الخرطوم / نجدة بشارة
ما زال العالم يذكر كارثة الجفاف التي ضربت القارة الأفريقية ومن بينها السودان في العام 1984ـ 1985م، وأودت بحياة الآلأف الناس، يومها استجاب العالم سريعاً، وهب لمساندة ودعم السودان حتى إن مجموعة من نجوم الغناء العالميين بالولايات المتحدة الأمريكية تغنوا أمام فندق هلتو بالأغنية الشهيرة ،(نحن العالم ) (We are the world(
التي كتبها الراحل مايكل جاكسون لدعم المجاعة في أفريقيا وما زال يتردد صداها، واليوم وبعد أن أُعلن السودان منطقة كوراث طبيعية، وأعلنت فيه حالة الطوارئ مدة ثلاثة أشهر، ضجت شبكات التواصل الاجتماعي عالمياً، وانتشرت الهاشتاقات التي تدعم السودان على المستوى العالمي، مثل هاشتاق (سلام من قلبي للخرطوم)، (نفير)، الذي نشرت عليه صور لحجم الكارثة، وبعث برسالة لكل السودانيين خارج الوطن ولكل أصدقاء الشعب السوداني في العالم يمكنكم الدعم من الخارج وأرفقت بالهاشتاق أرقام حسابات لبنوك، الهاشتاق وجد تفاعلاً كبيراً وسط المغتربين من كل دول العالم، وغرد عدد من المسئولين بالدول العربية معلنين عن تضامنهم ومؤكدين استعددهم للدعم الكامل للسودان، فيما استنكرت تغريدات أخرى في ذات الوقت ضعف الاستجابة من قبل الدول العربية ونشر الإعلامي المذيع محمد عبد الرحمن تغريدة كتب فيها أحمل نفس المحبة للبنان والسودان لكنني أتساءل لماذا احتشد العرب وتحرك العالم تعاطفاً مع لبنان ودعماً له بعد انفجار الميناء، ولم تتحرك العواطف، ولا أُعلن عن الدعم للسودان مع كارثة الفيضان القاتلة؟ هل هناك نكبات تملك (كاريزما) تستحق الاهتمام، ونكبات فقيرة نصيبها الإهمال؟ وأعلنت بعض الهاشتاقات عن رغبتها في التطوع وغردت الناشطة الأجنبية من الأصول العربية أنجل إبراهيم (هو احنا ينفع نسافر للسودان كمتطوعين نساعد الناس هناك).
الوضع بالداخل
ومع استمرار تزايد مناسيب النيل، وارتفاع حجم الخسائر والأضرار، أقرت الحكومة بأن الكارثة أكبر من إمكانياتها، وقال رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك إن (الكارثة أكبر من إمكانيات الحكومة وبحاجة لدعم الأشقاء والأصدقاء والمجتمع الدولي)، ومع ذلك وبحسب إحصائيات مجلس الدفاع القومي المدني، فإن نحو 102 لقوا مصرعهم، حتى أمس الثلاثاء، فيما يواصل المجلس حصر الخسائر في الأرواح والممتلكات.
ولا يزال ارتفاع مناسيب المياه غير المسبوقة في النيل الأزرق والأبيض ينذر بفيضانات في مناطق واسعة من البلاد، وسط مخاوف من أوضاع كارثية تهدد حياة الملايين وأكد زير الخارجية السوداني المكلف، قمر الدين على ثقة الحكومة في المجتمع الدولي للاستجابة ومساعدة السودان في هذا الظرف الدقيق.
استجابة دولية
ومن جانبها، أعلنت جامعة الدول العربية تضامنها الكامل مع السودان، ومساندته في جهوده لمواجهة تداعيات السيول والفيضانات التي اجتاحت عدداً من مناطق البلاد. ووجه الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط، بتقديم دعم مالي عاجل للحكومة السودانية من صندوق دعم الشؤون الإنسانية لدى الجامعة العربية، قصد مساعدة الحكومة على مواجهة تداعيات هذه الكارثة، وتوفير الإغاثة للمتضررين من هذه السيول والفيضانات، وقال مصدر بالجامعة، إن أبو الغيط وجه أيضاً بالعمل نحو سرعة عقد الآلية المشتركة بين الجامعة العربية والجهات المختصة بالشؤون الإنسانية في الحكومة السودانية لوضع خطط عاجلة لدعم السودان على الصعيدين الإغاثي والتنموي.
في الأثناء أعلن القائم بالأعمال المصري في السودان السفير نادر زكي عن زيارة وزيرة الصحة المصرية الدكتورة هالة زايد برفقتها وفد طبي مكون من 20 طبيبًا في مختلف التخصصات ؛ وممرضين ومتخصصين في مكافحة الأوبئة؛ وبصحبتهم مستلزمات طبية وأدوية وأوضح أن الفريق الطبي المصري سيبقى في السودان حتى الاطمئنان على انحسار الأزمة الحالية؛ التي خلفتها السيول والفيضانات التي ضربت السودان. بالمقابل وصلت طائرة إغاثة من دولة الأمارات لتوفير الاحتياجات الإنسانية العاجلة لمتضرري السيول والفيضانات بالسودان مقدمة من الهلال الأحمر الإماراتي وفق توجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ومتابعة الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة ورئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي. ويرافق الطائرة وفد من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لإيصال المواد الإغاثية للمحتاجين والتي تتضمن مواد غذائية وإيواء “خيام وأغطية ومشمعات مواد طبية وصحية لإصحاح البيئة.
أصدقاء السودان
ومؤخرًا كانت مصر قد أعلنت عن جسر جوي عبر إرسال طائرتين عسكريتين، بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، تحملان مساعدات عاجلة لمتضرري الفيضانات في السودان. وفي السياق شارك الأمير السعودي، سلطان بن خالد آل سعود، في هاشتاج “من قلبي سلام للخرطوم” قائلاً: “اللهم احفظ أهلنا وإخواننا في دولة السودان الشقيقة والحبيبة وأسأل الله لهم تجاوز هذه الأزمة فكلنا مع هذا الشعب الطيب والكريم والمعطاء” وغرد الإعلامي الرياضي السعودي، وليد الفراج، قائلاً: “السودان وأهله الطيبين أهل الكرم والنخوة، قلوبنا جميعًا معهم في هذه الكارثة الطبيعية من فيضان النيل، اتمنى من الله أن تتضافر جهود كل الدول والشعوب المحبة لهذا البلد الكريم في تخفيف معاناة أهلنا هناك. قلبي معكم يا أهل العمامة الطيبة”.
أين المجتمع الدولي
ورغم نداءات الاستغاثة المتكررة للسودان لكن تساءل متابعون عن غياب المجتمع الدولي أو الدول الكبرى، حيث لم تحرك ساكناً.. ولم تبذل جهداً لمساندة ودعم السودان في نكبتة حتى الآن.