*قصة شبه خرافية تقول تفاصيلها أن راعياً طيب القلب كان “يسرح” بأغنامه في الخلا مع صباح كل يوم ويتركها ترعى ثم ينام تحت ظل “شجرة” وارفة الظلال.
*أثناء رعيه هذا شب حريق في الغابة التى يرعى فيها بهائمه وهرب قطيعه ولكن الراعي لم يهرب معها بل توجه نحو الحريق فوجد ثعباناً وسط النيران، أنقذ الراعي الثعبان وكانت مكافأته أن الثعبان علمه لغة الحيوانات.
*وفي أحد الأيام كان الراعي يستعد للنوم تحت شجرته المفضلة فسمع عصفورين يتحدثان عن كنز تحت الشجرة فهرع الراعي لمكان الكنز وتحولت حياته من الفقر المدقع إلى الثراء الفاحش.
*هذه القصة رغم أنها غير واقعية وبها الكثير من الخيال إلا أنها توضح الكثير من “الكنوز” التي تكون تحت أرجلنا ولا نعلمها، وتوضح الكثير من القرارات التي لا يراها إلا أصحاب بعد النظر.
*منذ الحكم العثماني والأنظار تتجه صوب السودان لما فيه من موارد تحت الأرض وفوق الأرض، وحينما فكر محمد علي باشا في دخول السودان كان هدفه الذهب والرجال الأقوياء.
*وبعد العثمانيين كان الإنجليز يضعون خططهم للاستفادة من خيرات السودان، فكان مشروعا الجزيرة وطوكر وغيرهما من المشروعات المهمة التي استفاد منها المستعمر أكثر من أهل الديار.
*بلد كل أراضيها خصبة، وبها خيرات داخل بطنها من ذهب ومعادن على جبالها وعملتها تتهاوى إلى ما تحت الأرض دون الاستفادة من تلك الخيرات.
*وربما يكون ما استخرج من ذهب حتى الآن أقل بكثير من ربع الكميات المهولة الموجودة على أرض السودان في شرقه وغربه وجنوبه ووسطه، وعلى الرغم من ذلك أهل السودان يعانون الفقر والجوع وضيق الحال.
*ما يحدث في السودان يصيب العقل بالشلل وعدم المقدرة على التفكير، بلد فيها كل مقومات الوصول الى القمة ولكنها تغرق في أوحال الإهمال وعدم المبالاة من أبنائه، فالجميع يفكر في مصلحته الشخصية قبل مصلحة عامة أهل السودان.
*كل يوم يمضي وحال الاقتصاد السوداني يزداد سوءاً دون أن يجد أصحاب الضمائر الحية التي لم يقتلها حب المال، وكل ساعة الجنيه يتهاوى أمام الدولار وغيره من العملات الأجنبية، ويتجمد الاقتصاد السوداني في عدم مقدرته على الإنتاج.
*لا يعقل أن يكون سعر أرض خاوية لا تتجاوز مساحتها المائة متر في الخرطوم يفوق سعرها ثمن شقة في أفخم أحياء تركيا، ولا يعقل أن يتحكم في حركة السوق السوداني الوسطاء الذين يفتقد الكثير منهم الضمير الحي.
*إن حال اقتصادنا لن ينصلح إلا بالإنتاج.. إنتاج أي شيء ذهب ونفط ومعادن وزراعة ولكن حتى يتحقق هذا الإنتاج نحتاج لقيادة تدرك هذه الإمكانيات التي ترقد في أرض السودان ونحتاج إلى قيادة راشدة همها الوطن قبل أحزابها أو مصلحتها الخاصة.
*إن الكنز الذي كان تحت رجلي الراعي وينام فوقه تحت ظل الشجرة دون علمه أشبه بما يحدث الآن في السودان، ولكن نحتاج إلى رجال أوفياء وصادقين في عملهم حتى يعبر السودان بحقيقة وليس خيالاً كما نسمع بين الحين والآخر.