شاكر رابح يكتب : التمثيل النسبي في الانتخابات
بالرغم من قرب انتهاء الفترة الانتقالية وفق ما ورد في الوثيقة الدستورية إلا أن المتابع للشأن السياسي يجد أن لا حديث عن تكوين مفوضية الانتخابات القومية المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية ولا توجد أيضا أي مظاهر أو تحضير من قبل الاحزاب والقوى السياسية للانتخابات المقبلة، وعلى ما يبدو أن حكومة الفترة الانتقالية مشغولة بملفات أخرى أو من المحتمل أن تفضي عملية السلام التي وقعت مؤخرا بعاصمة جنوب السودان جوبا إلى تمديد الفترة الانتقالية الى سنوات اخرى وتمديدها لا يتأتى إلا بإلغاء او تعديل الوثيقة نفسها. وانا أبحث عن كيفية اجراء الإنتخابات بعد انتهاء الفترة الانتقالية اطلعت على رؤية حزب التنمية القومي تحت التأسيس والتي يرى فيها الحزب أن تجري الانتخابات وفق التمثيل النسبي وهذه الطريقة التي يدعو لها الحزب جديدة ومتفردة خاصة في السودان وان كان نظام الإنقاذ السابق حاول إجراء انتخابات في العام 2010 بالنظام المختلط وفقا للدوائر الجغرافية والقائمة النسبية، وتقوم رؤية حزب التنمية القومي على الآتي: (يقوم نظام التمثيل النسبي عبر القائمة النسبية على تقديم كل حزب سياسي لقائمة من المرشحين في كل واحدة من الدوائر الانتخابية متعددة التمثيل ويقوم الناخبون بالاقتراع لصالح الاحزاب حيث يفوز كل حزب سياسي بحصة من مقاعد الدائرة الانتخابية تتناسب مع حصته من أصوات الناخبين ويفوز بالانتخابات المرشحون على قوائم الاحزاب وذلك حسب ترتيبهم التسلسلي على القائمة). في تقديري ان هذه الطريقة مثلى وتقلل من الاساليب الفاسدة خاصة الرشوة وشراء زمم الناخبين في حالة اجراء الانتخابات بنظام الدائرة الجغرافية وفيه معائب كثيرة منها إدلاء الفرد بصوته بناء على صلة القربي او العصبية القبيلة او المناطقية وبالتالي إجراء الانتخابات بطريقة التمثيل النسبي تتيح فرصة ان يدلي الشخص بصوته وفقا للبرنامج الذي طرحه الحزب وهذه الطريقة لديها محاسن ومساوئ ومن عيوبها لا يستطيع أي حزب مهما كان ثقله الشعبي تحقيق فوز مطلق إلا عبر تحالف مع احزاب سياسية أخرى، ومن محاسنها تستطيع الاحزاب ذات الشعبية الضعيفة الدخول للبرلمان وفق النسبة التي تحققها، وإجراء الانتخابات بطريقة التمثيل النسبي معمول بها في كثير من الدولة منها ايطاليا والجدير بالذكر أن تلك الطريقة أدت إلى عدم استقرار الحكومات لعدم تمكن أيٍّ من الاحزاب من الفوز بالأغلبية المطلقة وفي تركيا قد تحصل حزب العدالة والتنمية ما نسبته 46.6% من الأصوات بينما حصل حزب الشعب الجمهوري على 20.83% من الاصوات وحزب الحركة الوطنية على 14.29% ولم يتحصل أي من الاحزاب الكبيرة في تركيا على الاغلبية المطلقة وبالتالي صعّب ذلك من عملية تمرير القوانين والتشريعات إلا في إطار التنسيق والتحالف مع الاحزاب الاخرى. أشارت رؤية حزب التنمية القومي إلى مسائل مهمة يجب أخذها بعين الاعتبار لتحديد طريقة عمل نظام القائمة النسبية فقد يفرض النظام المعتمد اجتياز نسبة حسم محددة للحصول علي تمثيل في الهيئة التشريعية المنتخبة واذا كانت تلك النسبة مرتفعة “10 بالمائة كما هو معمول به في تركيا على سبيل المثال” سيؤدي ذلك الى استثناء الاحزاب الصغيرة وحرمانها من الحصول على تمثيل لها ،بينما قد تسمح لهم بذلك نسبة حسم منخفضة ” 1.5 بالمائة كما هو الحال في إسرائيل مثلا” اما في دول مثل جنوب افريقيا لا توجد نسبة حسم وقد ادي ذلك في اخر انتخابات الي فوز الحزب المسيحي الديموقراطي بعدد ستة مقاعد من اصل 400مقعد رغم حصوله علي نسبة 1.6% فقط من اصوات الناخبين.
واعتقد أن نظام القائمة النسبية يسهل من عملية الاشراف والمتابعة لمفوضية الانتخابات نسبة لتقليل عدد الدوائر الجغرافية وكذلك يستطيع الناخب كما اسلفت التصويت بناء على برامج وخطط وسياسيات الحزب وليس على العلاقات الشخصية وهذا يجعل التنافس بين الاحزاب على الأفكار والبرامج والمبادئ وليس الصراع بين الاشخاص مما يحرر اعضاء البرلمان من ضغوط الناخبين . يري عدد من الساسة ان إجراء الانتخابات وفق القائمة النسبية لا يستقيم إلا في المجتمعات الديمقراطية لأنه يستدعى حرية تكوين الاحزاب، وايضا يتوافق مع العدالة ويحقق تمثيلا صحيحا وعادلا للأقليات.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل