعة الصيت في أمريكا..
فالمهم الكيف ذو النفع…وليس الكم ذو الرغي ؛ يقول..
ومؤتمرنا الاقتصادي وصفناه أمس بأنه سيكون مجرد كم كلامي بالأطنان…ولا كيف..
وصدق ما توقعناه تماماً ؛ فهل غادر السودانيون من متردم؟..
ثم زاد حمدوك الكم بلة حين أشاد بوزرائه – في سياق دفاعه عنهم – من حيث الكم الزمني..
وقال إنهم يعملون لـ (25) ساعة…كناية عن الجهد..
ولكن السؤال : يعملون ماذا؟… وفي ماذا؟… وما هي نتائج عملهم هذا على أرض الواقع؟..
لا شيء؛ فالمحصلة (الكيفية) صفر كبير..
وربما هم يجتهدون فعلاً ولكن وفقاً لقدراتهم الصغيرة… لا وفقاً لمقتضيات مهامهم الكبيرة..
والطالب محدود الذكاء قد يحاول التعويض بالكم الزمني..
بمعنى أن يستذكر دروسه لساعات طوال… أو فلنقل – بلغة حمدوك – 25 ساعة في اليوم..
ويشيد أهله – كما حمدوك هذا – باجتهاده الشديد..
ثم عند ظهور نتيجة الامتحان تكون مماثلة لنتائج عباس مدني في امتحانات وزارته..
أو بنت البوشي التي تقضي يومها ذا الـ 25 ساعة (خنق)..
أو حمدوك نفسه الذي لا يفتر من التطلع إلى سماء الغرب علها تمطر عليه ذهباً وفضة..
أو عائشة التي تبحث عمن سرق نثريتها المليارية 25 ساعة..
وأكاد أقسم ألا شيء سيتمخض عن مؤتمرنا هذا سوى الكم الهائل من أوراق المشاركين..
وليس هذا تشاؤماً… ولا رجماً بالغيب.. وإنما من واقع قراءة منطقية بسيطة جداً ؛ فالمشاركون هؤلاء – تنظيراً – هم أنفسهم الفاشلون..
وما يقولونه داخل قاعة المؤتمر هو ذاته الذي يقولونه خارجه..
يقولونه 25 ساعة يومياً؛ عبر الصحف… والفضائيات… والإذاعات… والندوات..
وتعبنا والله من كثرة الكم هذا…وكثرة التحذير..
وكم تعبت….وكم..
وكـــــم !!.