إخماد حريق كنانة
محيي الدين شجر يكتب :
اطّلعتُ على بيان العضو المنتدب بشركة سكر كنانة عبد الرؤوف ميرغني بمناسبة المعارك التي تدور في الشركة هذه الأيام بين العمال فيما يتعلق بلجنة تسيير النقابة التي كونتها لجنة إزالة التمكين مؤخراً وكانت خميرة عكننة بين العاملين. حيث أكد العضو المنتدب في بيانه أن كنانة لم تتدخل في الأحداث بموقع المشروع وأن النقابة أحد أضلاع النجاح لتحقيق أهداف الشركة واستقرار العاملين..
وفي تقديري أن الرجل أصاب كبد الحقيقة، لأن الإدارات الناجحة لا تلتفت إلى صراعات العمال بحكم أنها تركز على النجاح كما فعلت شركة سكر كنانة فأنتجت إنتاجاً باهرًا الموسم الماضي..
وفي قراءة لبيان العضو المنتدب فإنه أراد أن يوصل رسالة لكل العاملين بالشركة بأن الإدارة يهمها استقرار العمال وغير معنية بأمر النقابات..
وإن كان هنالك من قول، فأرى أن النقابات في أي مؤسسة ناجحة وبالذات المؤسسات الخاصة عليها أن تعمل على المحافظة على المكتسبات لأنها بذلك تكون قد حافظت على قواعد النجاح وأن تبني خططها ومشروعاتها نحو العمال على ما تحقق، لأن أي محاولة لنسف الاستقرار سيكون المتضرر منه في المقام الأول هم العمال.. كما أن النقابات غير معنية بالأمور الفنية للإدارات ولا تملك الحق بالمطالبة بإبعاد أحد موظفي الشركة كما طالبت مؤخرًا لجنة التسيير في سلوك يكشف عدم إلمامها بوظيفة النقابات ومهامها..
وحسب متابعتي اللصيقة لما يدور في شركة سكر كنانة من صراع بين فئتين من العمال، فئة تناصر لجنة التسيير التي كونتها لجنة إزالة التمكين وفئة أخرى تساند لجنة أخرى للعمال مناهضة للجنة التسيير، فإني أرى تحت الرماد وميض نار ويوشك أن يكون له ضرام، لأن صراع العمال فيما بينهم يقود إلى فراغ في مجال العمل يؤثر بصورة قوية في عملية الإنتاج ينشغل العمال عن عملهم الأساسي إلى قضايا أخرى فتخسر الشركة مكانتها الريادية وينخفض إنتاجها في الموسم القادم ويكون المتضرر الأول هو السودان الذي يسعى إلى زيادة الإنتاج في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها، خاصة وأن جوال السكر ارتفع الأيام الفائتة إلى خمسة آلاف جنيه نتيجة لقلة المعروض، ومن المتوقع أن يصل إلى عشرة آلاف جنيه في حال استمرار الخلافات العمالية ووصولها إلى مرحلة الشلل التام، شلل بسبب الاعتصامات، وشلل بسبب التفكير في الصراع والانشغال به على حساب العمل نفسه والذي جعل كنانة في موسمها الفائت تحقق إنتاجية غير مسبوقة..
إن رسالتي إلى كل العمال بكنانة أن يستجيبوا إلى نداء العقل والوصول إلى تفاهمات بينهم وأن يضعوا مصلحة الشركة فوق أي مصالح أخرى ومطالبهم بعد ذلك يمكن أن تتحقق.
إن العمل في الشركات الخاصة يختلف عن العمل في المؤسسات الحكومية، ويمكن لصاحب مؤسسة ما إذا شعر أن عُمّالاً ما يحاولون إعاقة العمل وتعطيله وإثارة المشاكل وخلق الفوضى أن يقوم وبكل سهولة بإعفائهم وتسليمهم حقوقهم كاملة دون أن تكون هنالك أي تبعات على المؤسسة..
العمل له لوائح ونظم لم يتعود كثيرون عليها فيظنون أنهم فوق القانون وبإمكانهم فعل ما يحلو لهم..
إن ما يدور في شركة سكر كانة يتطلب من وزير التجارة والصناعة مدني عباس مدني والذي هو بحكم منصبه رئيس لمجلس إدارتها أن يتحرك لإخماد النيران التي بدأت تشتعل قبل فوات الأوان لأن ما يظنونه صغيرًا وتافهًا ستكون له عواقب وخيمة في مقبل الأيام وستكون وزارته في حيرة من أمرها حين يستيقظ ذات صباح والبلاد تعاني من نقص حاد في سلعة السكر..