الصحة: قرار المركزي خالف قانون مكافحة التبغ
خبير اقتصادي: القرار كان بسبب (لوبي) التبغ
خبير مصرفي: تخصيص حصائل الصادر للسلع الاستراتيجية لمحاربة استيراد السلع الهامشية
بحث: نسبة استخدام التبغ في المدارس الثانوية 25%
مدير إدارة القوانين: مصانع التبغ خالفت القانون بزيادة نسب “النيكوتين” و”القطران” في صناعة السجائر
تحقيق: محيي الدين شجر
تراجعت وزارة الصناعة امس عن قرارها بإدراج السجائر والتبغ ضمن السلع الضرورية التي يحق للموردين استيرادها من حصائل الصادر مثلها ومثل الادوية والقمح والوقود، قرار إدراج السجائر والتبغ أثار ردود فعل واسعة ووجد انتقادات عنيفة بل اعتبره البعض مقدمة لإدخال سلع أخرى في منظومة السلع الضرورية التي يتم استيرادها من حصائل الصادر. كيف ينظر الاقتصاديون والمصرفيون لهذا القرار قبل ان تتراجع الوزارة امس ، وماهو تأثيره الاقتصادي؟.
نص القرار
جاء نص منشور بنك السودان المركزي رقم (21 /2020) الذي أصدره يوم ١٧ سبتمبر ٢٠٢٠م، على تضمين مدخلات إنتاج صناعة التبغ والسجائر ضمن السلع الضرورية، وخصص لها نسبة من (حصائل الذهب والسلع الأخرى).
وكان بنك السودان المركزي نفسه في فبراير قد حصر استخدام حصائل صادرات الذهب الحر وذهب شركات مخلفات التعدين في استيراد السلع الإستراتيجية فقط، وبكافة طرق الدفع عدا الدفع المقدم، وذكر أن السلع هي الأدوية والمعدات الطبية والقمح ودقيق القمح والمنتجات البترولية.
لوبي تبغ
الخبير الاقتصادي الدكتور أبو بكر حمد، قال إن السلع الاستراتيجية تم تحديدها عدا الذهب في الأدوية والمشتقات البترولية والأخرى والتي قال إن القرار لم يحددها، وأضاف قائلاً: لا يوجد سبب يجعلك تستثني التبغ، وقال إن الاستثناء تم إما لضغوط من لوبي التبغ في السودان أم أن الحكومة معجبة بالضرائب التي يدفعها المتعاملون في التبغ باعتبار أنها ضخمة، وقال إن خطورة هذا الاستثناء في أن الشخص الذي يريد استيراد لبن من حصائل الصادر سيجد طلبه الرفض بناء على قرار بنك السودان.
وقال إن الدولة أرادت من استثناء مدخلات صناعة التبغ للظفر بعائداتها الكبيرة وهذا سيدفعها لاستثناءات أخرى لتحقيق عوائد، لكنها ستضطر لشراء الدولار من السوق لاستيراد الملح، مشيراً إلى أن السودان يستورد الملح بكميات كبيرة..
وأوضح أن الدولة بدلاً من اعتبار التبغ من السلع الاستراتيجية، كان عليها تشجيع زراعته خاصة وأنه كان يزرع عبر الزراعة الآلية في القضارف وسنار.
الضغط على الخبز
الخبير المصرفي عادل حسن قال لـ (الصيحة): ازمات البلد كلها تدور حول السلع الاستراتيجية والضرورية الخبز والوقود والدواء وتم إدخالها ضمن حصائل الصادر لأجل حل مشكلات البلد ولأعطائها أولوية لأنهم حينما يخصصون حصائل الصادر للسلع الاستراتيجة أو الضرورية فإنهم يريدون محاربة استيراد السلع الهامشية بعدم توفير موارد لها وذكر أن السلع تصنف كسلع استراتيجية ثم ضرورية ثم هامشية .
وأضاف قائلاً: لا يوجد شيء يربط مدخلات صناعة التبغ بالسلع الضرورية، مبينًا أن القرار يعني أنها تعامل مثل الوقود والدقيق، وزاد بقوله: حصيلة الصادر حينما يتم التداول فيها تشجع التجار على التصدير مرة أخرى، وذكر أن الضرر الذي يقع من إدخال التبغ ضمن السلع الاستراتيجية في أنه سيضغط على السلع الأخرى لقلة الكميات التي تتوفر من حصائل الصادر.
وقال: الصادر في السودان ضعيف لا يغطي السلع الضرورية من دقيق وقمح ودواء، وأشار حسن إلى مخاطر أخرى في أنه سيوحي للشباب بأن التدخين غير ضار ويعد سلعة استراتيجية مهمة. وختم حديثه: (كيف تعطيه دولارات الصادر الشحيحة)، مضيفاً بقوله: يبدو أن اعتماد (موازنة السودان) على الضرائب كمصدر للإيرادات هو سبب في هذا القرار، مبيناً أن النسبة الضريبية على التبغ والسجائر وصلت إلى أكثر من 200%
مخالفات
من جهتها أشارت الأستاذة صفاء السيد مديرة إدارة القوانين بوزارة الصحة ولاية الخرطوم إلى أن التبغ بدأ بقانون ولاية الخرطوم عام 2012 ولائحة الولاية، وأشارت إلى تعديلات تمت في القانون بتخفيض نسبة النيكوتين والقطران في السجائر ليصبح النيكوتين 10% بدلاً من 12% والقطران من 2% إلى 1% لأن أكبر نسبة للنيكوتين والقطران هي في السودان، وأضافت أن الإحصائيات تشير إلى وفاة 8 ملايين شخص سنويًا بسبب التدخين، إضافة إلى الذبحات وأمراض ضغط الدم، وقالت إنهم أوقفوا تراخيص أماكن الشيشة والتباكو، إلا بعد الالتزام بالاشتراطات الصحية التي تنظم وجودها. وأضافت في حديثها لـ (الصيحة) أنهم في فترة النظام البائد وجدوا ممانعة وعدم تطبيق من قبل المحليات في تنفيذ القانون رغم الجهود التي بذلوها بمشاركة المواصفات والمقاييس ونيابة حماية المستهلك بسبب أنها تدر أموالاً ضخمة للبلد، وقالت إن مصانع السجائر كانت ملتزمة باشتراطات القانون لكنهم مؤخراً خالفوا النسبة التي حددت في النيكوتين والقطران فأعادوا النسبة القديمة 12% للنيكوتين و2% للقطران عادت لنسبتها الأولى .
وقالت إنهم قاوموا قرار بنك السودان الى ان تم الالغاء واصفة القرار بأنه كان خطيرا باعتبار أن التبغ ضار بصحة المواطنين والشباب السوداني ولتأثيراته السلبية الاجتماعية والاقتصادية .
مضيفة: تم تغيير في مواد قانون التبغ عام 2012 بوضع مدير تبغ في أي محلية لمتابعة التراخيص والمخالفات التي تحدث في القانون.
قرار خاطئ
رئيس تجمع أصحاب الأعمال معاوية أبا يزيد وصف اصدار القرار في الاصل بالخاطئ، مشيدا بالتراجع عنه، وقال إن السجائر السوداني يعد من أرخص السجائر في المنطقة ويهرب إلى دول الجوار لأنه رخيص، وقال إن سياسات بنك السودان ووزارة التجارة والصناعة هي سبب أساسي في زيادة الحصار على الاقتصاد السوداني، وأضاف بقوله: كان من الممكن أن تكون هنالك استثناءات لسلع أخرى كلبن الأطفال وقطع غيار المعدات الزراعية، مشيرًا إلى أن سعر الدولار في حصائل الصادر أقل من سعر الدولار في السوق الموازي .
القرار يتعارض
وقالت سارة الملك مدير إدارة التبغ بوزارة الصحة الاتحادية، اشادت بالتراجع عن القرار واضافت إن منشور بنك السودان المركزي الذي ادرج مدخلات التبغ والسجائر لتكون ضمن السلع الضرورية واستيرادها من حصائل الصادر يتعارض مع قانون مكافحة التبغ للعام 2005 وأوضحت في حديث لـ (الصيحة) أن المادة 7 في الفصل الثاني من هذا القانون الاتحادي تمنع التوسع في إنتاج التبغ وزيادة المساحات المخصصة لزراعته أو زيادة عدد المصانع المنتجة له أو تقديم أو دعم من أي نوع مما يشجع على زيادة إنتاجه أو استيراده أو تداوله أو تعاطيه، مشيرة إلى أن قرار بنك السودان خالف هذه المادة لأنه يقدم خدمات تزيد من إنتاج التبغ.
وأضافت أن المنشور كذلك يتعارض مع الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ التي وقع عليها السودان عام 2004 خاصة وأن الاتفاقية تمنع التوسع في إنتاجه أو صناعته، بل تشير إلى زيادة ضرائبه.
وقالت إن القرار فيه تعارض أيضاً مع سياسة وزارة الصحة الاتحادية التي تسعى للحد من أضرار التبغ مؤكدة أن همهم الأول صحة المواطن السوداني.
اشتراطات صارمة
صحة ولاية الخرطوم أيضاً لها رأي في منشور بنك السودان المركزي، حيث صرح مصدر بإدارة التبغ بوزارة الصحة بولاية الخرطوم بصدور قانون للتبغ في أغسطس عام 2012 ينظم التبغ والسجائر في السودان، وقال إن القانون وضع اشتراطات صارمة للتعامل مع التبغ كمنعه وضع صور ترويجية للتبغ وإلزام محلات التبغ بوضع رسائل تحذيرية في مساحة 30% ومنع الألعاب والهدايا التي تروج للتبغ وحظر الترويج للتبغ في وسائل الإعلام ومنع رعاية الأنشطة من الجهات المتعاملة في التبغ وعدم منح تراخيص جديدة لأماكن التبغ، وقال المصدر إنه أجرى بحثًا أشار إلى أن نسبة استخدام التبغ في المدارس الثانوية 25%، وحول عدد المدخنين في السودان قال: لا توجد إحصائية جديدة.