أرحلوا
جعفر باعو يكتب :
*تقول الحكاية “الحقيقية” إن رجلاً وقف أمام بائع الخضار لشراء بعض المستلزمات “اليومية” وليس الأسبوعية، وبعد الانتهاء من الشراء وجد أنه دفع قرابة الألف جنيه في شراء خضار ولحمة ليوم واحد، ضحك وهو يدفع المبلغ وأقسم أن مهر زواجه قبل تسعة عشر عاماً كان خمسمائة جنيه فقط وكانت حينها مبلغاً “محترماً”.
*قال له من يجاوره إن أردت مقارنة قيمة “الجنيه” قبل عشرين عاماً سيصيبك الذهول والهلع، ففي كل يوم هذا الجنيه يفقد قيمته وبريقه ويصبح عبارة عن ورقة لا تسمن ولا تغني من جوع، والسبب طبعاً السياسات الاقتصادية الفاشلة منذ سنوات النميري وقرار التأميم الذي أراد من خلاله اتباع ما فعله عبد الناصر.
*حسناً .. في الدول التي لها خبراء “حقيقيون” يديرون اقتصاده عملتهم لا تفقد قيمتها وإن مرت عشرات السنوات، وليس عشرين فقط، وصديقنا المغترب في المملكة العربية السعودية يحكي لنا عن طلب وجبة “البيك” التي كانت بعشرة ريال في عام 2000 وفي هذا العام أصبحت اثني عشر ريالاً، أي أن البيك زاد فقط اثنين ريال خلال عشرين عاماً.
*الجنيه السوداني مع صباح كل يوم يصبح عبارة عن ورقة لا تفي بالأغراض، والحكومة الانتقالية تتفرج دون أن تتحرك، والسوق يرتفع وحكومة حمدوك تتفرج دون أن تجتهد لإيقاف هذا الزحف الجنوني في ارتفاع كل شيء.
*منذ يومين وربما أكثر كانت صورة رئيس الوزراء حمدوك في الوسائط بعد إجراء بعض الفتوشوب لتظهر الدكتور في سن أكبر من التي هو فيها، وتحت الصورة عبارة “سنعبر وننتصر”.
*وإن أصبحت الصورة أكبر كثيراً وظهر هو دون أسنان وشعر ستكون ذات العبارة موجودة “سنعبر وننتصر” ولن يحدث هذا العبور والانتصار ورئيس الوزراء بعد مضي عام من الوثيقة يفشل في كبح جماح الأسعار والغلاء في كل شيء.
*منذ شهور قلنا إن هذه الحكومة فاشلة ولن تفيد السودان في شيء، وقلنا إن هولاء لم يأت بهم الشعب عبر صناديق الانتخابات، وإنما جاءت بهم الحاضنة السياسية وصراعهم الآن في إطالة أمد الفترة الانتقالية حتى نشهد المزيد من الفشل والضياع.
*مليونية جرد الحساب التي كانت هذا الأسبوع تؤكد أن من يجلسون على الكرسي الآن فاشلون بامتياز، وهذه المليونة أيضًا تؤكد أن الشعار الذي جاءت به ثورة ديسمبر “حرية ،سلام، عدالة” عبارة عن كلمات على الورق فقط دون أن يكون له واقع ملموس على أرض الواقع.
*فشل الحكومة أقر به نائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول حميدتي قبل شهور، وهو فشل واضح للعيان من خلال انفلات الأسواق والانفلات الأمني في عدد من ولايات السودان، وفشل بائن من خلال عدم استلام بعض الولاة لمهامهم رغم مضي أكثر من أسبوعين على التعيين، وفشل يظهر في “سريحة العملة” في قلب الخرطوم والدولار يصل إلى أكثر من مائة وسبعين جنيها، وفشل يظهر من خلال أسعار السلع و….و.. وقائمة طويلة من الفشل لهذه الحكومة الانتقالية التي فشلت حتى في السيطرة على الشارع.
*ارحلوا هداكم الله