الخرطوم: رشا التوم
مؤسف حقاً أن يكون الدقيق والخبز أحد أهم التحديات التي تواجه الحكومة الانتقالية، ومن مبدأ الشفافية يجب على وزارة الصناعة والتجارة تمليك الرأي العام والمواطن بما يدور في شأن الدقيق والخبز باعتباره من أهم الملفات للشعب السوداني، وتظل أزمة الخبز ووجودها تمثل فضيحة والدولة لا تملك القدرة على توفير أبسط مقومات المعيشة للمواطن.
وليس من القبول السير على نهج النظام السابق بإدخال المواطنين في دوامة من المعاناة من خلال الوقوف في الصفوف للخبز والغاز والمحروقات وغيرها مما يتطلب من الحكومة التدخل العاجل لتوفير مطلوبات توفير الدقيق والتي تعد أحد أهم الأدوات للحياة المعيشية.
تسلمت وزارة التجارة والصناعة والتي يرأسها الوزير مدني عباس مدني ملف الدقيق منذ أكثر من عام، وقد أكد الوزير في بادرة حديثه في مؤتمر صحفي عقد قبل عدة أشهر عن موقف الدقيق في البلاد أنه تم جمع إصحاب المصلحة من أجل حل المشكلة بضبط عملية الرقابة من المطاحن والوكلاء والأفران، وأقر بأن التحدي الذي يواجههم عدم توفر المعلومات وإن وجدت فهي متضاربة، علاوة على أن الملف كان متعلقاً بالامنوالوزارت المختصة لا تملك حوله أي معلومات، مشيراً إلى بناء قاعدة معلومات أساسية قُطع فيها شوط كبير من خلال الحراك الأخير لوزارته في الملف.
نقص الحصص
من ناحيته، أقر عضو شعبة المخابز بكري السر مامون بنقص حاد في حصص الدقيق المدعوم المقدر بـ47 ألف جوال دقيق، والتي خصصتها الحكومة لولاية الخرطوم، مشيرًا إلى حدوث شح حاد في محلية شرق النيل ومحلية أمبدة اللتين تأثرتا بالنقص بصورة كبيرة، مشيراً الى استقرار منطقة الخرطوم وسط بنسبة 100%. وأكد بكري في تصريح لـ(الصيحة) أمس أن المخابز البلدية تحصل على 60 جوالاً فقط في الأسبوع في محلية أمبدة، واتهم شركات توزيع الدقيق بعدم الوفاء بالحصص المقررة، وانتقد تراجع الـ47 ألف جوال المدعوم إلى 40-42 ألف جوال مقارنة بعدد المخابز العاملة في الولاية والتي لا تتجاوز 4 آلاف مخبز، وقال: من المفترض أن يتسلم كل مخبز ما يعادل 12-13 جوالاً يوميًا. وزاد: (الحكومة تؤكد أنها تدعم والشركات لا تلتزم بإنتاج الحصة المقررة بواقع 74 ألف جوال) مما أدخلنا في دوامة من الشكوك حول مصداقية الطرفين، ولفت أن المخابز العاملة في محلية كرري يتحصل كل مخبز على 72 جوالاً في الأسبوع وبعض المخابز تغلق أبوابها منذ الحادية عشرة صباحاً نتيجة لعدم توفر الدقيق، وانتقد اتجاه الحكومة لتطبيق تجرية الخبز التجاري لعدم جاهزيتها، ودعا إلى إصدار قوانين رادعة وتشديد الرقابة على الأوزان وجزم بانتهاء صفوف الخبز حال التزمت الحكومة بتوفير الدقيق المدعوم للمخابز مناشداً الجهات الحكومية بمتابعة ملف الخبز للقضاء على ظاهرة الصفوف.
استمرار الدعم
وزير الصناعة مدني كان قد وعد المواطنين باستمرار الحكومة بدعم الخبز والحرص على وصول الدعم فعلياً لمستحقيه وتحقيق العدالة في توزيع الحصص لكل مناطق السودان التي لا تصلها نصف الكمية المقررة لها في الفترة الماضية.
واعترف بان هناك فوضى وتشوهات واختلالات خلقت الأزمة الحالية، بيد أنه عاد ليقول: رغم الظروف الاقتصادية الدولة تدعم الخبز.
وطرح مدني عدداً من الحلول على المدى القصير لمعالجة أزمة الدقيق والخبز بعمل نظام مراقبة إلكتروني ونظام عادي لتنظيم توزيع السلعة في الولايات والمحليات، وتم تغيير آلية توزيع الدقيق، ولكن يبدو أن الأزمة أعمق وأكبر بكثير.
عدم التزام
شهد عدد من المخابز الأسبوع الجاري عودة صفوف الخبز مجدداً، وأوصد عدد كبير منها أبوابه لعدم توفر الدقيق ونقص الحصص المقررة، في وقت شكا فيه المواطنون من عدم توفر الخبز وتمددت الصفوف في مشهد مأساوي للباحثين عن الرغيف والانتظار لساعات طويلة أملاً في الحصول على مبتغاهم.
وشكا عدد منهم من تناقص أوزان وحجم الخبز رغم تحديد الحكومة زنة الرغيفة الواحدة بـ80 جراماً والسعر بواقع 2 جنيه، وما حدث في الواقع أن بعض المخابز ضربت بالقرار عرض الحائط وتباينت الأحجام للخبز من مخبز لآخر.
وأقر صاحب مخبز بشمال بحري طارق فرج الله بأن المشكله تعود إلى نقص حصص الدقيق المقررة ومماطلة الشركات في تسليم الدقيق للمخابز وتبلغ حصتهم اليومية ما بين 20 إلى 25 جوالاً يومياً من شركة سيقا فقط والتي تمنحهم دقيقاً يكفي لـ 5 أيام في الاسبوع، مشيراً إلى توقف حصص الدقيق من شركة روتانا قبل عطلة عيد الأضحى دون أسباب معلومة وشركة سين تقوم بإجراء بعض المعالجات بتسليمهم 18 جوالاً في الأسبوع وتوقفت حالياً دون إنذار مسبق، وشكا من ارتفاع تكاليف إنتاج الخبز، حيث يبلغ سعر الجوال من الشركة 600 جنيه، وأجرة العامل للعجنة الواحدة يعادل 80 جنيهاً، ولفت إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار الخميرة، حيث ارتفع سعر الكرتونة من 3700 إلى 4200 جنيه، وسعر الغاز ما بين 2500 إلى 3 آلاف جنيه حسب الصهريج، وأكد أن أبرز المشكلات التي تواجه عملهم تناقص حصص الدقيق معلناً توقفهم اليوم عن العمل بسبب عدم توفر الدقيق وقطوعات الكهرباء المستمرة مما يوقفهم إجبارياً عن العمل.
تحديات كبيرة
الناظر إلى مجريات الأحداث في ملف الدقيق والخبز، يرى بعين لا تخطئ بأن هناك تحديات كبيرة تواجه الملف وتحول دون حدوث انفراج في أزمة الخبز ومنها توقف بعض المطاحن عن العمل واتباع البعض منها المنهج الاعتذاري والتحجج بعدم توفر الحصص المقررة وتوقف بعض الشركات والمطاحن عن العمل، وعدد من المخابز توقفت جراء النقص الكبير في حصص الدقيق المقررة بجانب مشكلات في ارتفاع سعر جوال الدقيق الحكومي المدعوم ومشكلات متعلقة بالأجور والعمالة وارتفاع أسعار مدخلات إنتاج الخبز كافة.
أزمة لوجستية
أزمة الخبز صنفت بأنها جزء منها لوجستي وتهريب، والأمر متعلق بعدد من الجهات وأي مسألة متعلقة بالقمح وتوفيره على وزارة المالية معالجته مباشرة ويترتب على ذلك السعي لحل المشكلات المتعلقة بالمطاحن وفعاليتها وإعادة النظر في تصميم كفاءتها.
دراسة رسمية
وأقرت دراسة رسمية أعدتها وزراة الصناعة بأن عدد المطاحن يقدر بـ5 مطاحن و131 وكيلاً رسمياً ومعتمداً ويبلغ عدد المخابز 13.670 مخبز، ويبلغ الاستهلاك السنوي 78% ونسبة الاستخلاص الفعلي أقل من 40% وإنتاج الدقيق بواقع 36.500 مليون وأقل من 100 ألف التوزيع اليومي وتبلغ الكوتة الرسمية 180 ألفاً والاستهلاك الحقيقي للخرطوم 46.640 وكشفت الدراسة أن الولايات تعاني من نقص كبير في الدقيق وتهرب حصة الخرطوم إلى دول الجوار.
وأكدت الدراسة أن تكلفة الدقيق بواقع 1.144.000 مليون دولار و165 الف دولار للدقيق المدعوم والذي يهرب غالبيته، وتبلغ تكلفة الدقيق الفعلية للجوال 2.200 ج وتكلفة الجوال في المخبز 550 والدعم في كل جوال 1.650 جنيهاً تقدمها الدولة، ولكن للأسف الشديد تذهب إلى أصحاب المطاعم واستخدامات الحلويات والتهريب و50% من دعم الدولة للخبز لا يذهب لمستحقيه و25% من كامل الدعم يذهب للاستخدامات التجارية، والتكلفة الحقيقية لصناعة الخبز فإن جوال الدقيق زنة 50 كجم ينتج خبزاً زنة 65 كجم حوالي 560 للجوال، وتدعم الحكومة دقيق الخبز بمبالغ طائلة يومياً وتوفر الجوال بسعر 550 جنيهاً للمخابز، توزعها شركات الطحن 37 ألف جوال دقيق في الواقع للمخابز يومياً بولاية الخرطوم، رغم أن الكمية اليومية على الورق تبلغ 45 ألف جوال لـ “3.7” مخبز، عبر نحو 40 من الوكلاء، ويوفر الوكلاء وسائل التخزين والترحيل والشراء والسداد وتوفير الضمانات اللازمة لانسيابه إلى المخابز.
آلية لمراقبة الدقيق
من جهته، كان اتحاد المخابز قد دعا لإنشاء آلية جديدة لمراقبة الدقيق وضبط التوزيع ورهن انجلاء أزمة الخبز كلياً بوجود جسم رقابي فاعل، وأكد الاتحاد أن كميات الدقيق الموزع يومياً تبلغ 35 ألف جوال فقط رغم أن الكمية اليومية المقررة على الورق 45 ألف جوال يومياً.
شكاوى المواطنين
في السياق نفسه، ارتفعت أصوات السخط والاستياء من المواطنين من عدم توفر الخبز وتمددت الصفوف في مشهد مأساوي للباحثين عن الرغيف والانتظار لساعات طويلة أملاً في الحصول علي مبتغاهم.
وشكا عدد منهم من تناقص أوزان وحجم الخبز رغم تحديد الحكومة زنة الرغيفة الواحدة بـ80 جراماص والسعر بواقع 2 جنيه وما حدث في الواقع أن بعض المخابز ضربت بالقرار عرض الحائط وتباينت الأحجام للخبز من مخبز لآخر.
واقر صاحب مخبز بشمال بحري طارق فرج الله بأن المشكله تعود الى نقص حصص الدقيق المقررة ومماطلة الشركات في تسليم الدقيق للمخابز وتبلغ حصتهم اليومية ما بين 20 إلى 25 جوال يومياً من شركة سيقا فقط والتي تمنحهم دقيقاً يكفي لـ 5 أيام في الأسبوع، مشيرًا إلى توقف حصص الدقيق من شركة روتانا قبل عطلة عيد الأضحى دون أسباب معلومة وشركة سين تقوم بإجراء بعض المعالجات بتسليمهم 18 جوالاً في الأسبوع وتوقفت حالياً دون إنذار مسبق وشكا من ارتفاع تكاليف إنتاج الخبز حيث يبلغ سعر الجوال من الشركة 600 جنيه وأجرة العامل للعجنة الواحدة ما يعادل 80 جنيهاً ولفت إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار الخميرة، حيث ارتفع سعر الكرتونة من 3700 الى 4200 جنيه وسعر الغاز ما بين 2500 إلى 3 آلاف جنيه حسب الصهريج، وأكد أن أبرز المشكلات التي تواجه عملهم تناقص حصص الدقيق معلناً توقفهم اليوم عن العمل بسبب عدم توفر الدقيق.
ومن ناحيته أكد عضو المكتب التنفيذي لاتحاد أصحاب المخابز عصام الدين عكاشة في تصريح سابق لـ(الصيحة) انخراط أصحاب المخابز بولاية الخرطوم البالغ عددها ٤ ألف مخبز في اجتماعات لتوحيد الرؤية والوصول إلى قرار موحد إما الاستمرار في العمل أو التوقف، وشكا عدم توفر الدقيق وارتفاع تكلفة التشغيل، وقال: سعر جوال الدقيق المدعوم من الحكومة ارتفع من 535 الى 640 جنيهاً وأن سعر كرتونة الخميرة ارتفعت من ١٨٠٠ جنيه إلى ٤ آلاف جنيه، والزيت من 1600 جنيه إلى 4200 جنيه والعمالة من 50 جنيهاً ارتفعت إلى 100 جنيه للعجنة الواحدة، والغاز من 1150 الى 1750 جنيهاً، مشيرا إلى أن أصحاب المخابز كانوا في السابق يشترون الجالون بأقل من 20 جنيهاً وحاليا بأكثر من 100 جنيه للجالون الواحد بالسعر التجاري، مطالبًا الحكومة بدعم كافة مدخلات الإنتاج حال أرادت الاستمرار في بيع الرغيفة بوزن 80 جراماً بسعر 2 جنيه، مبيناً أن الحاجة اليومية من الدقيق حوالي 15 جوالاً يومياً وفعلياً تتسلم المخابز ما بين 7 إلى 8 جوالات فقط، وقال: نحن في نهاية الأمر تجار ولن نعمل بالخسارة، ونسدد أجور عمالة وإيجارات وغيرها، وزاد قائلاً (حد الصبر انتهى)، ووصف كميات الدقيق الموزعة داخل العاصمة الخرطوم بالضعيفة، ولا تكفي الحاجة الفعلية مما يخلق ندرة وشحاً في الخبز، محذراً من تفاقم الأزمة عقب فتح المدارس والجامعات والعائدين من الولايات، ولفت أن الولايات تشهد أزمة مماثلة في الخبز والموقف متأزم للغاية.