:: كالعهد بنا دائماً عند كل خريف، استقبل مطار الخرطوم أولى طائرات الجسر الجوي القطري، وهي مواد إغاثة لدعم المتأثرين بالسيول والأمطار والفيضان، وهناك طائرات أخرى في مرحلة الشحن.. وكذلك الإمارات، سارعت هي أيضاً إلى نجدة المنكوبين في بلادنا، وتعدنا بالمزيد من الإغاثة.. والسعودية أيضاً، تتأهب لدعم المتضررين.. ومصر أيضاً، أرسلت طائرات إغاثة غذائية ودوائية و..و..و..!!
:: (لا جديد).. في كل الحقب والأنظمة، عسكرية كانت أو مدنية، فإن الجسور الجوية- المُحمّلة بالإغاثة – جُزء من تاريخنا الإنساني والسياسي.. مياه الخريف من الخيرات التي يحولها سوء الإدارة إلى نكبات وكوارث جالبة للإغاثة.. ومُحزن أن الأرض في بلادنا دائماً ما تستقبل أمطار الخير والبركة بالتزامن مع استقبال المسؤولين لإغاثات العرب والعجم ..!!
:: و (لا فرق).. كما كان السابقون يشكِّلون لجان الإغاثة، فإن اللاحقين أيضاً يفعلون ذلك..!
فلنقرأ هذا الخبر: (أعلنت وزارة الخارجية السودانية تشكيل لجنة لمجابهة آثار السيول والفيضانات، برئاسة السفير محيي الدين سالم، وذلك اتساقاً مع إعلان حالة الطوارئ في السودان من قبل مجلس الأمن والدفاع، أن اللجنة تختص بحشد وتنسيق الدعم الخارجي)…!!
:: وقديماً سألوا أحد الفلاسفة عن الصفات التي يتمناها لشريكة حياته، فقال: (لا أريدها جميلة، فيطمع فيها غيري.. ولا قبيحة، فتشمئز منها نفسي.. ولا سمينة، فتسد على منافذ النسيم.. ولا هزيلة، فأحسبها خيالي.. ولا بيضاء مثل الشمع.. ولا سوداء مثل الشبح.. ولا جاهلة فلا تفهمني.. ولا متعلمة فتجادلني.. ولا غنية فتقول هذا مالي.. ولا فقيرة فيشقى من بعدها ولدي).. أي لا يعجبه أي شئ..!!
:: وهكذا لسان حال حكوماتنا، العسكرية منها ومدنية، منذ الاستقلال وإلى هذا العام، لا تريد أن يكون مناخ بلادنا ماطراً في الخريف، فنغرق بالسيول والفيضان وتستجدي الإغاثات.. ولا تريده مناخاً جافاً في الصيف، فنموت بالعطش.. ولا تريده ساخناً، فنموت بالسحائي.. ولا تريده بارداً في الشتاء، فنموت بالبرد.. ولحسن حظ حكوماتنا، لا يزور فصل الربيع بلادنا، ولو زارها – بالصُدفة – لأصدرت هيئة الأرصاد بياناً تحذيرياً، كما تفعل في الخريف والصيف والشتاء..!!
:: والمهم، هذه الهيئة تُحسن عملها برصد حالات الطقس ثم بتحذير المواطنين ومن يهمهم الأمر (إن وُجدوا).. ولكن ماذا عن المؤسسات الزراعية والاقتصادية المنوط بها استغلال هذه الأمطار في زرع ينفع الناس والبلد، ويقيهما ذل القروض والمنح و(الشحدة)..؟!
كما تم تشكيل لجنة للإغاثة، هل تم تشكيل لجنة للزراعة بحيث تستغل كل هذه المياه في زيادة الرقعة الزراعية بالولايات المنكوبة؟..
للأسف (لا)، لن نزرع بهذه المياه، إذ قدرنا أن (نغرق بها)….!!
:: وكما تم تشكيل لجنة للإغاثة اليوم، هل فكروا بالأمس في تشكيل لجنة لحصاد المياه، بحيث تضع الخطط والدراسات لتنفيذ متاريس لتخزين المياه في الفيافي بغرض الزراعة وزيادة مساحات الغابات والمراعي؟..
للأسف (لا)، لن نحصد هذه المياه، إذ قدرنا أن (تحصدنا المياه).. وعليه، هنيئاً لشعب مصر كل هذه الفيضانات والسيول والأمطار، إذ ليس لسادة حكوماتنا – العسكرية منها والمدنية – من الخطط لاستغلال خيرات الخريف غير خُطّة استقبال طائرات الإغاثة.. !!