المسرح السياسي… ظهور لاعبين جدد!
تقرير/ عبدالله عبدالرحيم
أتاحت اتفاقية السلام الموقعة مؤخراً بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية بعاصمة الجنوب جوبا فرصة المشاركة وبفعالية لعناصر جديدة ضمن طاقم الفترة الانتقالية من قيادات الحركات المسلحة الثمانية زائدا حركة مناوي، لدعم العملية السلمية بالبلاد. وتوقع مراقبون دخول هذه القيادات الجديدة لكل من الحركات المسلحة قد تثري الساحة بنشاط كبير. وربما قادت الاتجاهات الجديدة لهؤلاء اللاعبين الجدد إلى إحداث تفاعلات كيميائية جديدة ربما تقود الساحة إلى طريق خارطة التحالفات السياسية المتعددة، لجهة أن معظم الحركات القادمة تضم المسلحين وهم في الغالب الأعم أقرب وجداناً إلى العسكر من نظيرهم في القوى السياسية.
ميلاد تحالفات جديدة على المشهد السياسي عقب التوقيع على وثيقة السلام قد يحدث نقلات كبيرة جراء الصراع الدائر بن المدنيين والعسكريين من جهة وبين الأحزاب السياسية المعزولة وبين القوى السياسية التي تمسك بتلابيب الأمور داخل الحكومة الانتقالية. الأمر الذي دفع ببعض المحللين السياسيين حسب إفاداتهم لـ(الصيحة) إلى تمحور جديد ربما يكون على غرار تحالف قوى الحرية والتغيير وقد يعصف بذلك التحالف الذي ظل يشهد تناحرات كبيرة من بعض مكوناته الأساسية.
فما الذي يحدثه هذا لظهور اللاعبين القادمين من عمق أضابير التفاوض وأجندات المحادثات التي أخذت الكثير من عمر الفترة الانتقالية؟، وهل سيتأثر المشهد السياسي بهذا الظهور أم أن ميلاد تحالات جديدة افتراضاً سيؤدي إلى خلق هوة داخل مكونات حكومة الفترة الانتقالية وبالتالي قد يلقي بآثاره السلبية على المشهد والساحة السياسية في القريب العاجل؟.
تحولات كبيرة
القيادي السابق بالحركات المسلحة ورئيس حركة تحرير السودان جناح السلام مبارك دربين قال لـ(الصيحة) إن الاتفاق جاء دعماً للحكومة الانتقالية خاصة لطرفي المكون العسكري الذي يواجه من الصعوبات التي تكاد أن تقود إلى تفجير الموقف بينه وبين المدنيين. وزاد أن مكون الحرية والتغيير أحدث الكثير من المعاناة للحكومة الانتقالية بخلافاتها المتكررة جعلتهم ينشغلون في أمر المحاصصات والعمليات المحمومة في إطار عزل الآخر. مشيراً إلى أن وجود قيادات الحركات المسلحة في المشهد السياسي سيكون إضافة جديدة حقيقية للتحولات الكبيرة في المشهد، رغم المحاولات الجبارة التي بذلتها الحرية والتغيير في تقريب وجهات النظر بين المكونين في منبر جوبا والذي نجحت فيه بقوة إثر عودة وفد الجبهة الثورية للمفاوضات التي قادها إلى أن وقع على وثيقة السلام النهائية مع الوفد الحكومي، يقول إن التحولات التي يمكن أن تشهدها الساحة السياسية هو ميول قيادات تلك الحركات إلى الجانب العسكري بخلق تحالفات كبيرة بينهم وذلك لأن الترتيبات الأمنية تلزمهما بالتواجد في وعاء موحد وهذا سيقوي صف العسكر كما إنه سيكون (درقة) أمام كل من يحاول شيطنة العسكر.
عسكر ومدنيون
وأكد مبارك أن عودة الحركات للداخل قد تعيد الثقة المفقودة بين المواطن والعسكر لأسباب تتعلق بعملية الحكم التي غالباً ما يتعلق أمرها بالجيش وفقاً لمفهوم الانقلابات التي تطيح بالديمقراطيات في تاريخنا السوداني الحديث والقديم منذ الاستقلال. وزاد أن قيادات الحركات المسلحة ودخولهم لمنصات الجيش ووحداته قد يعيدون إليها ثقة العقيدة الوطنية المفقودة للمؤسسة العسكرية المتهمة بالأدلجة السياسية والجهوية مما جعلها تواجه عمليات شيطنة ومواجهات تعبوية كبيرة مؤكداً إن هذا التواجد الجديد وسمه ما شئت تحالفاً سيمكن الجيش من الوقوف بصلابة أمام دعاوى الأدلجة والتطرف مهما كان نوعه وستكون دافعاً للجيش بروحه الجديدة من قمته في هيئة الاركان التي كانت حكراً لجهات محدودة دون العامة وهذا الأمر يعد إضافة حقيقية جديدة للمشهد السياسي.
وأكد دربين أنه لا يوجد مبرر بعد الترتيبات الأمنية أن يذهب البعض لشيطنة الجيش والقوات النظامية الاخرى. وأكد مبارك إن وجود الحركات المسلحة سيبدد عمليات الشبهات والمحاصصات التي تشهدها الساحة السياسية مشيراً إلى أن الوقت لا زال بعيداً لنفرح كثيراً بالسلام لأن السلام ليس على الورق وأنما على الارض هناك لاجئين ونازحين يجب أن يدار معهم حواراً شفافاً لإنزال هذه الاتفاقية على الارض وبدون ذلك ستظل المعضلة السياسية قائمة.
علاقة سيئة
لكن د. السر محمد علي، الأكاديمي والمحلل السياسي، يرى في حديثه لـ(الصيحة) أن العلاقة بين قوى الحرية والتغيير والحركات المسلحة التي وقعت على اتفاق السلام مؤخراً بجوبا سيئة منذ بداية تكوين التحالف، من خلال ذلك الاحتفال الكبير الذي حضره قادة من مختلف دول الاقليم والمحفل الدولي فيما غابت عنه كل قيادات الحركات المسلحة عقب إقصائها من قبل الحرية والتغيير، مشيراً إلى أن هذه الحركات قد لا تنسى تلك الحادثة وربما مالت أو سارعت إلى الاتفاق مع العسكر لجهة أنها قد لدغت من جحر التغيير من قبل وهي بهذه القوة الجديدة ربما لا تضع نفسها فريسة سهلة لتلك القوى التي أبعدتها بالأمس. وتوقع السر شتاء وصيفاً ساخناً عقب دخول المكون الجديد لعملية السلام ودخوله لحكومة الفترة الانتقالية. مضيفاً إن طبيعة العسكر تجعلهم الاقرب وجدانياً لبعضهما البعض مما يضع بقية قوى التحالف الكبير في تحالف واتجاه منفصل في مواجهة تحالف عسكري جديد أقوى مما كان عليه في السابق إبان عهد الشراكة الثنائية.
تحالفات ووجهات
الناطق الرسمي بأسم العدل والمساواة عضو وفدها المفاوض معتصم أحمد صالح يؤكد لـ(الصيحة) أن الاطراف التى شاركت فى المفاوضات فى جوبا ستدخل كتحالف واحد وقال لدينا تحالفات اخرى ننضوى تحتها منها تحالف قوى نداء السودان وأن الفترة القادمة سيكون المشهد عبارة عن تحالفات سياسية ونحن جزء من قوى الحرية والتغيير كل هذه المكونات ستنضم تحت لواء الحرية والتغيير. وأكد أن الجبهة الثورية وقوى الحرية والتغيير قد عالجا الخلافات بينهما وتوصلا إلى تفاهم مشترك وستدمج الجبهة الثورية بموجب هذا التفاهم في كل الاعمال الخاصة بقوى الحرية والتغيير. وفي ذلك سيشاركون فى المؤتمر الذى سينعقد قريبا بهدف إعادة هيكلة قوى الحرية والتغيير. مؤكداً بقوله: “عندما ندخل الى الداخل فبجانب أننا قوى سياسية لها كامل الاستقلال ستكون مشاركتنا فى عدة مستويات، سنشارك مع قوى الحرية والتغيير كونها الحاضنة السياسية بالنسبة للحكومة الانتقالية وسنعمل مع حلفائنا في نداء السودان كحلف لنا برنامج عمل مشترك وسنظل متماسكين كجبهة ثورية تجمعنا عدة قضايا أهمها تنفيذ اتفاق السلام الموقع وكذلك على مستوى مسار دارفور لنا قواسم مشتركة على رأسها تنفيذ اتفاق السلام على مستوى دارفور وعليه نستطيع القول إن هنالك عدة مستويات وتحالفات ستعمل بتناغم وانسجام على مستوى الحرية والتغيير ومستوى نداء السودان والجبهة الثورية ومستوى المكونات الأولية للحبهة الثورية. وأضاف معتصم: “لا أعتقد أن يكون هناك تعارض على مستوى المشاركات أو تعارض فيما نريد أن نفعله عندما نعود إلى الداخل”. وزاد: “نحن سنأتي بقلوب منشرحة منفتحين لكل الشركاء وسنصل إلى توليفة ندير بها المرحلة الانتقالية دون عوائق ودون عناء”.