الخرطوم: سارة إبراهيم
ظلّ الوضع الاقتصادي يزاد قتامة يوماً بعد يوم وعيش المواطن في ضائقة معيشية أقل ما توصف بالصعبة، ووصل التضخم إلى ١٢٢٠% على حسب الخبراء الاقتصاديين بعد أن استبشر المواطن خيراً بأن يتحسن الوضع الاقتصادي بعد سقوط النظام البائد، ولكن إقرار وزيرة المالية والتخطيط الاقتصادي المكلفة د. هبة محمد علي في مؤتمر صحفي أمس الأول، بتأثير معدلات التضخم على المواطن، وأنها كوزيرة “مرتبها لا يكفي لنهاية الشهر” وتساءلت عن كيفية وضع المواطن.
وأوضحت أن برنامج الإصلاح الاقتصادي يسعى للحد من ارتفاع التضخم، وقالت إن الهدف من برنامج (سلعتي) توفير السلع الضرورية للمواطن عن طريق البيع المباشر من المنتجين، إقرارها بالعجز يؤكد فشل وزارتها في إدارة ملف الاقتصاد ومعاش الناس.
وقدمت الوزيرة اعتذاراً شخصياً للقوات المسلحة عن تأخير صرف مرتب أغسطس، باعتباره الاعتذار الأول للجيش وننتظر بقية الاعتذارات لمن تكون التعليم أم الصحة أم غيرها من القطاعات التي تعاني من التدني والتدهور.س
وفي ذات السياق، قال الخبير الاقتصادي د. محمد الناير، إن الوضع الاقتصادي الراهن نبهنا منذ وقت مبكر مراراً وتكرارًا ان حكومة الفترة الانتقالية تتعامل مع الوضع الاقتصادي ببطء شديد، لافتًا إلى اهتمام الحكومة بملفات أخرى كملف السلام والمجتمع الدولي واندماج الاقتصاد في المجتمع الدولي، وهي ملفات مهمة، لكن الملف الأخطر هو الملف الاقتصادي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاهتمام بمعاش الناس، وهذه المشكلة الأساسية للأسف أهملتها الحكومة واهتمت بملفات أخرى، وقال في حديثه لـ(الصيحة): مر عام على الحكومة الانتقالية والوضع الاقتصادي يتدهور بصورة مروعة حتى الآن لم يتم إيقاف تدهور العملة الوطنية التي أصبحت تتدهور ليس بصورة يومية أو أسبوعية أو شهرية بل اليوم الواحد لأكثر من مرة، وأضاف أن القضية ممتدة ومنذ انفصال جنوب السودان الذي يحدد سعر الصرف هو السوق الموازي وبنك السودان لا حول ولا قوة له في هذا الأمر، ولا يستطيع أن يحدد سعر الصرف وأن الخمسة والخمسين جنيهاً المحددة من قبل البنك ليست لديها أي تعاملات، وبالتالي سعر الصرف يحدد بالسوق الموازي، ومنذ العام ٢٠١١ م وفقدان البلاد لأكتر من ٧٥% من إيرادات الدولة أو مصادر النقد الأجنبي كان من المفترض أن تعاد هيكلة الاقتصاد وتسع سنوات كافية لإعادة هيكلته وتنويع الموارد، ولكن للأسف لا الحكومة السابقة ولا الحكومة الحالية استطاعتا أن تحدثاً شيئاً من تقدم في هذا الملف، ولم تستفيدا من الأدوات المتاحة لديهما، ولم تعتمداً على برنامح سوداني وطني يعتمد على استغلال الموارد الطبيعية في باطن وخارج الأرض بل ظلت تعتمد على المجتمع الدولي ولم يفد السودان شيئًا ووقف كالمتفرج في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، والآن الوضع ازداد تعقيداً، لم تكن قضية سعر صرف أو ارتفاع معدلات التضخم وإنما جاءت عليها كارثة طبيعية (الفيضانات والسيول)، أثرت على الشرائح الضعيفة جداً، وهذا الأمر يحتاج وقفة كبيرة جداً ومساندة في توفير المأوى وهذه مشكلة كببرة جدًا في ظل عجز الدولة عن سداد المرتبات العامة بصورة أساسية. ولعل تصريح وزيرة المالية نوعاً من الاعتراف بالفشل بأن راتبها لا يكفيها الشهر، وهذا يعني أن هناك تراجعاً كبيراً في القوة الشرائية في العملة الوطنية، بالتالي الزيادة التي حدثت في القطاع العام لم تحدث أي تحسن للعاملين في الدولة، لذلك نأمل أن تعيد الدولة النظر في السياسات التي أعلنت عنها وأدت إلى التراجع الكبير والموازنة المعدلة مجرد الإعلان عنها من مجلس الوزراء ومجلس السيادة كان كفيلاً بان تتراجع العملة الوطنية بصورة غير مسبوقة باعتبار أن الدولة ماضية في السياسات التي انتهجها وزير المالية السابق خاصة فيما يتعلق بتوحيد سعر الصرف دون أن يكون هناك احتياطي للبلاد، وهذه مغامرة غير مسحوبة وأيضًا رفع أسعار الوقود له آثار سالبة وأيضا زيادة أسعار الكهرباء للمواطنين بجانب زيادة أسعار الدولار الجمركي بنسبة ٣٠% لمدة عامين، كلنا يعلم أن الخطوة التي اتخذها النظام السابق بزيادة الدولار الجمركي من ٦ جنيهات إلى ١٨ جنيهاً كانت آثارها الاقتصادية السالبة إلى يومنا هذا وبالتالي كون الدولة تقر بزيادته لمدة عامين هذا قرار غير مسبوق والموازنة المعدلة قرار كارثي، وهذا وصف الحاضنة السياسية نفسها التي لم تستطع أن تتوافق مع الجهاز التنفيذي حول السياسات المتبعة، وقضية الرواتب لابد للدولة من معالجتها والبحث عن مصادر حقيقة لتغطية المرتبات ومعالجتها بصورة أساسية.