تقرير: محمد عبد الله الشيخ
متلازمة الانشقاق والتشظي الأميبي التي ضربت كافة الأحزاب السياسية بالبلاد كان لحزب الأمة نصيب الأسد منها مما أفقده العديد من الكوادر والقدرات، إلا أن الحزب مضى غير آسف في طريقه وخطره السياسي، وظل يرفد الساحة السياسية بالعديد من الأطروحات والمبادرات من أجل إصلاح الشأن السياسي واستقامته على جادة الطريق وصولاً إلى الحكم الراشد ودولة الديموقراطية.
هذه المبادرات والأطروحات بالرغم من قوتها وقيمتها الشرائية في السوق السياسي، إلا أنها كانت تجد عدم الاهتمام والرفض بل التبخيس والتهكم من قبل منافسي الحزب وخصمائه السياسيين دون إبداء أي نقد علمي أو تحليل موضوعي اللهم إلا من باب الخوف من قوة هذه المبادرات وقيمتها المضافة لرصيد حزب الأمة.
كل ذلك لم يوقف الحزب ولم يثنه عن هذه الأطروحات على المستوى المركزي والولائي، حيث جاءت ورشة مشروع قانون الحكم اللا مركزي لسنة 2020 لحزب الأمة بولاية النيل الأزرق وسط حضور ومشاركة رسمية وشعبية تقدمها أمين عام حكومة ولاية النيل الأزرق صديق موسى، وقادة وممثلو القوات النظامية وقوى إعلان الحرية والتغيير ولجان المقاومة والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والناشطون في مجال السلام.
وعدد رئيس الحزب بالولاية عصام محمد البشير الجبلابي مشاهدات الحزب وإسهاماته السياسية والفكرية في كل حقب بالبلاد وصولًا إلى ثورة ديسمبر مؤكداً على دعم الحزب لحكومة الفترة الانتقالية وعمله على الإصلاح.
ممثل قوى الحرية والتغيير السر إبراهيم أشاد بمبادرة حزب الأمة، معدداً مبادراته وإسهاماته منذ الاستقلال وحتى ثورة ديسمبر المجيدة، فيما اكد ممثل الوالي صديق موسى، على أهمية الورشة في مناقشة موضوع الحكم الولائي وما يحتاجه القانون من ملاحظات في مجالات الإدارة الأهلية والحكم المحلي، مؤكداً على مناقشة هذه القوانين والوصول إلى اتفاق حولها يمثل أرضية للحكم الولائي.
الخبير القانوني والقيادي بحزب الأمة أحمد الحاج المحامي، قدم ورقة حملت عنوان (مسودة قانون الحكم الولائي الانتقالي لسنة 2020) عبر خمسة أبواب بـ 40 مادة مفصلة السلطات التنفيذية والتشريعية واختصاصات وصلاحيات كل منها ومستوياتها وطريقة تكوينها وترتيبات انتهاء فترة عملها وشروط الأهلية لشغل المناصب فيها وفقدان المنصب والإعفاء وحجب الثقة وشروط نيل عضويتها وفقدانها علاوة على سلطات الأجهزة العدلية بالولاية من جهاز قضائي وإدارة قانونية ومحاكم أهلية وتعتبر الورقة بحسب مختصين ذات قيمة قانونية كبيرة ورؤية موضوعية للإصلاح.
كما جاءت الورقة الثانية التي كان عنوانها (مشروع قانون تنظيم الحكم اللا مركزي لسنة 2020 ) التي قدمها الأستاذ يحيى الياس المحامي، عبر سبعة فصول مشتملة على تعريفات وتفسيرات ومستويات الحكم والسلطات التنفيذية الولائية وتعيين الوالي واختصاصاته وانتهاء أجل الحكومة الانتقالية الولائية والمجلس التشريعي وقسم رئيسه وأعضائه وآليات تنظيم أجهزة الحكم اللا مركزي وموارد الدخل للولايات وقانون إنشاء النقابات وحلها والعقوبات التي تقع على مرتكب الجريمة الذي يتولى منصباً في الفترة الانتقالية.
ويرى الباشمهندس النذير إسحاق عثمان، أن هذه الأوراق تمثل حرص حزب الأمة وجديته وحدبه على إصلاح الحكم اللا مركزي من خلال الأوراق المقدمة التي تمثل جهد الحزب للخروج بقانون يصلح الحكم الولائي ويصحح مساره حتى لا نضع العربة أمام الحصان.
أما الأمين السياسي للحزب بالولاية صلاح زكريا، فقال إن الورشة تمثل مجهود الحزب في إصلاح الحكم اللا مركزي عبر مسودة قانون الحكم اللا مركزي التي توضح بجلاء مثالب القانون الذي يجمع السلطة التنفيذية والتشريعية في يد السيد الوالي، حيث ينص على أن يكون الوالي رئيساً للمجلس التشريعي علاوة على رئاسته الجهاز التنفيذي، لذا فإن القانون المقترح يمثل بداية الانتقال من الشمولية إلى المشاركة الديموقراطية.
أمين الإعلام بالحزب حسنون مصطفى، أكد أن مسودة القانون تُعنى بالفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية التي ركزها القانون في يد السيد الوالي، كما أن القانون أبعد فعاليات كان لها دور هام وفاعل في الثورة، إضافة للصلاحيات الكبيرة التي أعطاها القانون للمديرين التنفيذيين بالمحليات مما يمثل خللاً بائناً.
ويرى مهتمون وخبراء قانونيون أن الورشة وما قدم فيها من أوراق من قبل خبراء في مجال القانون تمثل جهداً يضاف لمجهودات حزب الأمة وأطروحاته وإسهاماته الفاعلة في حكومة الفترة الانتقالية والتي ينبغي أن يضطلع فيها الحزب بدور أكبر مما هو عليه الآن بما يتناسب مع حجمه وجماهيريته، ويرى المهتمون أن أطروحة في قيمة العقد الاجتماعي ورؤية حزب الأمة حول تعيين الولاة كان يجب أن تكون خارطة طريق للحكومة الانتقالية وهادياً إلى الممارسة الرشيدة للحكم وأن عدم الاهتمام بهذه المبادرات يأتي من قبيل سوء الممارسة السياسية والكيد السياسي ويعتبرون أن الورشة تمثل ضوءاً في نفق الحكم الولائي المظلم.