جعقر باعو يكتب : نقطة.. سطر جديد
*منتصف الشهر الماضي طلب مني صغيري “حسن” صاحب الثمانية أعوام مبلغاً مالياً لشراء بعض احتياجاته الطفولية، ولم يكن معي ما طلبه فأقنعته بتأجيل طلبه لبعض الوقت.
*قَبِل الأمر على مضض، ثم أردف بطلب آخر وأيضاً اعتذرت له، وثالث تحججت له بمشغولياتي في تلك الفترة على وعد مني بالاستجابه لكل مطالبه.
*رمقني بنظرة طفولية ثم قال “تسقط بس”، ضحكت ثم قلت له لماذا تسقطني، فكان رده ليس كعقله وهو يقول لي “ما قادر توفر لي حاجة.. تسقط بس”.
*أدهشني ذاك الصغير بعبارته “الصادقة” وإن كان لم يفهم بعض معانيها وهو يتابع حراك الشارع وإدراكه أن ما يطلب به الجميع بشعار “تسقط بس” ليس إلا لفشل الحكومة السابقة في تحقيق طموحات وأمال الشعب، وإنما لفشل حكومة الثورة في تحقيق ما خرج من أجله الشارع في ديسمبر من العام 2018م.
*انتهى عهد الانقاذ الذي بقي في الحكم ثلاثة عقود، ويعتقد الكثيرون أنه لم يحقق ذاك النظام تطلعات الشعب السوداني الذي صبر كثيراً دون أن يتحقق جزء يسير مما جاء في خطاب الإنقاذ الأول في يونيو 1989م.
*الكل تفاءل خيراً بثورة ديسمبر خاصة وأن المطالب قبل اندلاع الثورة كانت محددة في تخفيف أعباء المعيشة وتحسين الأوضاع الاقتصادية، ولكن منذ تشكيل الحكومة الانتقالية وحتى اليوم الوضع يزداد سوءاً والاقتصاد ينهار يوماً بعد آخر.
*أكثر المتشائمين لم يكن يتوقع أن يصل الدولار الواحد 250 جنيهاً مقابل الدولار، وأذكر جيداً في إحدى الندوات السابقة التي كانت تتحدث عن تهاوي الجنيه، قال أحد خبراء الاقتصاد نخشى أن يصل سعر الدولار الواحد مائة جنيه، واليوم الدولار يصل إلى ما فوق المائتي جنيه.
*من كان يصدق أن يصل طلب الفول الواحد إلى مائة وخمسين جنيهاً، ومن كان يعتقد أن سعر “الرغيفة” يصل إلى خمسة جنيهات وفي بعض المناطق عشرة جنيهات، من كان يصدق أن يكون وصول الموظف إلى عمله من أقرب منطقة للسوق العربي قد يصل إلى أكثر من ألفي جنيه وبعض الموظفين يكلفهم الوصول إلى أعمالهم خمسة آلاف جنيه، من كان يصدق أن يحدث كل هذا في عام واحد ربما يزيد قليلاً.
*أطفال هذا الزمان رسخ في أذهانهم سقوط أي حكومة لا تنجح في توفير أبسط مقومات الحياة “وتسقط بس” كان هو الشعار الأشهر في الاحتجاجات التي سبقت ثورة ديسمبر، واليوم الوضع يزداد سوءاً من كان عليه الحال في 2018م، والجميع يتساءل عن سبب هذا التدهور.
*لجنة تفكيك التمكين ظلت في كل مؤتمر صحفي لها تعلن عن مصادرة ممتلكات وأموال، وبعد نهاية كل مؤتمر يجد المواطن أسعار الأسواق قد ارتفعت، فلا توجد سيطرة على الأسواق كما لا يوجد انفراج بالأموال التي صادرتها لجنة التمكين.
*نسأل الله أن يصلح حال بلادنا بالقوي الأمين الذي يسعى غلى خدمة البلاد قبل خدمة أجندته الخاصة.