(طوكر).. قصة مدينة تحت المياه!
طوكر: إيهاب محمد نصر
ظلت مدينة طوكر العريقة ومنذ سنين يحوم حولها الخطر بفعل فيضان خور بركة الذى يروي أكبر مشروع زراعي بالولاية وأقدم مشروع على مستوى السودان وأخصب أرض على مستوى العالم، هذا المشروع الذي أدخل طوكر التاريخ من أوسع أبوابه لإنتاجه أجود أنواع القطن، وظلت المدينة فى مأمن كامل طوال تنفيذ خطة الري في مواعيده المحددة له في شهر فبراير ومارس، ونسبة للظروف التي تمر بها البلاد أصبح هناك إهمال كبير ولا مبالاة في ترميم الجسور الواقية للمدينة والتي دائماً يتم تنفيذها وترميمها وتعليتها متزامنة مع خطة الري إضافة إلى ما يعرف بتأمين خطة الري، الأمر الذي من شأنه حماية المدينة وبَعث الطمأنينة في نفوس الطوكراويين، أمر آخر جعل من تعلية الجسور في وقت مبكر ذا أهمية قصوى هو أنه مع مرور السنين وزيادة الطمي سنة بعد سنة، جعل أرض الدلتا في ارتفاع عالٍ من المدينة، مما يجعل أي كسر أو تصدع في الجسر الواقي مهدداً لمدينة طوكر كلها وربما يجعلها أثراً بعد عين نتيجة لقوة المياه التي يمكن أن تنحدر من أعلى إلى أسفل المدينة، وفيضان هذا العام كان عبارة عن تمرين عنيف وإنذار قوي للانتباه إلى ما يمكن أن يحدث لهذه المدينة التاريخية.
ناقوس الخطر
(الصيحة) تدق ناقوس الخطر وتقرع جرس الإنذار بصوته القوي، حيث بحثت الأزمة ووقفت على حجم الخسائر الكبيرة التي نجمت عن الفيضان الذي غمر مناطق واسعة ومسح عدداً من الأحياء وقطع الطريق لا داخل إليها ولا خارج منها.
وقال لـ (الصيحة) ممثل قوى الحرية والتغيير بمحلية طوكر المهندس اوهاج طلاب، إن الفيضان اجتاح مناطق
(دولابياي- خوجلي دوير – بتاب -ايقاييب – دبت أويتيب) في أغسطس الحالي وهي المناطق الواقعة غرب محلية طوكر على الضفة الغربية لمجرى نهر خور بركة.
وسكان هذه المناطق فقدوا كل ما لديهم من مساكن ومحلات ومخازن حتى الكساء.
مما سبب ضرر بالغاً لأكثر من ألفي أسرة، وأضاف طلاب بأن
التدخلات لم تكن على مسوى الكارثة، حيث إنه حتى الآن لم تدخل هذه المناطق سوى مساعدات ديوان الزكاة عن طريق وحكومة الولاية وبعض المساعدات من التأمين الصحي
وبعض مبادرات مجتمعية مثل مبادرة طوارئ البحر الأحمر
تعمل على التنسيق وتوجيه النداءات، ولكن لا زال التفاعل ضعيفاً مع المبادرة.
وقال أوهاج: مدينة طوكر هي الأخرى لم تصمد طويلًا بحيث تهّدم الجسر الواقي للمدينة (جسر الجفر) رغم وقوف الشباب عليه ولم تفلح كل الصرخات والاستغاثات للجهات المسؤولة في صيانة الجسر الواقي، ونتيجة لذلك فقد مواطنو السكن الاضطراري بطوكر مساكنهم وموادهم الغذائية وهم في حاجة ماسة للتدخل بمعينات إيواء وغذاء) بالإضافة إلى المعينات الصحية ،
كما أعاق الفيضان طريق طوكر ــ سواكن ما جعل المدينة شبه جزيرة معزولة هذا بدوره زاد من الأعباء المعيشية للسكان.
الآن الوضع في السكن الاضطراري بطوكر ينذر بكارثة صحية ما لم يتم تداركه.
أنقذوا طوكر
أنقذوا طوكر، وطوكر في خطر، هكذا قالها تاج السر صالح همد البلوي مواطن من طوكر، وقال للمرة الثانية يجتاح السيل ويلتف حول المدينة مثل السوار في المعصم وصب جام غضبه على رئيس لجنة الطوارئ الذي وصفه بالمتباطئ والمعاكس، والسبب التاني فشل خطة الري وعدم صيانة الجسور، وأرسل همد البلوي نداء استغاثة وقال :
أنقذونا من هذا المستنقع الشغلة جات فى الروح والمدينة على شفا حفرة من المياه ربنا يستر، وناشد تاج السر الوالي شنقراي ومنظمات المجتمع المدنى والخيرين من أبناء طوكر أن أغيثوا أهلكم وأنتم أهل لها.
واشار إلى أن الإسهالات المائية بدأت تظهر والصحة الوقائية ما عندها مبيدات ولا كلور.
وطالب بتسيير قافلة صحية لأهل طوكر.
حكاية مكتملة الفصول
ورسم لنا الصحفي محمد الأمين أوشيك لوحة تراجيدية لما يحدث في تلك المناطق، وقال: تبدو حكاية طوكر وأجزاؤها ومحلية “عقيق بضواحيها” حكاية مكتملة الفصول من الإهمال والتجاهل والنسيان ويجاهد سكان تلك المناطق من أجل البقاء مع انعدام كامل للخدمات الأساسية ومع انقطاع كامل مناطق الأنتاج بمناطق الاستهلاك جراء السيول المندفعة وألمح إلى أن جوال الفيتريتة بمحلية عقيق وصل 15 ألف جنيه).)
ترحيل المتضررين إلى المدارس
حيال هذا الوضع المتأزم (الصيحة) اتصلت بالمدير التنفيذي لمحلية طوكر عادل آدم علي، وسألناه عن دور المحلية في هذه الأزمة التي تعيشها مدينة طوكر وصرخات أهلها فلم يختلف المدير التنفيذي عن الذين سألتهم (الصيحة) وشخصوا العلة ومكامن الخلل، ولكن قال عادل إنهم حصروا الخسائر جراء هذا الفيضان الذي تم عبر اللجان في المنطقة والإدارة الأهلية والحرية والتغيير، والمحلية قامت بدورها ورفعته للجنة العليا للطوارئ، وقال عادل إن المتضررين من مواطني السكن الاضطراري تم ترحيلهم إلى المدارس وهناك من رحلوا من تلقاء نفسهم، وأبدى المدير التنفيذى تخوفه من التدهور الصحي وقال حتى الآن لم يتم عمل أي إجراء وأنهم رفعوا احتياحاتهم وحتى الآن لم يتم التنفيذ، وأوضح عادل أنهم جلسوا مع الوالي ووعد بتنفيذ كل الاحتياجات التي تم رفعها.
الطريق الطريق
ودعا مدير تنفيذي محلية طوكر إلى ضرورة إصلاح الطريق حتى يتسنى لهم الدخول للمدينة، وأشار إلى أنهم في لقائهم مع الوالي قدموا مقترحات بخصوص عمل معالجات داخل الدلتا لتحويل المياه بعيداً عن المدينة، وأكد على أنه إذا تم تنفيذ خطة الري مبكراً فإن المدينة تكون في أمان.
وفي رده على سوال (الصيحة) إلى متى يظل فيضان خور بركة مهدداً للمدينة؟ فقال إن الحل يتمثل في تجهيز الموقع المناسب في طوكر الجديدة أو أي مخطط آخر يرضي المواطن الطوكراوي ويتم تجهيزه بالخدمات، وقال: إن المواطن إذا أردت أن ترحله لابد أن ترغبه للرحيل.