قبول الآخر المختلف
بقلم : شاكر رابح
يأتي حديث الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس السيادي، في ختام حفل توقيع وثيقة الصلح بين قبيلتي النوبة والحوازمة بجنوب كردفان التي تم توقيعها بقاعة الصداقة مؤخرًا، والتي يدعو فيها (لقبول الآخر والتعايش السلمي للمجتمعات، والنأي عن النظرة الضيقة والتعصب القبلي والمناطقي), جاءت هذه الدعوة في ظل ظروف وتعقيدات أمنية تشهدها عدد من الولايات في قضايا ثانوية، وأعتقد جازمًا أنه لن ينصلح حال المجتمع السوداني إلا بإعلاء ثقافة التسامح وقبول الآخر المختلف حتى لو كان الاختلاف عرقياً ومذهبياً ودينياً أو سياسياً، هناك بعض المجتمعات ترى في وجود الآخر خطراً على كيانها ووحدتها ومستقبلها، وهذا هو السبب الأساسي في المآسي والحروب التي يعيشها السودان منذ استقلاله، وفي ظل كل الحكومات المتعاقبة العسكرية والمدنية بدرجات متفاوتة، وأن قبول الآخر والتعايش معه أمر رباني ومبدأ أسسه الإسلام وطبّقه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم منذ بداية الدولة الإسلامية، وسار على دربه الصحابة رضوان الله عليهم والسلف الصالح من بعدهم طبقوا هذا المبدأ عند الفتوحات الإسلامية فطبقوه عملياً وحرفياً على أساس الحقوق والواجبات حتى لغير المسلمين في المجتمع المسلم، هذا في عصر معلم الإنسانية فما بال المجتمع في هذا العصر الحديث وقد تجاوز أيضًا العالم أجمع أسباب الاختلاف إلى درجة التعايش ونبذ التعصب الديني والعرقي، وخير مثال ما وصلت إليه قارة أوروبا من تعايش حتى في ظل اختلاف الدين واللغة بعد حروب طاحنة راح ضحيتها الملايين من البشر، وفي اخر المطاف وصلوا لدرجة الوحدة والاندماج المجتمعي والاقتصادي والسياسي، هناك طريق واحد يمكن أن يسلكه البشر ويساعد في الوصول إلى الحد الأدنى لتقبل الآخر، منها أن نتحلى بالقيم الإنسانية السمحة مثل الحب والتسامح واحترام الحريات الشخصية، وحرية التفكير والتعبير وقبول وجهات النظر المختلفة في القضايا كافة، وأن يكون ذلك ثقافة مجتمعية بعيدًا عن فرض ذلك بقوة القانون أو السلطة. ويجب أن تلعب وسائل الإعلام المختلفة دوراً ريادياً ومحورياً في إشاعة ثقافة التعايش وقبول الآخر المختلف.