جعفر باعو يكتب :
*أحد الأصدقاء من أصحاب السكن الإيجاري في خرطوم “الفيل” اجتهد كثيراً عقب تخرجه من الجامعة وكسب المال الوفير الذي جعل منه صاحب “ملك” في “مكان الرئيس بنوم والطيارة بتقوم”، وإلى جانب هذا الملك أكمل نصف دينه بالزواج المبارك إن شاء الله.
*صديقنا هذا له مقولة دوماً حاضرة على لسانه وهي أن الشخص الذي يسكن في منزل إيجار مثل راكب “الحافلة” الذي يجلس على مقعد الوسط، فكل ركاب الحافلة من خلفه يجبرونه على الوقوف من مقعده حتى ينزلوا في محطتهم، فصاحب منزل الإيجار لا يكون مرتاحاً فيه وكذلك مستخدم مقعد الوسط في الحافلة لن يكون مرتاحا حتى يصل محطته الأخيرة.
*هذا الشعور بعدم الارتياح هو ذاته الشعور الذي يتملك معظم الشعب السوداني بعد انفلات الأسعار في الأسواق وارتفاع الدولار وعدم تمكن الحكومة الانتقالية من وضع برنامج واضح يجعلهم يقودون هذه الفترة إلى بر الأمان.
*صاحب بيت الإيجار حينما يكون لديه منزل “ملك” شغال فيه يكون مرتاح البال باعتبار أن “قلق” الإيجار سيكون محدوداً بفترة زمنية معروفة ولكن ما ليس له بيت راجي انتهاءه سيكون في حالة قلق وخوف مستمر من مستقبل الأيام، وكذلك حالنا مع حكومة حمدوك فنحن لا نعرف لحكومته برنامجاً واضحاً يجعلنا نتصبر على سنوات “القحط” وإنما نعيش في حالة قلق مستمر من نيران الأسعار وانفلات الأوضاع برمتها في بلادنا.
*هذا الأسبوع ظهر علينا رئيس الوزراء عبر الإذاعة السودانية في برنامج مؤتمر اذاعي وفي اليوم الثاني كان له خطاب بمناسبة مضي عام على الوثيقة الدستورية، وفي المرتين لم نشعر من خلال حديثه بالاطمئنان على تحسن الأوضاع الاقتصادية في بلادنا التي تسير إلى الهاوية بسرعة كبيرة.
*مع صباح كل يوم نرى الجنيه السوداني يتهاوى إلى الدرك الأسفل، ومع مساء كل يوم نجد ارتفاعا في الأسواق دون وجود رقيب أو حسيب عليها، وأصبح أهل السودان يتوقعون أي زيادة في أي شيء خلال ساعة فقط وليس شهراً أو عامًا كما كان يحدث في السابق.
*منذ ابريل 2019م وحتى اليوم شهدت الأسواق ارتفاعاً مخيفاً في أسعارها وتهاوى الجنيه الى درجة لم يكن أحد يتصورها، وفي الذاكرة حديث أحد قيادات قحت في ميدان الاعتصام بالقيادة العامة وهو يخاطب المعتصمين بأنه لولا ثورة ديسمبر لكان الدولار وصل إلى مائة جنيه في ظل حكومة الإنقاذ، واليوم الدولار يصل إلى قرابة المائتي جنيه في ظرف عام واحد فقط.
*نخشى أن ياتي العام الثاني في ظل هذه الحكومة “الضعيفة” ونجد الدولار يقترب من الخمسمائة جنيه وهم لا يتحركون لفعل شيء من أجل إيقاف هذا التدهور المريع.