خبير عالمي: إذا كانت الشركات التي تُقدّم الخدمة غير قادرة فكيف نستوعِب شركات جديدة
عماد السيوري: الحل يكمُن في المشاركة في البِنية التحتية بين شركات الاتصالات
شركة “زين”: نُعاني من سرقات كبيرة للجازولين وبطاريات المولدات
محامٍ: شبكة المُسجِّل التجاري (طاشة) لأكثر من أسبوعين
“الإتصالات”: زيادة تعرفة المكالمات والإنرتنت تمّت وفق الإجراءات الصحيحة
في الجزء الأول من تحقيق شبكات الاتصالات والإنترنت خارج التغطية، تناولنا التردي في شبكات الاتصالات والانترنت كما عدّدت شركة “سوداني” أسباب هذا التردي، كما تناول الجزء الأول استبياناً للصحيفة وسط المشتركين، وفي هذا الجزء نورد رد شركة “زين” على أسئلة الصحيفة، كما نورد إفادة مهمة من خبير عالمي في مجال الاتصالات وشبكات الإنترنت، ونلقي الضوء على كلمة “الشبكة طاشة” التي كثيراً ما نسمعها في مراكز خدمات الجمهور، خاصة أن شبكة “المسجل التجاري” كما أفادنا أحد المحامين مقطوعة لأكثر من أسبوعين مما عطّل معاملات الجمهور.
تحقيق/ محيي الدين شجر
للحديث عن تردّي الاتصالات والإنترنت، التقيتُ بالمهندس عماد محمد علي السيوري الخبير في شركة “هاواوي” بالصين والسودان سابقاً، ومدير البنية التحتية السابق بشركة “سوداني”، حيث أجاب على كل أسئلة الصحيفة في المساحة التالية:
أسباب تردي شبكات الاتصالات والإنترنت متعددة وشبكة الاتصالات هي مثل الكائن الحي يُفترَض أن تجد متابعة مستمرة، لأنها تنمو بنمو الحركة السكانية وتتغير يوميًا بتغيّرها لنعرف متى نحتاج إلى توسعة، وأضاف قائلاً: هذه واحدة من المشاكل عدم المتابعة اللصيقة للحركة السكانية.
وقال: معظم الهوائيات المنتشرة في العاصمة والأقاليم التي تعمل تغطية في الشبكة تتأثر بتذبذب الطاقة التي تعمل بها من قطوعات الكهرباء وشح الوقود، ولهذا كثيرًا ما نسمع عبارة “هذا المشترك خارج نطاق التغطية”، لأن الهوائي لا يعمل وهي واحدة من الأسباب المؤدية إلى سوء الخدمة.
وأضاف: أيضًا من الأسباب زيادة التكلفة التشغيلية وضعف الجنيه السوداني مقابل الدولار، مما أعاق عمليات التوسعة، لأن المستثمر يفترض أن يغطي كل المساحات باعتبار أن الاتصالات قطاع مهم في التنمية، فهل الشركات بالنسبة للمناطق ليست ذات العائد المجزي قامت تغطيتها أم لا؟ وأضاف قائلاً: إذا نظرنا للتوزيع السكاني نجد أن الخرطوم تأتي أولاً وتأخذ الجُعل الأكبر للشركات حوالي 11 مليون نسمة، ثانياً تأتي بعدها نيالا من 6-7 ملايين نسمة، وهما تقريباً نصف سكان السودان، وفيهما تنافس بين الشركات في حين المناطق الأخرى فيها عائد، لكن ليس بنفس حجم المدينتين، فهل هنالك إهمال لا أقول مقصوداً من تلك الشركات؟ لأنه في حال قطوعات الكهرباء تقطع الخدمة، وليس مهماً أن تكون الخدمة متواصلة، ولقد كنتُ في الأسبوع الماضي بنهر النيل بمدينة عطبرة ومع وجود الكهرباء كانت شبكة “زين” مقطوعة نصف يوم كامل منذ الصباح وحتى الساعة الثالثة..
ـ قلت لقد أشرت إلى مدينة عطبرة، ولكن حسب تصريحات الشركات فإنها ركّزت في الفترة السابقة على مناطق التعدين؟
قال: حسب علمي لا توجد تغطية في تلك المناطق للأسف الشديد على عكس ما ذكروا، وهنالك ملاحظات كثيرة من المواطنين أن بعض المدن الكبيرة مثل بورت سودان الشبكة فيها ضعيفة، إضافة إلى انعدام الشبكة في الطرق السريعة رغم خطورة هذا الأمر في حالة الحوادث التي تقع فيها.
وأضاف: حينما عملتُ في هذا القطاع وكنت بـ”سوداتل” طرحنا أن المناطق التي ليست ذات طبيعة تنافسية وربحية يجب أن نوفر فيها الخدمة للمشترك عبر مشاركة في البنية التحتية بين كل شركات الاتصالات لأنني إذا صممتُ هوائياً واحداً يكلف ما بين 100 إلى 120 ألف دولار، وتساءل: كيف مدينة مثل العيلفون نجد فيها أربعة (تور) في مسافات متقاربة لشركات “زين” “سوداني” و”كنار” في حين أن هوائياً واحداً يمكن أن يغطي العيلفون، وأنا أرى أن الظروف الضاغطة الحالية ينبغي أن تجعل الشركات تتوجّه نحو هذا الحل بالمشاركة في البنية التحتية في مناطق الطرق السريعة وفي القرى وفي المناطق غير المكتظة لتقليل الكلفة ولتجويد الخدمة..
*هل يعني حديثك هذا أن الشركات ابتعدت عن المهنية بتوظيفها لأشخاص غير أكفاء؟
لا أريد أن أرمي اتهامات جزافية، لكن دائماً أقول لابد للاتصال بالتطور العالمي، لإنك إذا عُدت لتلك الشركات لوجدت موظفين ظلوا 20 عاماً، والوضع ذاته لأنه إذا كان هنالك شيء لقدّموه ولِما وصلنا إلى ما وصلنا إليه حالياً، وهذا يعني أنهم ينفذون في مسائل يومية متكررة، والمهندس يفترض أن يستثمر المتاح وخلق حلول بأقل كلفة والشركات بالظروف المحيطة بها يمكن أن تتوقف إذا لم تتبنَّ المشاركة في البنية التحتية.
*كيف تتوقف وتلك الشركات تحقق أرباحاً طائلة؟
أُعطيك مثالاً، إذا أرادت الشركات توسيع الشبكات تحتاج إلى عملة صعبة والدولار يساوي بسعر اليوم 200 جنيه، ومتوسط صرف الفرد في الشهر من 500 إلى 600 جنيه فما حجم الدولارات التي نجمعها بتلك العملية الحسابية؟
*هل هذا هو سبب عدم قيامها بالتوسعة؟
واحدة من الإشكالات أن الموجود في البنية التحتية يحتاج إلى قطع غيار فهل هم قادرون على توفيرها؟
*ماذا عن بيع “سوداتل” هل كنتَ حاضراً تلك الفترة؟
كنتُ خارج السودان وعدتُ عام 2006 حينما بدأت شركة هاواوي عملها بالسودان، وعملتُ بهاواوي منذ عام 2000 وحتى عام 2006 بالصين، وعملتُ معهم بالسودان لمدة سنتين، ثم انتقلت إلى “سوداتل” بعد اتصالهم بي، ولم أرفض لأجل تقديم شيء للبلد، وعملتُ معهم لمدة أربع سنوات، لكن لأسباب كثيرة قدمتُ استقالتي، وكنت المدير الفني للبنية التحتية وكان خلافي هو لابد من الفصل بين السياسة وبين الاستثمار في مجال الاتصالات ثم قدّمتُ استقالتي.
وحول تدهور الإنترنت في السودان، قال: هذا ناتج لزيادة الحاجة للإنترنت مقارنة بالأعوام السابقة، وأوضح أن الإنترنت مثل البهارات والهواتف كانت إمكاناتها ضعيفة وحدث تطوّر في الهواتف وأصبحت الاستخدامات كثيرة وتحتاج إلى سعات عالية.
وذكر أن التوسعة في داتا الموبايل بطيئة، وضرب مثلاً بقوله: إذا كان هنالك هوائي وأكثر من 80 شخصاً يريدون الولوج إليه في نفس الوقت، فإن سعة الهوائي ستقسم بين الناس وستأتي لحظة لا نجد فيها مساحة لآخرين، وأضاف: بالنسبة للموبايل تاتا في العالم نجد أن السودان أرخص دولة في العالم وهذا أدى إلى زيادة في الاستخدام فكان التردي لعدم وجود سعات كافية؟
*إمكانية دخول شركات جديدة في السودان؟
قال: من ناحية فنية إذا كان الشخص الذي يقدم الخدمة حالياً غير قادر؟ فكيف للشركات الجديدة أن تنجح، وأضاف: الشركات الجديدة ستنقل الخدمة من تلك الشركات وتبيعها للناس إلا إذا أنشأت كوابل بحرية وهذا أمر مُستبعَد.
وأضاف: الفئات العالية للإنترنت تحتاج إلى محتوى من الخارج، ولابد أن يكون لك اتصال بالعالم مع دول لها “سيرفرات” كثيرة لتحسين الإنترنت، وهنالك حلول أخرى منها إنشاء “بوب” للإنترنت في السودان (مركز خدمات الإنترنت) فيه “سيرف”ر موجود..
وذكر أن الحكومة الإلكترونية تحتاج إلى مطلوبات محددة ويمكن أن يتم تطبيقها في المدن الكبيرة كمرحلة أولى إذا كانت لك استراتيجية واضحة، والمشكلة ستكون في التطبيقات المستخدمة في الحكومة الإلكترونية أي تطبيقات ستنفذ.
وحول كلمة (الشبكة طاشة) قال: (يفترض في مكان الخدمة الإلكترونية توجد جهة تراقب الشبكة، لأن القصة ليست كلاماً يُقال والسلام، ومراقبة الشبكة أسهل من الساهل عبر سنتر يراقب كل المراكز، وقال: يمكن حدوث عطل في الشبكة، ولكن لابد من وجود بدائل سريعة، والشبكات هي شبكات سلكية توفرها شركتان هما “كنار” و”سوداتل” وإذا حدث انقطاع يفترض الشركة التي تقدم الخدمة يكون لها طريق آخر لأنك لابد أن تجوّد الخدمة التي تقدمها، وإذا انقطعت الشبكة ساعة واحدة انظر حجم الخسارة للحكومة.. ثم هل البرامج التي تقدم بها الخدمات هل هي برامج فعلاً تتحمل ضغط الجمهور..
مضيفاً: العمل في وزارة الداخلية لا يتم وفق برنامج موحّد حتى الآن، ولا يمكن أن تُطالبني برقم وطني في كل معاملة أقوم بها، وهذا أمر لا معنى له.
“زين” ترد
من جانبه، عدّد المهندس أحمد البشير، رئيس قطاع التكنلوجيا بشركة “زين” للاتصالات أسباب قطع الشبكة وبطء الإنترنت
بالآتي:
1- تعاني شبكات الاتصالات منذ شهر يونيو الماضي من مشاكل الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي لفترات زمنية تمتد أحياناً لعشر ساعات.. هنالك مولّدات تعمل في حالة انقطاع التيار، ولكن هذه المولدات في الفترة الأخيرة أصبحت تُقابَل برفض من السكان لأنها تعمل لساعات طويلة، وبالتأكيد توقُّفها يؤثر على جودة الشبكة.. كما أن هنالك عدداً كبيراً من المواقع والأبراج تعتمد تماماً على المولدات الكهربائية، وهنا تواجهنا مشاكل توفُّر الجازولين في العاصمة والأقاليم, وحتى حينما نتمكن من توفير الجازولين نجد صعوبات كبيرة جدًا في ترحيله بين المدن بسبب الأمطار وبحسب الترتيبات الأمنية المختلفة في الفترة الأخيرة.. أضف لذلك أن هنالك مشاكل سرقات كبيرة لللجازولين وبطاريات المولدات.. ووصل الأمر في مرات عديدة لتهديد خفراء الحراسة بالسلاح وهي مشكلة تؤثر على الخدمة في المناطق البعيدة.
وحول تداخل المكالمات ردّ بقوله: هذا أمر نادر الحدوث، وأضاف: ربما يطرأ خلال عمليات تحديث الشبكة في مناطق محدودة أو أثناء التجريب.
وفي سؤال حول إهمال الشركة التطوير والتحديث الذي يدعم جهود الحكومة الإلكترونية قال:
اهتمت شركة “زين” بتحديث الشبكة ودعم شبكة “فور جي” بحسب التفاصيل الآتية :-
منذ شهر يناير 2020 قامت شركة “زين” بالبدء في تنفيذ مشروع متكامل لتحديث الشبكة وتقوية شبكة البيانات والإنترنت.
أ- تمت زيادة النطاق التردّدي لشبكة المعلومات بسعة إضافية تمثل 25% في الخرطوم والإقاليم، وبناء عليه تم تنفيذ تحديث الشبكة بزيادة النطاق الترددي الإضافي مما زاد من سعة الشبكة وسرعة البيانات, هذا المشروع غطّى كل ولاية الخرطوم وبعض الأقاليم وتم فيه إدخال معدات إضافية ساعدت في زيادة سرعة شبكة البيانات.
ب- من ضمن مشروعات 2020 تمت إضافة 250 موقعاً جديداً لتدعيم شبكة “فور جي”، وما زالت أعمال التركيبات جارية وقد تم تنفيذ 200 موقع حتى الآن على أن ينتهي العمل خلال شهر سبتمبر، وهذه الإضافة من شأنها رفع مستوى خدمة شبكة البيانات وتحديثها مع تغطية المناطق التي لم تشملها.
ج- تم خلال العام 2020 إضافة وتحديث حوالي 300 موقع يدعم تكنلوجيا الجيل الثالث “ثري جي” وقد أثمر ذلك زيادة سعة الشبكة في المحادثات الصوتية وتبادل المعلومات.
د- تم رفع كفاءة شبكة النقل بزيادة السعات المختلفة, في العاصمة والأقاليم.
هـ لتفادي مشاكل جودة الشبكة التي تحدث بسبب مشاكل انقطاع التيار الكهربائي، تم خلال هذا العام تركيب 200 مولد كهربائي جديد لدعم الشبكة، وأيضاً تم تركيب نظام البطاريات الجافة لتعمل خلال الفترة من انقطاع التيار وحتى عمل المولد وذلك تفادياً لانقطاع الخدمة ولو لفترة قصيرة.
شارف مشروع التحديث والتوسعة والذي بدأ تنفيذه في يناير 2020 على الانتهاء – متوقع نهاية سبتمبر- وقد ظهر تأثيره الإيجابي في سعة الشبكة وسرعة البيانات خصوصاً خلال فترة وباء كورونا والتي احتاجت لسعات إضافية. ـ
ما زال العمل يجري في تركيب المولدات في المناطق البعيدة رغم ظروف الأمطار والفيضانات.
معوّقات ولكن!
من جانب آخر تؤكد “زين” أنها تسعى دائماً ورغماً عن المشاكل الاقتصادية الكبيرة والتحديات الماثلة التي لا تخفى على أحد ولم تستثن أحداً لتقديم خدمة متميزة لمشتركيها في كل القطاعات.. ومعالجة كل المشاكل التي تطرأ بأسرع صورة ممكنة رغماً عن المعوقات الكبيرة.
وفيما يخص الزيادة في أسعار بعض الخدمات فإنها تؤكد أنها دائماً ما تضع في الاعتبار الحالة الاقتصادية قبل تطبيق أي زيادة في التعرفة على الرغم عن التحديات التي تواجهها لتحديث الشبكة والمحافظة على جودة الخدمة، وهو أمر يحتاج لاستثمارات كبيرة جداً، كما أنها تلتزم بموجهات جهاز تنظيم الاتصالات في الإعلان عن أي زيادات في الأسعار يتم تطبيقها وذلك بالنشر عبر وسائل الإعلام والصحف.
زيادة التعرفة
وأكدت الهيئة القومية للاتصالات لـ (الصيحة) أن زيادة التعرفة في المكالمات والإنترنت التي وضعتها الشركات مؤخرًا تمت بإجراءات صحيحة، وقال جمال أمين السيد المسؤول عن تعرفة المكالمات والانترنت بالهيئة، إن الزيادات التي قامت بها شركات الاتصالات تمت بإجراءات صحيحة وتحت إشرافهم.
هذا، وأكد عدد من المحامين على انقطاع شبكة المسجل التجاري لأكثر من أسبوعين، وقال لـ(الصيحة) المحامي (…) إنه أراد تسجيل اسم عمل لشركة منذ أكثر من عشرة أيام وفشل نسبة لأن “الشبكة طاشة” كما يقولون.