تقرير: نجدة بشارة
تركت الحكومة الانتقالية الباب موارباً فيما يتعلق بقضية التطبيع مع إسرائيل الخلافية، حيث لم توضح بشكل قاطع إن كانت مع التطبيع أم ضده، مكتفية بأنها غير مفوّضة بذلك.. في وقت أكد فيه تحالف «قوى الحرية والتغيير» الحاضنة السياسية عدم تفويض الحكومة في هذا الشأن.. لكن ردود رئيس مجلس الوزراء د. حمدوك (الدبلوماسي) على وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بشأن تطور العلاقة مع إسرائيل بعدم امتلاك حكومته حق التفويض لإعطاء إذن بالتطبيع لم يرض فضول المتابعين وفتح موجة تساؤلات على منصات التواصل الاجتماعي عن الجهة الاعتبارية التي تملك حق التفويض كاملاً للبت في قضية التطبيع مع تل أبيب؟ هل هي الحكومة المنتخبة … أم الشعب.. ام المجلس التشريعي الانتقالي أم جهة أخرى؟
هياكل الحكم
وأجاب وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة الانتقالية فيصل محمد صالح في بيان، أعقب لقاء حمدوك وبومبيو، موضحاً الجهات التي من حقها الحديث بصفة مباشرة عن التطبيع، وقال إن حمدوك أبلغ ضيفه الأميركي، أن حكومته بحكم كونها انتقالية لا تملك تفويضاً ببحث قضية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وأن مهامها لا تتعدى إنفاذ مهام الانتقال، بيد أنه عاد وقال إن القضية لا يمكن بحثها إلا بعد إكمال هياكل الحكم الانتقالي. في إشارة إلى تعيين أعضاء المجلس التشريعي الانتقالي، التي يتوقع الانتهاء منها خلال الأشهر المقبلة، بعد توقيع السلام مع الجماعات المسلحة. وأوضح صالح أن الحكومة الانتقالية التي يقودها تحالف عريض حُددت لها أجندة تتمثل في استكمال عملية الانتقال، وتحقيق السلام والاستقرار في السودان، والتمهيد لقيام انتخابات حرة، وتابع: «لا تملك تفويضاً يتعدى مهام الانتقال، وإن بحث الطلب الأميركي بالتطبيع يتم التقرير فيه بعد إكمال أجهزة الحكم الانتقالي» والمجالس التشريعية.
تطبيع ولكن
لكن مراقبين أشاروا إلى اللقاء الذي سبق وجمع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في (عنتبي) فبراير الماضي، والذي كان مفاجئاً للشعب السوداني، الذي طالما كان حاسماً في موقفه من إسرائيل ودعمه للقضية الفلسطينية، ما استدعى مواقف رافضة للقاء، فيما نفى المكون المدني في ذلك الوقت علمه باللقاء، بينما أعلن مكتب نتنياهو أنه ناقش «تطبيع» العلاقات خلال لقائه سياسيين سودانيين كباراً في أوغندا. وحسب بيان مكتب رئيس الوزراء «التقى نتنياهو بالبرهان الذي وافق على بدء التعاون لتطبيع العلاقات بين البلدين».
خلفية تاريخية
قال المحلل السياسي د. الحاج محمد خير لـ(الصيحة) غن الجيش والأجهزة الوطنية، وخاصة البرهان كان على رأس الاستخبارات العسكرية، وكانوا مطبعين مع الموساد فيما يسمى الحرب على الإرهاب في العهد البائد وحتى إن الإنقاذ تعد صنيعة الـ”سي أي إي”، كما هو معلوم أن الانقلاب حدث على الحكومة الديمقراطية آنذاك، لصالح أجندات غربية لضرب النظام السوفيتي في شرق أفريقيا الذي ألغى نظام مانقيستو وفصل إرتريا وأتى بملس زناوي، وأسياسي افورقي اللذين كانا يتواجدان هنا في منطقة الديم وتم اقتيادهما على رأس ضباط الأمن الفاتح عروة وعثمان السيد كانوا ضباط الارتباط بينهم والمخابرات الغربية وقادوهم حتى أديس ثم جاءت واقعة ترحيل الفلاشا المشهورة.
برلمان منتخب
وقال المحلل السياسي د. الحاج محمد خير إن مقاطعة إسرائيل قرار اتخذته الجمعية التأسيسية لسنة 1967م، وأصبح سياسة دولة، وبالتالي قرار التطبيع يجب أن يقره برلمان منتخب أيضاً على أقل تقدير، وقال: لـ(الصيحة ) إن الحكومات الانتقالية ذات مهام محددة ولذلك لا تبت في القضايا الخلافية الكبرى وتتركها للحكومة الشرعية المنتخبة.
حكومة منتخبة
المحلل الاستراتيجي السفير الطريفي كرمنو قال لـ(الصيحة) الحكومة الانتقالية لا تملك الصلاحية لاتخاذ القرارات الجوهرية في الدولة، صحيح أن الحكومة الحالية تم تمديدها لمدة ثلاث سنوات مقارنة بالحكومات الانتقالية السابقة التي كانت لا تتجاوز السنة . لكن رغم ذلك لا يعطيها حق التفويض في مثل هذه القضايا الخلافية التاريخية، وإنما يجب أن يترك حق التفويض لحكومة منتخبة شرعية.
وقال إن قضية التطبيع مع إسرائيل قضية قديمة متجددة، وبالتالي من يرفض التطبيع ويقول خليجي غير مواكبين لانه عندما أرسل الرئيس نميري الفلاشا كانت الإمارات لها خمس أو سبع سنوات فقط عندما أعلن استقلالها، وبالتالي فإن اتفاقية كامب ديفيد هزمت كل مواقف العرب ضد إسرائيل بفتح سفارة في القاهرة تلتها عمان.