الخرطوم- ابتسام حسن
مهددات كثيرة وكبيرة واجهت امتحانات شهادة الثانوية العامة السودانية، على مدى السنوات الأخيرة، بدءاً من قضية مدرسة الريان، الوهمية، بمنطقة جبل أولياء، ثم كشف امتحان مادة الكيمياء من قبل أجانب، بجانب كشف الامتحان عدة مرات في عهد الحكومة السابقة.
وجاءت امتحانات العام الحالي وسط ظروف معقدة أدت لتأخيرها عن موعدها الذي كان محدداً في مارس الماضي، لكنها انعقدت في سبتمبر الحالي، بسبب الحظر الصحي الذي فرض بسبب جائحة (كورونا)، إلى جانب الأوضاع الأمنية، قبل أن يدخل فصل الخريف كأحد العناصر المؤثرة بقوة في سير العملية الأكاديمية.
كما صاحب مسيرة الامتحانات التي أسدل الستار عليها أمس سابقة لم تحدث من قبل، عندما طلبت وزارة التربية والتعليم السلطات العدلية بقطع خدمة الإنترنت خوفا من كشف الامتحان، مما تسبب في خسائر مليارية، إلى جانب صعوبات أخرى.
مصاعب جمّة
وكانت شبكة من المعلمين والطلاب تورطت في مخالفات وصفتها وزارة التربية بأنها حالات غش لا ترقى لمسمى كشف الامتحانات شملت تصوير الامتحان من داخل المراكز وإرساله عبر (الواتساب) لقروب لحل الامتحان وإرساله للطلاب، ووصل التحايل أن يحل الامتحان المرسل بواسطة طلاب يحضرون إلى جلسة الامتحان متأخرين.
ولم تكن حالات الغش المهدد الأول للامتحانات، إذ أن غياب الطلاب كان بأعداد كبيرة- وفقا لمعلمين مراقبين وأصحاب مراكز- وعزوا الأمر إلى الفيضانات التي اجتاحت (16) ولاية، فضلا عن امتداد العام الدراسي لفترة طويلة مما تسبب في ملل العديد من الطلاب الذين طووا صفحة الدراسة واختاروا الهجرة أو خيارات أخرى، ومثلت بعض الأخطاء الواردة في الامتحان مهددا آخر، منها امتحاني التربية الإسلامية واللغة العربية، بجانب هنات أخرى تداولتها مجموعات المعلمين والمراقبين .
إنجاز عظيم
واختتمت الامتحانات أمس بمادة اللغة الانجليزية، وأكد مدير إدارة الامتحانات بوزارة التربية والتعليم محمود سر الختم الحوري، عدم تاثر الامتحانات بكارثة الفيضانات، وأوضح أن نسبة الغياب الكلية بلغت (6%) أغلبها وسط طلاب الإعادة، وذكر أن الولايات التي تأثرت بالفيضانات لم تسجل حالات غياب بسببها بفضل جهود الجهات المسؤولة بترحيل الطلاب المتأثرين للمراكز وتهيئة البيئة المناسبة لهم.
وقال الحوري في تصريحات أمس، إن عدد الطلاب المسجلين للامتحان بلغ (531.045) طالبا وطالبة جلس منهم (497.614) طالبا وطالبة موزعين على (4225) مركزا بغياب (33.431) طالبا وطالبة منهم (13.733) بنات و(19.698) بنين.
وأكد الحوري أن الامتحانات مضت بصورة سلسة منذ بدايتها حتى اختتمت بمادة اللغة الانجليزية، ولفت إلى اكتشاف شبكة تخريبية في اليومين الأولين كانت تقوم وبمساعدة بعض المعلمين ضعاف النفوس بتصوير الامتحانات في بعض المراكز بعد توزيعها، ثم تستغل شبكة الانترنت في توزيعها، وذكر أن قرار قطع خدمة الانترنت خلال فترة الامتحان قطع الطريق أمامها، وكشف أن أفراد الشبكة من المعلمين الذين تم ضبطهم فتحت بلاغات جنائية في مواجهتهم، والطلاب المتورطين سيتم اتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية تجاههم.
واعتبر الحوري أن انتهاء الامتحانات بأمان في ظل هذه الظروف الصعبة يعد إنجازا عظيما، وأشاد بجهود كافة الجهات التي شاركت في هذا الإنجاز المتمثلة في الأجهزة الأمنية والشرطية والقوات المسلحة والدعم السريع بجانب الجهود الشعبية المتمثلة في لجان المقاومة والأهالي، وقال إن بداية مراحل الكنترول ستحدد لاحقا، وأعرب عن أمله أن تستمر كافة المراحل حتى إعلان النتيجة بصورة طيبة وفق ما هو مخطط له .
هنات
واعتبر الأمين العام لاتحاد المدارس الخاصة السابق الشعراني الحاج محمد، أن أكبر مهدد لامتحانات هذا العام هو غياب الطلاب، ونوه لوجود أخطاء وردت في الامتحان، وأشار لورود (3) أخطاء في ورقة التربية الإسلامية، بجانب قطعة في مادة اللغة العربية وصفها المعلمون بأن بها عدم أدب مع نبي الله موسى وتجاوزت الذوق العام.
واستعرض الشعراني لـ(الصيحة) عدة هنات صاحبت الامتحانات منها تساهل المراقبة بعدد من المراكز.
ويبدو أن امتحان هذا العام له أكثر من سمة وسابقة منها تعرض أحد المراكز في جبل أولياء للرمي بالطوب من قبل الطلاب بسبب أن المركز تم فيه تشديد المراقبة- وفقاً للشعراني.
غير مألوف
ونوه صاحب أحد المراكز، الخبير التربوي عمر النقرابي، إلى شكوى الطلاب من بعض المواد، وذكر أن الطلاب الأدبيين شكوا من صعوبة مادة الجغرافيا، فيما شكا العلميون من الكيمياء ووصوفوها بغير المألوفة، بجانب الشكوى من امتحان اللغة العربية.
وقال النقرابي لـ(الصيحة)، إن السمة الغالبة كانت الغياب الكبير، وأشار إلى أن غياب ولاية الجزيرة فقط كان (8870) طالب وطالبة، وعزا الغياب إلى تأثر عدد كبير من الطلاب بالفيضانات، فضلا عن طول فترة العام الدراسي، واعتبر أن الفيضانات كانت أكبر المهددات للعام الدراسي، علاوة على الشائعات المغرضة وما اثير عن كشف الامتحانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعمليات الغش التي تسببت في آثار نفسية للطلاب، إضافة إلى قطع التيار الكهربائي عن مناطق كثيرة مما كان له أثره على الطلاب، لكنه اعتبر أن أوضاع الطلاب صحيا كانت طيبة ولم يذكر أن هناك طالب أصيب أو اشتبه بحالة (كورونا) وذلك لتطبيق الاشتراطات.
ونوه إلى أن هذا العام يختلف عن السابقة في عدم ورود شكاوى الطلاب من الأمراض والصداع، وثمن دور الجهات الصحية في مد المراكز بالمعقمات والكمامات.
وأثنى على الجهد الشعبي ومبادراته في توصيل الطلاب إلى مراكز الامتحانات بما في ذلك منسوبي الجيش والشرطة والأمن.
ويذكر أن أبرز المبادرات التي نشطت لخدمة الطلاب الممتحنين، كانت (مبادرة وصلني) التي اختتمت برنامجها أمس، بتدشين مركبات جديدة لترحيل الطلاب مجاناً، وذلك بضاحية الكلاكلة اللفة صباح أمس، بالتزامن مع ختام الإمتحانات بجميع ولايات السودان تحت شعار “وصلني عشان ألحق الامتحان”.