المؤتمر الاقتصادي.. خارطة طريق الإصلاح
الخرطوم: رشا التوم
لابد من رؤية إستراتيجية طويلة المدى لمشكلات الاقتصاد
ياسر عرمان: يجب إعادة النظام التقليدي للمصارف
ممثل قوى الحرية والتغيير: ارتفاع معدلات التضخم وسعر الصرف بشكل غير مسبوق
ممثل لجان المقاومة: الشباب هم من وضعوا لبنة حكومة الفترة الانتقالية
ممثل أصحاب العمل: نواجه مشكلات وتحديات ماثلة
انطلقت بالخرطوم أمس أعمال المؤتمر الاقتصادي وسط حشد من قيادات حكومة الفترة الانتقالية وبحضور رئيس المجلس السيادي ودولة رئيس مجلس الوزراء ووزارء القطاع الاقتصادي والخبراء والمهتمين بالشأن الاقتصادي ورجال المال والأعمال والإعلاميين كافة، ويمثل المؤتمر فرصة للحوار القومي بين مكونات الدولة المتمثلة في الحكومة الاتحادية والولايات والحرية والتغيير والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، وينتظر أن يناقش المؤتمر التحديات الاقتصادية الملحة التي تواجه البلاد وصولاً الى توافق تام حول سبل الحل استنادًا على شعارات حكومة الفترة الانتقالية الحرية والسلام والعدالة، وبالتركيز على الشفافية والمساءلة لإحداث الإصلاح الشامل وتهيئة المناخ للانتعاش والتنمية الاقتصادية المستدامة مما يمهد إلى عبور آمن للسودان إلى بر الأمان.
بعث رئيس المجلس السيادي الفريق ركن عبد الفتاح البرهان برسائل مطمئنة للشعب السوداني بإيجاد الحلول الناجعة لمشكلات البلاد وعلى رأسها مشكلات الاقتصاد الوطني، وقال في فاتحة أعمال المؤتمر الاقتصادي القومي أمس إنهم ملتزمون بتحقيق السلام والحرية والعدالة والرفاه للشعب السوداني والذي قاد ثورة عظيمة، مما يجعلنا على ثقة ويقين بأن الشباب قدم تضحيات كبيرة كانت سبباً في ما لمسناه من تطور للفكر والإدراك والتصميم والروح الوطنية وإعلاء قيمة الوطن ويعطينا الأمل ويبعث في نفوسنا الطمأنينة وأقر البرهان بتدهور الاقتصاد الوطني لسنين طويلة وبلغ ذروته الآن وتحمل المواطن ما لا طاقة له بها مما يحتم علينا وإن تأخرنا في ذلك البحث عن العلاج الناجع داخلياً وخارجياً بمعرفة الأعراض وأس المشكلة والبحث في المشكلات البنيوية والإدارية مطالباً بالبعد عن المسكنات المؤقتة تمهيدًا للانتقال إلى مرحلة النمو ووضع رؤية استراتيجية طويلة المدى ذات أهداف محددة كماً وزمناً ومحاربة الفساد إلى آخر مصفوفة العلاج الاقتصادي، مؤكداً وجود فرص للخروج مما نحن فيه من أزمات وتحقيق التنمية المستدامة في كافة بقاع السودان، والعمل على إصلاح ما أفسده النظام البائد من سياسات أقعدت الاقتصاد وضخ روح متجددة في جسد الاقتصاد الوطني وإعادة بناء علاقاتنا الخارجية بما يعزز المصلحة الوطنية، وحيا المؤتمرين وشباب الثورة السودانية واستلف بعضاً من عباراتهم، وقال إنهم أحيوا الأمل عندما توحدوا وهتفوا كل البلد دارفور وعندما تضامنوا وقالوا عندك خت ما عندك شيل، وعندما تسامحوا وجعلوا شعارهم ارفع يدك فوق التفتيش بذوق وارفع إيدك حبه التفتيش بمحبة، ونحن نؤكد أن سواعد الشباب هي من ستبني هذا الوطن وهم عزه وفخاره ومستقبله، وجدد قوله بأن المؤتمر وتوصياته ستجد طريقها للتنفيذ، وزاد نقول لكم نريد أن نعيد مقولة (ابتسم مرحبًا بك أنت في القيادة العامة).
واعتلى المنصة ممثل حركات الكفاح المسلح ياسر سعيد عرمان والذي بدأ حديثه بإرسال تحايا لعدد من الزملاء في حركات الكفاح المسلح بأسمائهم وشهداء الثورة السودانية والمفقودين جراء الكوارث والفيضانات، وأكد أن الجبهة الثورية لم تكن مشاركاً فاعلًا في التحضير للمؤتمر الاقتصادي، ولكنها ستتخذ نهجًا إيجابياً لتحمل المسؤولية والمساهمة في إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية كشريك مستقبلي في الحكومة الانتقالية والتي يجب أن تخضع لمراجعة شاملة والعودة لمنصة التكوين لضمان نجاح الفترة الانتقالية، وقال: نحن ندرك عمق الأزمة الاقتصادية والتي خلفها النظام السابق. وأشار إلى أن قضايا التهميش مركبة وإنهاء الحروب سيسهم في إعادة توطين اللاجئين والنازحين البالغ عددهم 4.500 شخص، ودعا عرمان المؤتمرين الى إصدار قرار فوري بإعادة النظام التقليدي في النظام المصرفي على أن يشمل إعادة النظامين التقليدي والإسلامي إنفاذًا للاتفاقية الموقعة بين الجبهة الثورية والحكومة للمساهمة في إعادة العلاقات الخارجية والمراسلات للبنوك الخارجية وتأسف من الحروب التي دارت في البلاد والتي انعسكت آثارها على أهل الريف، ودعا إلى ترك المناقشات والتي تؤدي إلى المزايدات، وقال إن المؤتمر يوفر حلولاً وسنداً ودعماً سياسياً ببصمة اقتصادية سودانية مطالباً بتصفية التمكين الاقتصادي للنظام السابق مناشدًا أميركا بإزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب، ودعا الحكومة السودانية إلى الاعتذار عن حروب الريف منذ الاستقلال.
وقال رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر بروفيسور عبد المحسن مصطفى صالح، إن المؤتمر سيقدم أطروحات واسعة لحلول تتعلق بدفع عجلة التنمية المستدامة ويتناول عدة محاور بالتركيز على أهداف السياسات المالية في الفترة الانتقالية والتخطيط التنموي والسياسة النقدية والتمويلية وأهمية زيادة العائدات والاستغلال الأمثل للموراد الطبيعية والبشرية بالتركيز على البحوث العلمية، ويتناول أيضاً موضوع الدعم السلعي وبدائله وقضايا الشباب والتشغيل والتدريب، وسوف تشهد الجلسات تقديم أطروحات واضحة ومناقشات منظمة ورشيدة حول المشكلات التي اقعدت الاقتصاد وحلول ومعالجات تتم بلورتها في توصيات مهمة وقابلة للتنفيذ عبر مصفوفة مفصلة، وقال إن المؤتمر يمثل خطوة أولى لوضع خارطة طريق واضحة نحو التنمية الاقتصادية المستدامة وتوقع ارتفاع معدلات الاستثمار وتنامي معدلات تطوير الموارد البشرية والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية وتراجع معدلات الفقر ونمو ملموس في الناتج المحلي الإجمالي وتحسن الأوضاع المعيشية للمواطنين، معلناً عن تكوين لجنة مصغرة تتولى متابعة توصيات المؤتمر الاقتصادي بالتنسيق مع مجلس الوزراء مباشرة.
ومن ناحيته أقر ممثل قوى الحرية والتغيير د. محمد خطاب بأن الوضع الحالي هو محصلة المواجهات والسياسات التي اتبعت منذ تطبيق الموازنة دون استصحاب للبدائل والإصلاحات المقدمة من قبل اللجنة الاقتصادية، وقال: نعيش المزيد من التدهور والتضييق المعيشي على الشعب، مشيراً إلى تدهور سعر الجنيه وارتفاع معدلات التضخم بشكل غير مسبوق لافتاً الى استمرار السياسات السابقة التي انتهجها النظام البائد طوال الثلاثين عاماً، وأدت إلى تخريب الاقتصاد وإفقار الشعب وعاب على الدولة الاعتماد على الموارد الخارجية المدعومة المصحوبة برفع الدعم وتعويم سعر صرف الجنيه وتحريك الدولار الجمركي للحصول على المعينات الخارجية بالرغم من الاتفاق على عدم اشتمال موازنة ٢٠٢٠ م على رفع الدعم و تحريك الجنيه او الدولار الجمركي لحين عقد مؤتمر اقتصادي قومي لمناقشة كافة قضايا الاقتصاد الوطني للنهوض بالبلاد.
وقال إن المؤتمر الاقتصادي بداية لصفحة جديدة لإدارة الاقتصاد الوطني الذي سرنا به عاماً كاملًا أورثنا كثيرا من الإخفاقات، لذلك نتطلع لدروس نحو عام مالي مضى وأن نتجاوز عثراته بالسير في منهج يستوعب دروس التجربة ويفتح طريق المستقبل الأفضل لنحقق ما ورد في البند الثاني من غعلان الحرية والتغيير الذي ينص على وقف التدهور الاقتصادي وتحسين معاش الناس ورهن تحقيق ذلك بالاعتماد على مواجهة الأزمة الاقتصادية واستنهاض وحشد الموارد الداخلية مع التأكيد على ضرورة ولاية وزارة المالية على المال العام وتجريم التجنيب وضم كل الأموال المجنبة لخزينة وزارة المالية وإصلاح النظام الضريبي والمصرفي والقانوني والمؤسسي والخدمة المدنية وضم الشركات الحكومية والرمادية والعسكرية والأمنية للولاية العامة والاستفادة من مواردها وتعظيم دور الدولة في إنتاج وتسويق الذهب ومشاركة الدولة مع القطاع الخاص.
ومن جانبه قال ممثل اتحاد أصحاب العمل السوداني مجتبى خلف الله إن الاتحاد يقف إلى جانب حكومة الفترة الانتقالية لإعادة بناء دولة الحرية والسلام والعدالة، ولفت أن رجال الأعمال وضعوا بصمتهم واضحة في تاريخ البلاد الحديث ووصف القطاع الخاص بأنه قاطرة الاقتصاد ومحرك التنمية وأقر بتحديات ومشكلات ماثلة تواجههم منوهاً لأهمية إصدار حزمة من السياسات لتشجيع القطاع الخاص ووقف الآثار التضخمية للسياسات التي اتبعها النظام البائد، مطالباً بإنشاء مجلس استشاري لرئيس مجلس الوزراء يضم الشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة وإطلاق صندوق تنمية القدرات وإنشاء مفوضية الخدمة المدنية وإطلاق الخطة الشاملة لتنمية السودان لتحقيق مكتسبات عاجلة وزيادة الإنتاج وتعظيم القيمة المضافة وإنشاء مفوضية الحوكمة ومكافحة الفساد والحد من فرص استخدام الوظائف العامة لتحقيق مكاسب خاصة.
وأضافت ممثل لجان المقاومة سحر الجزولي بأن شهداء ثورة ديسمبر المجيدة هم من وضعوا اللبنة الاولى لبناء حكومة الفترة الانتقالية وحيت الشهداء والجرحى والمفقودين وأكدت أن الشباب هم من يقبضون على جمر القضية ويعضون عليها بالنواجذ من أجل تحقيق الحرية والكرامة للمواطن، وقالت إن المشكل الاقتصادي ظل سؤالاً مطروحاً على الدوام وعلامة استفهام عقب فقدان البلاد نفط الجنوب والذي مثل القشة التي قصمت ظهر البعير على حد قولها، وأشارت إلى أن البلاد تلقت ضربات موجعة جراء فقدان القطاعات الحيوية والموارد الغنية إثر الحروب التي ظلت ضد عجلة الاقتصاد، وأكدت أن لجان المقاومة في الريادة دوماً ووقفت بصمود كامل ضد النظام البائد الفاشل، ونادت بأن تبنى الرؤية الاقتصادية على منهج واضح ينعكس على واقع المواطن المعيشي، وإعادة عافية الاقتصاد.