بقلم: أسامة عبد الرحمن أبوبكر
ظل العاملون بلجان تفكيك التمكين ومحاربة الفساد ينشطون كالنحل في أضابير المكاتب نافضين الأتربة عن ملفات الفساد الآسن التي أتت بأعداد كبيرة من الفشلة لأغراض التمكين، فأحالوا دولاب الخدمة المدنية إلى خراب ينعق فيه بوم الفشل كل صباح، إلا أن هؤلاء الكناسين لفساد تراكم بعضه فوق بعض لثلاثين عاماً قد أغفلوا البوابة التي أعدت لتمرير هذا السيل الآسن إلى مكاتب الخدمة المدنية، هذه البوابة التي تعج بقصص ووثائق فساد يشيب لها الولدان، كيف لا وقد ظل يختار لها من مات ضميره وذهبت أخلاقه وفقد مروءته ليقودها ويفعل بدولاب العمل العام الأفاعيل وينكل بشباب السودان ممن أفنو زهرة شبابهم بقاعات الدرس والتحصيل من أجل أن ينافسوا إخوتهم ويحصلوا على وظيفة أعدوا لها أنفسهم من أجل خدمة بلادهم وما دروا أن بوابة الدخول عليها ظلمة شداد غلاظ لا يخشون في الظلم لومة لائم.
المؤسف أن بوابة الفساد هذي لا زالت مشرعة تمارس ذات الدور المرسوم لها دون أي تغيير مما حول جهد لجان التفكيك إلى حرث في البحر، ففي الوقت الذي تفصل فيه اللجان من تم تمكينهم عبر بوابة الفساد للخدمة المدنية، نجد أن هذه البوابة لا زالت تتفنن في حشر الفاشلين ابتداءً من تسجيل نتائج الممتحنين بقلم الرصاص وليس انتهاءً بفتح الامتحانات مرات متعددة للفشلة وبشكل خاص بعيدًا عن الأعين، والتعيين بقرارات مباشرة كأنها ملكية خاصة بهم.
إن تجربة مفوضية الفساد للخدمة المدنية التي انطلقت منذ 1996 تحت قيادة الطيب سيخة لجديرة بالتوثيق والتأمل واستخلاص العبر ليس على مستوى الشعب السوداني فقط ولكن على مستوى القارة الأفريقية كونها تقدم نماذج للفساد وتدمير الدول وتخريب مؤسساتها عبر إقصاء الناجحين وتسكين الفاشلين القائم على الانتماء الأيديولوجي، الأمر الذي ترتب عليه انهيار مؤسسة الخدمة المدنية وتدهور الخدمة المقدمة للشعب والوهن العام لأداء الدولة، وذلك ساهم بصورة مباشرة في انتشار هائل للغش والتلاعب والتزوير والرشاوى وسرقة المال العام.
إن وضع هذه المفوضية الفوضوي هذا لم يكن وليد الصدفة، وإنما كان مقصوداً لذاته من أجل خدمة أهداف التمكين وتضليل الرأي العام والبسطاء من أبناء الشعب الذين يلهثون في هجير الشمس من أجل الحصول على فرصة عمل بجهدهم وما دروا أن القوائم تعد مسبقاً من اتحادات الطلبة ودهاليز حزب التمكين، ولا عزاء للمجتهدين الحاصلين على التأهيل. فالمفوضية قد أجادت كل فنون (الدغمسة) ولازالت إلى يوم الناس هذا تبرع فيها وتمارسها دون رقيب أو حسيب.
بما أن لجنة تفكيك التمكين ومحاربة الفساد قد باشرت في مقاضاة كل من استولى على مال عام وتم استرداده منه كجزء أصيل من واجبها، فإن ذات الأمر ينطبق على من أفسد وسرق وظائف الشعب بعد أن تم استرداد هذه الوظائف, فمن المنتظر تقديم المسئولين في هذه المفوضية الذين ارتكبوا هذه الجرائم إلى القضاء خاصة في ظل توفر الأدلة الدامغة التي تدينهم حتى تكتمل العدالة ويتم الاقتصاص لكل من سُرق عرقه وحقه في المنافسة العادلة للحصول على الوظيفة العامة…
نواصل