والجمع قرناء..
وفي كتاب الله (قال قائلٌ منهم إني كان لي قرين)..
ولكنه قرين سوء (يقول أئنك لمن المصدقين * أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمدينون)..
وقد يكون قرين خير كالذي قال فيه جرير :
لا يلبث القرناء أن يتفرقوا…ليلٌ يكرُّ عليهمُ ونهارُ
وهي القصيدة الشهيرة التي يرثي فيها قرينته ؛ ومطلعها (لولا الحياء لعادني استعبار)..
والقرين قد يكون صديقاً… أو زميلاً… أو شريك حياة..
ثم تكر عليه – والآخر – غاشيات… أو نائبات… أو مستجدات… أو ليالٍ ونهارات ؛ فيتفرقا..
ومنهم من يريده فراقاً نهائياً ؛ لشيءٍ في نفسه..
أو في نفس الآخر ؛ وكان سبباً في فراقه له لجهة إنه (شيءٌ) طرأ عليه وبات يمقته جراءه..
فالنفس البشرية تتقلب ؛ إذ يكر عليها ليلٌ ونهار..
ومن مسببات التقلب هذا ما ذكره يزيد بن معاوية في قصيدة مشهورة له ؛ وقد كان شاعراً :
يأبى وجدِّك أن ألين للوعةٍ…عقلٌ أعيش به وقلبٌ قلَّبُ
فهو كريمٌ ابن كرام ؛ وأرادت قرينته أن تدوس على كرامته هذه…بعد أن (تقلَّب) قلبها..
فبادلها تقلُّباً بتقلُّبٍ دَهشت له وقد حسبته أسيرها..
أليس هو القائل فيها تغزلاً :
طرقتك زينبُ والركاب مناخةٌ…بحطيم مـكة والندى يتصببُ
بثنية العلمـــين وهناً بــعدما…خفق السماك وجاوزته العقربُ
ونسيت أن النفس قد تتبدل مع كر الأيام والليالي…أو قد تتبدل كرد فعلٍ لتبدل القرين..
فقد تبيت على شيء وتصحو على آخر..
أو تصحو عليه وتبيت على ماعداه….وكذا الأمر فيما يلي قرناء في مجالات أخرى..
مجالات السياسة…والزمالة…وحتى الصداقة..
فإن كان (شيئاً) سيئاً فالقرين قد لا يريد صاحبه قريناً..
لا يريد حتى أن يذكره القرين هذا من وراء ظهره ؛ بعد إذ قال له (هذا فراقٌ بيني وبينك)..
سواء بخير – أو بشر – الذكر هذا..
فالقرين المفارِق قد يكون حريصاً على سمعته بين الناس ؛ بل وحتى مع ضميره..
وإزاء عدم مشاركة الآخر له حرصه هذا ذاته فارقه..
أو بعد أن أمسى غير حريص ؛ فالنفس تتقلب إذ يكر عليها ليلٌ ونهارُ…وعلى قرينها..
ومن ثم فإن الآخر هذا يُعلي من شأنه عند ذكره من فارقه..
بينما المفارق هذا يتأذى من رغبة الآخر في نيل تقدير الناس على حسابه ؛ وحساب شأنه..
فهو – بالنسبة – له غدا من (ماضي الذكريات)..
من الذين عناهما الشاعر – والمغني – بقولهما (ليه بتحكي الذكريات؟)..
وما هو بقرين !!.