:: أهلاً بالسلام القادم من الجارة الشقيقة (جنوب السودان).. ونأمل أن يأتي شاملاً – في قادمات الأيام – بحيث تهنأ به كل ربوع بلادنا، بما فيها جنوب كُردفان.. ونأمل أن يكون سلاماً عادلاً، ومُعالجاً لكل أسباب الحرب .. وما يجب تذكير السادة، زعماء الحركات المسلحة، وهم يوقعون بالأحرف الأولى على دفتر السلام، هو أن الدكتور جون قرنق، بعد التوقيع على نيفاشا، لم يأت إلى الخرطوم بالخطب السياسية، و لا بروح الإنتقام المسماة – كذباً وبهتاناً – بالروح الثورية ..!!
:: ولكن سبقت قرنق إلى الخرطوم شعارات أفكار وبرامج وشعارات (سامية)، وهي التي لا تزال من غايات أهل السودان، ومنها الشعار الأشهر ( نقل المدينة إلى الريف)، أو هكذا إختصر برنامجه، بحيث يكون مفهوماً وواضحاً.. ونقل المدينة إلى الريف هو توفير مناخ الإنتاج بالولايات وأريافها بحيث لا تنزح السواعد القابضة على المعاول والمحراث إلى الخرطوم – وغيرها من مدائن السودان – لتبيع ( الطواقي والمساويك) في الطرقات..!!
:: ونقل المدينة إلى الريف هو العدل والمساواة في توزيع الخدمات، بحيث لاتتوافد شهرياً إلى الخرطوم – وغيرها من المدائن – الملايين الباحثة عن العلاج والتعليم والعمل ..ونقل المدينة إلى الريف هو إعلاء روح السلام والإنتاج في كل ربوع البلد بحيث تستوعب تلك الربوع الشاسعة كل عقول وسواعد أهلها، وبالمقابل هذا النقل يعني مكافحة روح التكدس والزحام بلا عطاء في المدئن..هكذا معالم وملامح شعار نقل المدينة إلى الريف، أي توفير مناخ السلام والإنتاج بالريف، ثم توفير العدل والمساواة عند توزيع الخدمات ..!!
:: وليت السادة زعماء الحركات المسلحة يعلموا بأن السلام المرتجى ليس هو سلام المناصب والمحاصصات و قسمة السلطة ومزاياها فيما بينهم، بل هو السلام الذي يُعيد النازح واللاجئ إلى ديارهما، بحيث تحمل السواعد معاول الإنتاج والأقلام بدلاً عن القنابل والمدافع.. وليتهم يعلموا بأن حُلم المكتوين بنار الحرب في بدارفور والنيل الأزرق ليس (السُلطة والثروة)، بل كان ولا يزال الحلم بأن مصانعاً تستوعب طاقات الشباب ومشاريعاً تنتج وتصدر، أو هكذا الحلم في تلك المناطق المنكوبة منذ تاريخ الاستقلال وحتى يوم هذا السلام ..!!
:: ويا لها من مناطق.. زائرها يتحسر بلسان حال قائل : (ليت برنامج رصف الطرق وبناء السدود و مد الجسور و متاريس حصاد المياه انطلق (من هنا)، وليت خدمات المياه والكهرباء وشبكات الإتصالات توفرت هنا قبل أي مكان آخر) أو هكذا كانت الأماني – ذات عام – في تخوم جبل مرة وأرياف زالنجي وقرى كأس ونيالا وغيرها من أرض الخيرات.. فالمواطن هناك منتج، ويقدس الإنتاج، وكذلك المواطنة..وسيان أحمد وفاطمة حين تشرق شمس العمل.. !!
:: يتقاسمان الكد زرعا في الحقل وبيعا في السوق ورعيا في البادية.. ولأن لكل مجتهد نصيب، تمتلئ أسواق دارفور بخيرات المجتهدين من الرُعاة والمزارعين.. ولكن المؤسف أن الإنتاج هناك مهدر.. أسعار اللحوم والألبان والأجبان والخضر والفاكهة لا تلبي طموح المنتج.. أسعار هزيلة في مواسم الإنتاج.. والإنتاج وفير لحد الكساد، زرعا وضرعا، ليس في كل محليات دارفور.. ومع ذلك، المنتج فقير ومسكين، لسوء التسويق.. وسوء التسويق مرده (العزلة)..!!
:: وعلى كل، مرحباً بالسلام، وشكراً لكل صُناع السلام ..