تقرير: مريم أبشر
وضع اسم السودان على القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب منذ تسعينات القرن الماضي إبان عهد النظام السابق، ظل العقبة الكؤود التي تتكسر عندها كل معاول البناء لحكومة الثورة. ومنذ تشكيل الحكومة الانتقالية وضعت ملف إزالة السودان من القائمة في سلم أولوياتها وفتحت عقب تسلمها الحكومة حواراً مع الإدارة الإمريكية للإيفاء بالشروط الأمريكية الموروثة عن النظام البائد. وطبقاً لتصريح منسوب لرئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك فإن الانتقالية أوفت بكل الالتزامات والشروط الأمريكية الخاصة برفع اسم السودان القائمة، رغم الضائقة الاقتصادية التي سجلت أثراً على كل الشعب السوداني، إلا أن الحكومة الانتقالية اقتطعت من ميزانياتها الشحيحة مبالغ لتسديد فاتورة ضحايا تفجيرات اتهم فيها النظام البائد وورثتها حكومة الثورة، غير أن واشنطن ما زالت تماطل فى اتخاذ خطوة عملية لرفع السودان من القائمة، الأمر الذى يجعل عدداً من نقاط الاستفهام والتوقعات وضع مزيد من الاشتراطات الجديدة أمر غير مستبعد خاصة فيما يلي ربط الرفع بالتطبيع مع تل أبيب، حديث يدور في الغرف المغلقة، بعد أن وضعت الحكومة الانتقالية وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو في الصورة إبان زيارته الشهر المنصرم للخرطوم قادماً من تل أبيب بأن الحكومة الانتقالية ليس من مهام تفويضها المحدد المهام البت في فتح صفحة جديدة وعلاقات طبيعية مع إسرائيل. حكومة ترامب التي تسابق الزمن لتسجيل نقاط تسهم في إعادتها مرة ثانية للبيت الأبيض يعتقد مراقبون أنها تسعى لاستغلال الظرف الاقتصادي الذي تمر به الحكومة الانتقالية وزادته تعقيداً الكوارث الكبيرة التي خلفتها السيول والأمطار بممارسة الضغط والتماطل لطي الملف الذي تأذى منه كل بيت سوداني جراء الطموح الأيدولوجي للحكومة السابقة.
شروط سياسية
خبير دبلوماسي تحدث للصيحة وضع مبررات وضع السودان على قائمة الأرهاب أصلاً وشروط رفعه الماثلة حتى الآن لدواع سياسية للولايات المتحدة حتمها التوجه الأيدولوجي الذي كان يتبعه النظام السابق، وقال الخبير إن موضوع وضع السودان في قائمة دعم الإرهاب الأمريكية وفرض عقوبات عليه، هو في جوهره قرار سياسي بامتياز يتصل بالتوجهات الإسلامية للنظام السابق، والشروط التي وضعتها الإدارة الأمريكية منذ عهد أوباما للخروج من القائمة متمثلة في المسارات الخمسة هي أيضاً شروط سياسية، مضيفًا بقوله: لأن تقدير الوفاء بها من عدمه هو تقدير نسبي يعتمد بدرجة كبيرة على عين الرضى أو السخط التي تنظر بها الإدارة الأمريكية للنظام الحاكم في السودان.. ويرى أن تحقيق السلام في دارفور مثلاً هو أحد تلك الشروط، ومن الواضح أنه لم يتحقق بعد بشكل كامل حتى الآن، ورجح أن يكون أن يكون حديث السيد رئيس الوزراء يشير إلى التصريحات التي نُسبت لوزير الخارجية الأمريكي مؤخراً والتي يقول فيها أنه تبقت قضية واحدة أمام رفع اسم السودان من قائمة دعم الإرهاب وهي دفع قيمة تسوية قضية ضحايا سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا والبالغة ٣٣٠ مليون دولار، وأضاف: قد يجوز القول بأن جهة ما عرضت دفع ذلك المبلغ إنابة عن السودان على أن تتم التسوية معها بشكل ثنائي لاحقاً.
اضطراب وضع
لم يستبعد خبراء ومراقبون للعلاقات السودانية الأمريكية مزيداً من التماطل ووضع العراقيل أمام خطوات من جانب واشنطن لرفع اسم السودان من قائمتها السوداء.
ويعتقد الخبير الدبلوماسي الطريفي كرمنو أن واشنطن قد تستغل الوضع المضطرب في السودان اقتصادياً وسياسياً وحتى ملف السلام ما زال منقوضاً لمزيد من التماطل، ويرى فى حديثه للصيحة أن الوضع غير مشجع وربما يدفع واشنطن لوضع مزيد من الشروط. ويؤكد كرمنو أن السودان أوفى بشروط منذ إزاحته نظام الإنقاذ، لافتاً إلى أن الإدارة الأمريكية على علم بمن هو وراء الهجمات الإرهابية يعتقد أنه ليس من الإنصاف ربط رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب بالتطبيع مع إسرائيل، مشيرًا إلى أن التوقيت الذي جرت فيه الأحداث لم يكن متزامناً وليس بين الملفين صلة أو رابط.. وشدد على أهمية تمسك الحكومة برفع السودان قبل أي التزام بالسعي لإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، مذكراً بأن أمريكا درجت على عدم الوفاء بالوعود، وذكر أمثلة بعدم التزامها بدفع الالتزام المالي الذي تعهدت به إإبان توقيع اتفاق السلام الشامل، ولم تفِ حاليًا بما التزمت به في مؤتمر المانحين بجنيف، ويرى أن حديثها حول مساندة التغيير في السودان وحكومة الثورة لا يخرج عن كونه إنشاء سياسي ليس له ما يسنده من واقع، وأضاف: كان ينبغي لواشنطن أن تساند الحكومة الآن عمليا وهى تمر بضائقة اقتصادية فاقمتها الكوارث الطبيعية، ونبه كذلك لتراخي الإدارة الأمريكية في ترفيع تمثيلها الدبلوماسي الذي جرى الاتفاق عليه في الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء لواشنطن العام الماضي خاصة وأن السودان أوفى باتفاق الترفيع ودفع بسفيره لواشنطن منذ فترة.