المناهج والكتاب المدرسي.. أين الخلل؟
الخرطوم: إبتسام حسن
يبدو أن المناهج الدراسية بالبلاد، ظلت تعاني من كثير من المشاكل، وكانت المناهج في حكومة العهد البائد توصم بأنها مناهج مؤدلجة هدفت حكومة الإنقاذ من خلالها الى تخريج داعية إسلامي دون النظر إلى المادة العلمية وتأهيل الطالب. غير أن المناهج التي هدفت الحكومة الحالية لوضعها والتي لا تزال طباعتها في فترة مخاض متعسر حسب خبراء تناوشتها كثير من المشاكل، سيما أن تغيير السلم التعليمي الجديد والذي عبر حتى الآن عامه الخامس كان قد قرر تغييره بعقد مؤتمر عام للتعليم منذ العام ٢٠١٢، وتبع تغيير العام الدراسي تغيير المنهج الذي تبع تغييره تغيير المناهج الدراسية حتي الصف الخامس أساس، وبعد أن تم تعيين د. عمر القراي مديراً عاماً للمناهج قرر تغيير المنهج مرة أخرى وبدأ بالصف الأول والثاني أساس باكتمال الطباعة، إلا أن بقية الكتب لم تتم طباعتها حتى الآن، الأمر الذي أدى إلى تأجيل العام الدراسي. وأكد خبراء أن عدم طباعة الكتاب هي السبب الرئيسي في تأجيل العام الدراسى الذي قارب أن ينتقص عاماً من عمر الطلاب، ووصف بأنه أطول عام دراسي امتد منذ يوليو قبل الماضي، سيما أن العام مر بعدد من النكبات ابتداءا بجائحة كورونا وامتداداً بالفيضانات التي اجتاحت ١٦ ولاية بالبلاد ودُمّر عدد كبير من المدارس وتأثرت مدارس أخرى تأثراً جزئياً وانتهاء بفشل وزارة التربية والتعليم في طباعة المناهج .
صراعات
كشف مدير المركز القومي للمناهج عمر القراي رفض مركزه طلباً تقدم به مجمع الفقه الإسلامي بوضع منهج التربية الإسلامية .
واستنكر القراي في موتمر صحفي في وقت سابق ادعاء مجمع الفقه بأحقيته وضع المنهج لكنه عاد وقال إن من حق مسؤولي مجمع الفقه أن يقولوا رأيهم في المناهج .
واتهم القراي جهات حكومية بالتغول على المدارس المتوسطة في السلم التعليمي السابق واستغلالها لأغراض أخرى…
هذا جزء من الصراعات على من يضع المنهج ومن يبدي ملاحظاته، إذ اختلفت الحكومة الحالية على صلاحية منهج التربية الإسلامية، وبدأ خلاف بين مدير المناهج ومجمع الفقه الإسلامي ووزير الشؤون الدينية، هذا من جانب، ومن الجانب الآخر بدأ صراع خفي بين خبراء في المركز القومي للمناهج كان قد أصدر القراي قرارًا بإقالتهم، وانتقد عدد من الخبراء التربويين الخطوة مؤكدين أن من تمت إقالتهم لهم خبرتهم في المناهج خاصة أن عدداً منهم ظل يعمل لأكثر من ٢٥ عاماً بالمناهج، كل ذلك كان له أثره البالغ حسب الخبراء على وضع المنهج ومن ثم تأجيل العام الدراسي .
اعتذار
وأعلن من قبل وزير التربية والتعليم العام عن مجانية التعليم للصف الأول أساس لهذا العام، غير أن مؤتمرا صحفياً عقده الوزير ومدير المركز القومي للمناهج أول أمس بـ”سونا” نسف تصريحات الوزير السابقة، وأبدى القراي اعتذاره عن ما صرح به من قبل عن مجانية العام الدراسي وطباعة الكتاب في مطابع حكومية. وقال إنه تمت طباعة كتابين فقط إلى الآن هما الجغرافيا للصف السادس، والتربية الإسلامية للصف الأول، وقال: تجري الآن طباعة كتاب العلوم للصف السادس.
وأقر القراي بأن الكتب القديمة للصف الأول والثاني والثالث والرابع والخامس سيكون فيها نقص حاد في حالة تم استخدام المنهج القديم. كما أقر بأن أكبر مشكلة توجه بداية العام الدراسي هو الكتاب، منوهاً إلى أنه لم تتم طباعة الكتب الجديدة ويوجد نقص حاد في الكتب القديمة لعدم جاهزية المدارس بالصورة المطلوبة.
وأعلن الوزير عن قرار تأجيل العام الدراسي من 27 سبتمبر إلى الأحد 22 نوفمبر في ذات المؤتمر.
واتفق وزير التربية بروفيسور محمد الأمين التوم مع القراي في أنه إذا تم فتح المدارس في مواعيدها، سيكون هناك نقص حاد في الكتاب والوجبة والإجلاس، كما أكد وزير المالية أن هناك عجزاً كبيراً في طباعة الكتب الجديدة، ولم يُطبع منها سوى كتابين فقط. وقال: لا نستطيع تطبيق مجانية التعليم في العام الدراسي الجديد، سنحتاج إلى عامين أو ثلاثة لتطبيق ذلك.
حرب المطابع
واستنكر أحد واضعي المناهج من قبل بروفيسور محمد النعيم، ما قام به القراي وما سنه من حرب ضد أصحاب المطابع واتخاذ قرار بطبع الكتب في مطبعة العملة، منوهًا إلى أن مطبعة العملة لا تستطيع طباعة ٦ ملايين نسخة من الكتاب. وسخر النعيم في حديثه لـ(الصيحة) من أن تتم طباعة كتابين فقط والعام الدراسي بدأ بالفعل، مؤكداً طباعة كتاب التربية الإسلامية للصف الأول، والجغرافيا للصف السادس، وقال: كنا متوقعين الفشل لأسباب منها أن القراي بدأ حرباً على المختصين، وقال: تمت محاربتهم في معاشهم ــــ على حد تعبيره.
ولفت النعيم إلى أن تأليف المناهج يحتاج إلى خبرات ووقت، ولا يمكن أن يتم تغيير منهج لمرحلة كاملة في عام واحد، وأرجع ذلك إلى عدم خبرة القراي، منوهاً إلى أن المنهج يتم تغييره بالتدرج وفقاً لتجارب الدول ومن بينها السودان، وأشار إلى تأجيل العام الدراسي رغم أن السبب الرئيسي وراءه هو عدم طباعة الكتاب، إلا أن هناك عدة عوامل تضافرت منها تأثر المدارس بالفيضانات وجائحة كورونا، فضلاً عن المشاكل الاقتصادية.
واستعرض النعيم المراحل التي تم من خلالها تغيير المنهج الدراسي، وأكد على أن طريقة القراي في تغيير المناهج كانت غير سليمة سيما وأنه سمح بأن تكثر العداوة بينه وبين المختصين ـــ على حد تعبيره، منهم أصحاب المطابع، كما عمل على زيادة شدة العداوة بينه وبين مجمع الفقه الإسلامي الذي انتقد ما خطه القراي في كتاب التربية الإسلامية ووضع ٢٢ ملاحظة على كتاب التربية الإسلامية، مؤكدا أن التربويين أكدوا فشل عملية وضع المنهج.
حلول
وأكد النعيم أن جل تلك المشاكل تحتاج إلى مختصين، وأن العملية عملية علمية تحتاج إلى تضافر الجهود، وأن إبعاد الآخرين لا يمكن أن يتم في وضع الكتاب المدرسي ويحتاج إلى عقد مؤتمر للتعليم، داعيًا إلى ضرورة استصحاب آراء مجمع الفقه الإسلامي ووزارة الشئون الدينية التي أبدت ملاحظات من قبل على المنهج، كما لا يمكن ــ حسب النعيم ــ تجاهل آراء التربويين، وشدد على أنه لا يمكن أن يوضع منهج من غير قيام مؤتمر عام للتعليم وتجميع التربويين بكل الولايات.
تقارير
في ذات السياق، أكد رئيس لجنة المعلمين يس عبد الكريم في تصريح لـ(الصيحة)، أن وزارة التربية تلقت تقارير من ولايات منها ولاية سنار والشمالية أكدت فيها انهيار عدد كبير من المدارس لابد من صيانتها حتى يبدأ بعد ذلك العام الدراسي منوهاً إلى وجود مشاكل مالية لم تلتزم وزارة المالية بالإيفاء بها.