جنوب كردفان.. حينما تدافع المرأة عن الشرف

 

تقرير: عبد الوهاب أزرق لازم

كثيرة هي الاعتداءات والانتهاكات والجرائم التي تتعرض لها المرأة في حياتها اليومية وهي تمارس الأعمال في الزراعة، الأسواق، المكاتب الحكومية، وداخل المنازل، لكنها تصمت خشية الفضيحة، والفطرة السودانية ترى أن الشكوى من التحرش عيب ولا يحق للمرأة أن تتفوه بما تتعرض له من مضايقات تصل حد الاغتصاب، فأصبح العنف الجسدي من القضايا المسكوت عنها.

شادية محمد حامد خليل أم لثمانية أطفال، تقطن منطقة التيتل بالجبال الستة بمحلية هبيلا، في صباح الجمعة الماضية بعد أن أعدت وجبة الإفطار لأطفالها وتركتهم بالمنزل حملت أدوات الزراعة ” الحشاشة ، الطورية” وقصدت مزرعتها البعيدة من الحي لتعمل لتوفير المحصول للأسرة التي تعتمد على الزراعة في حياتها اليومية.

تقول شادية “للصيحة” بعد يوم مجهد وشاق بالعمل قررت أن أعود للمنزل لأداء صلاة الجمعة كالعادة كل يوم جمعة، وتضيف: طلعت من الزراعة وفي الخور قررت أن أشرب موية، وطلعت من الخور لحقني زول وجاري ورائي ولحقني، وتابعت: كلما أبعد عنه بجيني وقلت له يا زول كان أنت مجنون داك الشارع، أردفت شادية طوالي جاني وشكل ومصارعة ودق وكان يحمل عصا وسكين اتماسكنا معاه وبعد صراع دافعت عن نفسي وأصيب وأنا جريت اتجاه الحلة وهو جرى أيضاً لإصابته.

تواصل شادية سرد ما حدث لها “للصيحة” وتقول: جريت للحلة وأخبرت الأهل وناس الحي بما حدث، وطالبتهم باللحاق بمن اعتدى وتهجم عليها  والإمساك به مؤكدة إصابته، وتقول الجماعة فاتوا ومسكوه وتم فتح بلاغ في شرطة محلية هبيلا، كما تم فتح بلاغ في زميله. وأضافت ما بعرفه وما من ناس الحلة.

وتتابع شادية قصتها المثيرة ودفاعها عن نفسها وإصابتها للمعتدي عليها بأسلحته التي كان يحملها وتقول: دقاني والناس ديل ما بفهموا بمهزلوك طبعا أنت كان رخيت بمهزلوك وأنا أبيت المهزلة، قلت أخير أنا اشوف قدرتي البسويها وما في زول بحصلني.

إصابة وتحويل

وكشفت شادية “للصيحة” عن إصابتها بكسر في الضلع اليمين ورضوخ بالجسم وإعياء عام نتيجة المقاومة والمدافعة عن النفس، وتضيف: تم تحويلي من التيتل إلى مستشفى هبيلا ومنها إلى الدلنج حيث أتلقى العلاج وتم منحي اسبوعين وأقابل بعدها الدكتور إذا لم أتماثل للشفاء أحول إلى قدام.

بإصابتها يكون الموسم الزراعي لها قد انتهى، وهي التي تعتمد على الزراعة في الاقتصاد وتسيير واقع الحياة الصعب، وهي تعول ثمانية أطفال، ضرر يلحق بكل الأسرة وقالت شادية ما عندنا حاجة الحصاد بنعيش عليهو نزرع ونكدب ونحصد ونجيب انتاجنا بأيدينا. وتكشف عن عدم وجود خدمات بالمنطقة بقولها المركز الصحي تعبان وما عندنا قسم شرطة ونتساوق بهبيلا.

بكادقلي نظمت بعض الكنداكات وقفة احتجاجية تضامناً مع شادية وما تعرضت له من عنف وغيرها الكثيرات اللائي يصمتن خشية الفضيحة، وتقول الأستاذة أزاهير آدم ضحية إحدى الناشطات المنظمات للوقفة: جاءت الوقفة الاحتجاجية في إطار مناهضة العنف ضد المرأة، المطالبة بحماية المرأة في مختلف مجالات العمل، وتضيف: تتعرض المرأة لانتهاكات وعنف لفظي وجسدي في المزارع وكل الأعمال.

وطالبت أزاهير بسن قوانين رادعة للحد من ظواهر الانتهاك والإذلال والقهر للمرأة، وتسليط الضوء عليها حتى لا تتكرر، كما تأمل تعليم المرأة الدفاع عن النفس ، واصفة شادية بالشجاعة، ولافتة لوجود نساء ضعاف محتاجات للدفاع عنهن، وتابعت: الشعارات التي رفعت منها ” حقي أن أعمل ومن واجب الدولة حمايتي” ، والمطالبة بنبذ العنف الجنسي وإدانة ما حدث.

وناشدت أزاهير الجميع بتقديم الدعم القانوني لشادية في مواجهة المتهم ومتابعة القضية، مشيرة رفع الأمر لنساء جبال النوبة، وأوضحت عن وصول مساعدات ودعم فردي لشادية

ويرى عدد من المراقبين أن أمثال شادية كثر آثرن الصمت في ولاية تعتبر الحديث عن الشرف عيباً ويتمسك المجتمع بالعادات والتقاليد.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى