الخرطوم: سارة إبراهيم
يُشكّل شح الوقود هاجساً يؤرق المواطنين وأصحاب المركبات العامة والخاصة، خاصة في ظل الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد ومحاولة السلطات تداركها واستغلالها من قبل ضعاف النفوس الذين استغلوا الأزمة لتحقيق مكاسب مالية عن طريق تهريب الوقود أو بيعه في السوق السوداء ومشهد الصفوف أمام محطات الوقود في تزايد مستمر، وتسببت الأزمة في تعطيل وزيادة تكلفة المواصلات العامة وحركة نقل البضائع من مناطق الإنتاج إلى الأسواق.
بالأمس حملت الصحف خبرًا مفاده أن وزارة الطاقة والتعدين أجرت عملية مقايضة للجازولين بالبنزين مع شركات لسدّ العجز الكبير والحد من الأزمة الجارية. وكشفت عن مقايضة 12 ألف طن من الجازولين مقابل 10 آلاف طن بنزين، وأزاحت الستار عن وصول باخرتين محملتين بـ”80″ ألف طن من الجازولين وباخرة بنزين بسعة 38 ألف طن بميناء بورتسودان منذ أغسطس تنتظر خطابات الاعتماد حتى يتمّ تفريغها.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي د. محمد الناير: من حق الوزارة أن تأتي بأي معالجات أو مقايضة بالنسبة للشركات المنتجة للبترول شريطة أن يكون هناك التزام، وأشار إلى تجربة النظام السابق التي خلقت إشكاليات مع الشركات الصينية والهندية، ولم تف بالاتفاق، مشددًا على أهمية وضع خطة لترتيب انسياب المحروقات وعدم وجود عجز والنقص فيها وقال إن المشكلة الأساسية أن ٧٠% من استهلاك البلاد من البنزين يغطي داخلياً وحوالي ٥٠% من الجازولين، ومن المفترض أن تكون معلومة الكميات المستوردة والأوعية التخزينية في كل ولايات السودان، وقال إن المشكلة الأساسية هي عدم وجود مخزون استراتيجي كافس ونحتاج لتوفير النقد الاجنبي للاستيراد في الوقت المحدد، وأخيراً أقرت الدولة أن عائد الذهب يخصص للسلع الاستراتيجية المحروقات والقمح والدقيق والأدوية، وهذا من شأنه خلق نوع من الاستقرار.
عدد من العاملين في محطات الوقود أكدوا لـ(الصيحة) عن ارتفاع الطلب على الوقود ووصفوه بغير الطبيعي وكشفوا عن لجوء بعض أصحاب المركبات إلى تعبئة مركباتهم بالوقود مرتين خلال اليوم بغرض التخزين خوفاً من شح الإمداد.
وقال صاحب حافلة لـ(الصيحة)، إن أزمة الوقود أثرت بصورة مباشرة على سير للعمل، وأدت إلى خروج العديد من الحافلات من دائرة العمل لصعوبة الحصول على الوقود، منادياً بأهمية تخصيص محطات لتزويد المركبات العامة بالوقود لحل ضائقة المواصلات وتخفيف تكدّس المواطنين في المواقف.
وفي ذات السياق، طالب رئيس اللجنة الاقتصادية بجمعية حماية المستهلك د. حسين القوني، الحكومة بتوضيح الحقائق والشفافية وإقناع المستهلك بالأسباب الحقيقية وراء أزمة الوقود، وقال إن المواطنين على استعداد للتضحية من أجل مستقبل أفضل إذا شعروا بوجود جهد حقيقي لمعالجتها مطالباً بتشديد وتنظيم ومراقبة توزيع الدقيق والرقابة الشعبية والعمل على خلط الدقيق مع الذرة حتى لا يستخدم في أغراض أخرى.
وأوضح في حديثه لـ(الصيحة)، أن قرار الوزارة بالمقايضة بين الشركات إداري يتعلق بحل الأزمة جزئيًا، وقال إن الحكومة لجأت إلى تخزبن الوقود في المناطق التي يصعب الوصول إليها نسبة للخريف وصعوبة التنقل، لافتاً ألى أن الفترة القادمة تشهد تزايداً كبيراً للطلب من مناطق الإنتاج لنجاح الموسم الزراعي، مطالباً الوزارة بوضع خطة محكمة لتوفير الوقود في الوقت المناسب، مشيراً إلى التراخي وعدم المتابعة الدقيقة أثناء نقل الوقود من يورتسودان غلى مناطق الاستهلاك، وقال إن هناك ممارسات سيئة في الطرق من تسريب وتهريب كميات كبيرة من الوقود إلى دول الجوار، فضلاً عن بيعه في السوق الأسود، لافتاً إلى انعدام الرقابة في هذا الاتجاه، مشدداً على أهمية وضع ضوابط وإنزال أقصى العقوبات لكل من يثبت تورطه في عمليات التهريب حتى يكونوا عبرة للآخرين، لافتًا غلى أهمية إصدار بطاقات استهلاك الوقود للمركبات الخاصة ومع مراعاة المركبات العامة وتخصيص مراقب لهم لتسجيل زمن الحضور والانصراف وتحديد فئة التذاكر مع العقوبة لمن يخالف، مشيراً إلى محاربة المركبات التي تستغل الموقف وتقوم بتخزين الوقود كمركبات النقل الكبيرة.