البحر الأحمر.. (الخبز) بلوغ الأزمة منتهاها
تقرير: إيهاب محمد نصر
في أبلغ ذروة أزمة الخبز في كل الحكومات التي تعاقبت على السودان كان المواطنون يخرجون بحثاً عن الخبز منذ الساعة الثانية أو الثالثة صباحاً، لكن فى مدينة بورتسودان فى هذه الأيام أصبح المواطن يخرج ليحجز مكانه في المخبز منذ الساعة العاشرة مساء في حالة (بيتان) كامل من أول الليل إلى آخره لكى يحصل على خبز يومه أو نصف يومه عندما يفتح المخبز نافذة بيعه عند الساعة السادسة صباحاً! هذا ما شاهدته بعيني وليس على سياق الأخبار أو الحكاوى، والأدهى أن حالة (البيتان) هذه شاملة الرجال والنساء والشباب والشابات! إن أزمة الخبز سوف تسير بالمجتمع إلى مناحٍ ليست فى الحسبان.
وذكرت لـ (الصيحة) سمية عبد الوهاب أنها لاحظت مجموعة كبيرة من النساء والأطفال يقفون فى المخبز ويشترون الخبز بكميات معروفة علمنا فيما ما بعد أنهم مجموعات يؤتى بهم يومياً للمخابز.. كعمال يومية.. يشترون الخبز ويبيعونه لأصحاب المطاعم والكافتريات بسعر العيشة خمسة جنيهات أو يزيد، علق أحد أصحاب المخابز لـ (الصيحه) أنهم يكسبون أكثر من صاحب المخبز بأضعاف!! مهنة جديدة خلقتها الأزمة وفيها قصص تروى وحكايات ولا في الخيال!
أزمة الخبز في ولاية البحر الأحمر بدأت مع نهاية العهد البائد، بل كانت هي الشرارة التي أعقبت الثورة وكانت أحد أكبر أسباب الإطاحة بنظام الإنقاذ، ومن يومها أصبح الحصول على الخبز ليس بالأمر السهل، إذ أنه يتطلب الوقوف لساعات في المخبز للحصول عليه، وذلك حسب مدير مكتب وزارة التجارة عمر المصري في إفادات سابقة له لـ (الصيحه)، عزا فيه أزمة الخبز لنقص كمية الولاية التي تحتاج إلى اكثر من ٦٠٠٠ جوال، ولكن كميتها تقلصت إلى ما بين ٣٥٠٠ جوال و ٤٠٠٠ استمر هذا الوضع كثيراً، وكانت هناك مساعي من الوالي إلى زيادة هذه الكمية حتى تكتفي الولاية من الدقيق باعتبار أنها ولاية استراتيجية مهمة تستقبل في اليوم المئات من الزائرين عبر حركة موانئها دخولاً وخروجاً.
فبدلاً من زيادة الحصة كانت قاصمة ظهر الوضع، وذلك حينما تم تقليص كمية الولاية من الدقيق من 4000 جوال إلى 2500 جوال ثم إلى 2000حسب ما ذكر لـ (الصيحة) مدير إدارة التجارة بالولاية محمد علي إبراهيم وأشار إلى أنهم
لا يعرفون أسباباً هذا التقليص، حيث أن المعلومات ليست واضحة ولا يوجد حديث عن أي انفراج، ونحن تأتينا معلومة كمية الدقيق المخصصة للولاية كل يوم عند الساعة التاسعة صباحاً وعليها نحدد عمليات التوزيع يعني شغالين بنظام رزق اليوم باليوم، وأوضح محمد علي أن الوزارة لم تحدد لهم موعداً معيناً لعودة الحصة إلى وضعها.
مشيراً إلى أن الكمية المخصصة للمخابز كانت في المتوسط (8) جوالات في اليوم تقلصت إلى (4) جوالات يومياً بنسبة 50% تقريباً، وقال مدير التجارة: هذه الكمية إذا نقصت عن الـ 2000 جوال سوف يكون هناك اتجاه لتوزيع الحصة كدقيق للمواطنين مباشرة، كما أن هناك اتجاهاً لتحديد مخابز تعمل بالنظام التجاري لتفى بحاجة المطاعم والكافتريات والمناسبات.
فيما يرى رئيس اللجنة التسييرية لاتحاد مخابز الولاية عبد المنعم عثمان عبدوت، أن هناك مخابز رفضت استلام الحصة “لأنها جايه معاهم بالخسارة”، وأوضح عبدوت لـ (الصيحة) أن الأزمة الآن لها أسبوعان وأصلاً الوضع لم يكن جيداً والنقيصة جات فوق نقيصة. وقال: نحن كاتحاد مخابز قدمنا مقترحاً يجعل المخابز تعمل بالنظام التجاري، لأن الطاقات موجودة، ولكن مثل هذه القرارات تحتاج إلى جرأة والبطء في اتخاذها سيفاقم الأزمة لأن هناك الكثيرين عندهم الإمكانيات انو يشترو العيش باي سعر وليس لهم وقت لهذه الصفوف.
يقول سيف الإسلام محمد صديق ـ صاحب مخبز: حسب الدراسة والمسح الذي تم في الموضوع، هناك تباين وخلل واضح في توزيع حصص الدقيق على المخابز.
أولًا: لا يمكن أن يأخذ مخبز (قبوة) بلدية حصة أكبر من المخبز الآلي، وهذا هو بيت القصيد، لأن المخبز الآلي يعادل إمكانية المخبز البلدي مرتين، وهناك مخابز أخرى بطاقة إنتاجية عالية جداً موجودة بالولاية، وليست مصنفة وليست لها حصة حتى جوال واحد مع أنها جاهزة لعمل ٥٠ جوالاً في اليوم، ولكنها لا تعمل لعدم تخصيص أي حصة لها، وبما أن الحقائق تقول بأن المخبز القبوة طاقته الإنتاجية ما بين ٧ إلى ٩ جوالات، وبالتالي المخبز الآلي يعمل بطاقة ١٤ إلى ١٨ جوالاً، ولكن في كثير من المخابز نرى أن المخابز البلدية وهي تمثل حوالي ٩٥ بالمئة بالولاية تأخذ ١٨ جوالاً أو أكثر كحصة يومية، وهذا أكثر من الطاقة الإنتاجية للمخابز. وألمح سيف الإسلام إلى ضرورة تشديد الرقابة، لأن هناك أصحاب مخابز يأخذون الدقيق ويعيدون تعبئته فى جوالات 25 كيلو ويدخلونه السوق.