محيي الدين شجر يكتب : واجب الأخوّة
دعمٌ مقدرٌ وصل إلى أرض الوطن، بعد أن أعلنت الحكومة الانتقالية أن السودان أصبح منطقة كوارث نتيجة للفيضانات المدمرة التي قضت على الأخضر واليابس وحولت بلادنا في ليلة وضحاها إلى منطقة في حاجة ماسة إلى الدعم.
إن المصائب لا تأتي فرادى، مَثَلٌ تجسَّد بصورة جلية في السودان، حيث واجهت الحكومة الانتقالية صعوبات جمة وهي تخطو خطواتها الأولى وما أن تخرج من مصيبة وكارثة إلا وتعقبها أخرى.
كانت البداية بتفشي وباء الكوليرا الذي حرم ثروتنا الحيوانية من التصدير، ثم توالت الكوارث بظهور جائحة كورونا، وما أن هدأت الامور نوعاً ما إلا وفاض النيل بصورة شرسة ليقضي على بيوت شُيّدت بعرق السنين وعلى مزارع توارثتها الأجيال جيلاً بعد جيل، ليقضي الفيضان في العاصمة الخرطوم وحدها على أكثر من مائة ألف فدان زراعي، وعلى آلاف المزارع بالولايات الأخرى في الجزيرة وسنجة وسنار والنيل الأبيض بخلاف الأرواح التي توفيت بسببه وتقدر بأكثر من 120 شخصاً..
كارثة حقيقية واجهها الشعب السوداني بثبات وصبر وجلَد حيث تدافع أبناء السودان في بلاد المهجر مقدمين الدعم السخي لأهلهم في أرض الوطن في صورة تعكس مدى الارتباط الوجداني لشعب السودان ببلدهم المنكوب، كما لبى أبناء الداخل الاستغاثة التي أطلقتها الحكومة، حيث هرع الخيرون إلى نجدة إخوانهم وشهدتُ بنفسي كم هي القيم النبيلة التي لا زالت محفورة في قلوب السودانيين لم تُزلها الظروف الاقتصادية المتدهورة..
وكم أعجبتني الدول العربية التي لبت النداء الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ومصر، وهي تقيم الجسور الجوية لإغاثة السودانيين الذين تضرروا ضرراً بالغاً بسبب الفيضان ..
لقد تابعت خلال الأيام الماضية بإعجاب شديد الجسر الجوي الذي أقامته دولة الإمارات العربية المتحدة ووصول ثلاث طائرات إغاثة في ثلاثة أيام متتالية وإعلانها باستمرار دعمها إلى أن تنجلي الكارثة وهو دعم بلا شك يجد التقدير من أهل السودان..
ولقد قال سفير دولة الإمارات بالخرطوم حمد الجنيبي، إن المساعدات تأتي في إطار واجب الأخوّة، مؤكداً وقوف الأمارات مع السودان في جميع المواقف، وهو حديث غير مستغرب منه من واقع المساعدات الجليلة التي قدمتها دولته للسودان منذ بزوغ فجر الثورة السودانية .
ويقيني أن كل الدعم العربي يفترض أن تكوّن له لجنة منفصلة تضم الداعمين أنفسهم لتصل المساعدات إلى وجهتها الصحيحة بدلاً من أن نراها في الأسواق كما كان يحدث في فترة النظام المخلوع، لأنني خلال تفقّدي لبعض المخيمات في الكلاكلة ومخيم الزرقان شمال جنوب الصالحة، لم ألحظ وصول أي من الدعم الخليجي لتلك المخيمات، بل هنالك متضررون يحتاجون إلى خيام ويفترشون الأرض هم وأطفالهم الصغار، وقالوا لي بصريح العبارة إنهم يسمعون بالدعم الخليجي في أفواه الناس فقط وفي الإذاعات..
كما اشتكت الأسر أيضاً من مشكلات صحية وعدم عدالة في التوزيع وطالبت بتوفير الناموسيات خوفاً من تفشي الملاريا وسطهم وبأن تكون هنالك مكافحة للذباب وتحسين البيئة التي يعيشون فيها بعد أن فقدوا مساكنهم ..