حميدتي لعب دوراً محورياً في اتفاق السلام وكان قلبه مفتوحاً
جئنا لنُعرّف الشعب السوداني بالجبهة الثورية ومكوّناتها وهيكلها وبرامجها
حركة تحرير السودان قيادة عبد الواحد مكانها محفوظ وِفق إعلان جوبا
القوى التي وقّعت اتفاق “جوبا” فاعِلة سياسياً وعسكرياً
أكد الناطق الرسمي ورئيس اللجنة الإعلامية لوفد الجبهة الثورية إبراهيم زريبة، الذي يزور الخرطوم، أن الهدف من الزيارة مواساة الشعب السوداني في كارثة الفيضانات والسيول التي اجتاجت البلاد مؤخرا، وأضاف أن الوفد برئاسة ياسر عرمان نائب رئيس حركة تحرير السودان بقيادة مالك عقار ووساطة جنوب السودان بقيادة ضيو متوك، بجانب تمثيل المرأة، وأوضح أن الوفد يقوم أيضاً بجولة في كل ولايات السودان للتبشير بالسلام، وشرح اتفاقية السلام لأهل المصلحة، وزيارة معسكرات النازحين واللاجئين. وأشار إلى أن وفد الجبهة يسعى من خلال الزيارة لتعزيز شراكته بين قوى الحرية والتغيير والمدنيين والعسكريين. وأكد لـ”الصيحة” أن الجبهة الثورية ستتحول لحزب سياسي لممارسة عملها السياسي، وذلك يأتي بعد اتفاق الترتيبات الأمنية، والذي يكفل لهم المشاركة في المرحلة الانتقالية باعتبارها تمهيداً للديمقراطية والأسرة الدولة التي تدعم التحول الديمقراطي عبر بعثة “يونيتامس”، وحتماً ستتحول بعد التوقيع النهائي.
وثمّن زريبة دور الفريق محمد حمدان دقلو، ولعبه الدور المحوري في التوصل لاتفاق سلام، مشيراً إلى أن التفاوض تم بقلب مفتوح، وإبداء حسن النية كان لها أثرها الإيجابي في الدفع بالعملية السلمية للوصول لغاياتها بتوقيع اتفاقية السلام.
حوار: فاطمة علي
* حدِّثنا عن زيارة وفد الجبهة الثورية للخرطوم وأهدافها؟
هو وفد نوعي في طبيعة تكوينه مع تمثيل كبير للمرأة، إذ يشمل الوفد تسع عضوات فاعلات ينشطن في لجانه المتعددة، يرأس الوفد الرفيق ياسر عرمان وترافقه لجنة وساطة جنوب السودان بقيادة المستشار توت قلواك والدكتور ضيو متوك. يقوم الوفد بواجب مواساة الشعب السوداني في كارثة الفيضانات والسيول ويتدارس سبل تداركها ويجوب ولايات السودان المختلفة للتبشير بالاتفاقية وشرح تفاصيلها لأهل المصلحة حتى يكونوا على إلمام بها من المصدر الموقِّع عليها.
تسعى الجبهة الثورية عبر وفد مقدمتها إلى تعزيز شراكتها مع قوى إعلان الحرية والتغيير وبين المدنيين والعسكريين والشباب والمرأة وتزور أسر الشهداء وتتواصل مع الطيف السياسي السوداني لبناء كتلة انتقالية ذات قاعدة اجتماعية عريضة لإنجاح الفترة الانتقالية واستكمال مهام الثورة. في المرحلة الثانية يقوم الوفد بالتمهيد لبقية مكونات وقيادات الجبهة الثورية للانتقال إلى الداخل ويشرع في الاتصال بالجهات الحكومية المعنية للنظر في تنفيذ الاتفاقية.
* توقيع السلام بالأحرف الأولى بين الجبهة الثورية والحكومة هل استطاع مناقشة كل القضايا أم إن هنالك قضايا تم إرجاؤها للاتفاق النهائي؟
ما يميز التفاوض في جوبا، أنه كان تفاوضاً بين شركاء وليس تفاوضاً بين فرقاء، بالتالي كان هنالك توافق واتفاق حول كل القضايا المطروحة، ولا توجد نقاط عالقة تنتظر مرحلة التوقيع النهائي. في هذا الصدد نود أن نقول بأن العملية السياسية هي عملية ديناميكية والقضايا تتجدد وتستجد بالتالي علينا التعاطي مع المستجدات كشركاء مع الطرف الحكومي.
* هل تتحوّل الجبهة الثورية لحزب سياسي أم تبقى كما هي؟
تكفل لنا اتفاقية السلام حق التحوّل لأحزاب سياسية وممارسة النشاط السياسي المدني طالما أن اتفاقنا الموقَّع يحوي بند الترتيبات الأمنية، وواضح لنا أيضَا أن وظيفة المرحلة الانتقالية هي التمهيد للديمقراطية والأسرة الدولية ذاتها تدعم التحول الديمقراطي عبر بعثتها (اليونيتامس)ـ بالتالي ستتحول الجبهة الثورية لحزب سياسي بعد التوقيع على اتفاق السلام النهائي، لأن الرهان الآن على الديمقراطية فقط، سيكون من واجبات وفد المقدمة التعريف بالجبهة الثورية ومكوناتها وهيكلها وبرامجها لجماهير الشعب السوداني.
* هنالك عدد من حركات الكفاح المسلح غائبة عن منبر جوبا، ألا يؤثر ذلك في العملية السلمية؟
مبررات الاستمرار في الحرب بعد زوال نظام الطغيان غير مقبولة وغير مقنعة، بالتالي دعوتنا لرفاقنا هي الالتحاق بركب السلام. حركة تحرير السودان قيادة عبد الواحد مكانها محفوظ وفق إعلان جوبا، أما الحركة الشعبية قطاع الشمال قيادة عبدالعزيز الحلو فمنخرطة في مفاوضات السلام في جوبا وأديس اتفاق سلام السودان في جوبا تم توقيعه من قبل قوى فاعلة سياسياً وعسكرياً وسيُعزَّز بالطبع بتوقيع القائدين الحلو وعبد الواحد.
* هل سيصمد اتفاق جوبا أم يصبح كاتفاقيات سابقة مثل أبوجا والدوحة مثلاً، ما هي العقبات والتحديات التي تواجه التنفيذ؟
عندما نتحدث عن اتفاقية أبوجا أو اتفاقية الدوحة أو كل الاتفاقيات التي وُقّعت مع نظام الإنقاذ البائد دعونا نستحضر عنصر الإرادة السياسية السالبة للنظام البائد الذي كان يسعى لإفشال الاتفاقيات لتشويه صورة معارضيه وهزيمتهم سياسيًا ضارباً عرض الحائط بمصلحة الوطن أو مصلحة الشرائح المتضررة، هذا كل ما في الأمر. لقد خاطبت أبوجا والدوحة جذور الأزمة واقترحت الحلول لكن لم يكن هنالك تنفيذ وتلك مسئولية حكومة الإنقاذ وليس الطرف الآخر. أما فيما يخص اتفاقية سلام السودان في جوبا نحن ندرك تماماً أن الطريق غير مفروش بالورود، وهنالك تحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية وأمنية كبرى تواجه الاتفاق، نتمنى أن تتاح لنا الفرصة مستقبلاً عبر منبركم الصيحة لكتابة مقال كامل يفصل في تلك التحديات. ما يدفعنا للتفاؤل هذه المرة، رغم التحديات الجسام هو الرغبة والإرادة في النجاح لتقديم الأمل للشعب السوداني والعبور بالمرحلة الانتقالية لبر الأمان، هذه الإرادة متوفرة. عند كل الأطراف وهي ذخرنا لتحقيق السلام.
* رؤيتكم كجبهة ثورية للخروج من الأزمات التي أثرت في البلاد؟
اقتصادياً سيشكل السلام مخرجاً من الأزمة بإعادته لملايين الأفدنة من الأراضي الزراعية تعطل إنتاجها بفعل الحرب في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور. أيضَا ملايين السواعد الفتية تركت خاملة في معسكرات النزوح تستجدي الإغاثات ستعود للإنتاج وسيحدث ذلك أثراً كبيراً في الاقتصاد السوداني، الحرب عطلت التبادل التجاري لعشرات السنين مع ليبيا، تشاد، أفريقيا الوسطى، جنوب السودان، إثيوبيا وإرتريا، كل تلك المصالح ستعود الآن. المستثمر لا يلقي بأمواله وروحه إلى التهلكة والسلام هو بيئة الاستثمار. سياسياً، تسعى الجبهة الثورية لتعزيز شراكتها مع مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير لخلق إجماع وطني وكتلة وطنية انتقالية فاعلة تعبر بالفترة الانتقالية إلى بر الأمان وتقطع الطريق أمام فلول النظام البائد كي لا يعيدونا للظلم والظلام. اجتماعياً، إدارة التنوع التي أسس لها اتفاق سلام السودان في جوبا ستعيد الثقة للشعب السوداني باعتماد المواطنة كأساس للحقوق والواجبات وتجرّم العنصرية والتمييز والسوالب الاجتماعية التي أفسدت حياتنا. أمنياً سيقل الإنفاق العسكري والأمني كثيراً وستتوجه سواعد فتية الكفاح المسلح إلى بناء الوطن وإعماره. دبلوماسياً، كل العالم الآن صديق للسودان مؤشر ذلك هو نجاح مؤتمرات أصدقاء السودان، أما دخول الجبهة الثورية سيسهم في كسر طوق العزلة عن السودان ويؤسس لعلاقات جديدة مبنية على مصالح شعبنا وتوازنات أمنه القومي.
* ثورة ديسمبر المجيدة التي دفع مهرها الشهداء ماذا تقول عنها؟
دعيني أترحم على أرواح شهدائنا الطاهرة ودمائهم الزكية التي روت شجرة الثورة فأثمرت الحرية – السلام – العدالة. كانت ثورة ديسمبر المجيدة ملحمة رائعة بسلميتها بهرت وألهمت العالم، وقدمت له النموذج فتغنى لها كبار المغنين وتطلّعت لها الشعوب المقهورة كنموذج يحتذى به لنيل الحرية. التحدي أمامنا هو العمل الدؤوب على تحقيق تلك الشعارات الغالية كي لا تروح أرواح شهداء ثورة ديسمبر هدراً وكي لا تروح الدماء التي أريقت في ثورات الهامش لذات الشعارات.
* الصراعات والتفلتات التي تحدث بين الحين والآخر، إلى أي مدى يمكن أن يلعب السلام دوراً في احتوائها؟
السلام يدعو للتعايش بل يقدم برامج عملية له بإطلاق برنامج متكامل لمؤتمرات الصلح وتشكيل لجان الحقيقة والمصالحة والمفوضية. أيضاً هنالك برنامج متكامل لحفظ الأمن وسلامة المدنيين تساهم فيه قوى الكفاح المسلح الموقعة على السلام. قضايا الشعب المستعصية تمت مخاطبتها وسيتم شرحها للمواطنين وتمليكها للشعب بالتالي دوافع التفلتات ستُحاصر تماماً وتقل تدريجيًا.
*هل تم تحديد موعد للتوقيع النهائي وأين سيكون مكانه؟
سيتم توقيع الاتفاقية في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان في الثالث من أكتوبر المقبل.
* الاتفاق الإطاري الذي تم بين الحلو وحمدوك ما هو رأيكم فيه، هل سيدعم المنبر أم هو خصم عليه؟
الظلم التاريخي وممارسات النظام السابق مثل شن الحرب الجهادية ضد أبناء الوطن، تكريس القبلية والجهوية والقهر السياسي للخصوم وتمكين فئات دون أخرى والتمييز الديني والعرقي يجعل التخوف أمراً طبيعياً ويجعل ما ينادي به الحلو أمراً مشروعاً تم تناوله أيضاً في بنود اتفاق السلام الموقع بالأحرف الأولى، ونادت به الوثيقة الدستورية التي تناولت مثل تلك القضايا الهامة لتماسك الدولة السودانية بالتالي تأكيدها من قبل الحلو يدعم اتفاق سلام السودان في جوبا وليس خصماً عليه.
* حميدتي هل لعب دوراً في عملية السلام؟
حميدتي ترأس الوفد الحكومي لمفاوضات جوبا، ولعب دوراً محورياً في التوصل لاتفاق السلام عبر التفاوض بقلب مفتوح وأبدى حسن نية كبيرة كان لها أثرها الإيجابي في الدفع بالعملية السلمية للوصول لغاياتها بتوقيع اتفاقية السلام. إن عنصر الإرادة السياسية الذي غاب عن جولات التفاوض مع الحكومة السابقة توفر الآن بقيادة النائب الأول حميدتي لمفاوضات السلام لأنه ذاق ويلات الحرب، بالتالي هو الأحرص على السلام.