لجان المقاومة.. انفصال القاطِرة عن الجسد!
تقرير: عبد الله عبد الرحيم
في مطلع شهر فبراير الماضي، وقعت ملاسنات حادة بين قيادات في إعلان الحرية والتغيير وأفراد من لجان المقاومة، بشأن الرقابة على الوقود والخبز، في تطور علني للأزمة بين الطرفين بعد أن ظلت مكتومة لأشهر. وبدأت المشاحنات بين قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة، بعد وقت وجيز من إعلان الحكومة التي يقودها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، باتهام اللجان لقوى التغيير-الحاضنة السياسية للنظام- بالعمل على تسييس عناصرها. واقتحم أفراد من لجان المقاومة، مؤتمراً صحفياً، أقامته لجنة العمل الميداني، لقوى التغيير بوكالة السودان للأنباء وتحول المكان إلى ساحة لتلاسن الطرفين واتهام أعضاء لجان المقاومة للحرية والتغيير بتخوينهم أمام الشعب السوداني.
وبالأمس انسحبت لجان المقاومة من لجنة التحضير لمؤتمر الحرية والتغيير. وألقى الأستاذ أزهري الحاج القيادي في لجان المقاومة السودانية كلمه تاريخية في الاجتماع الذي دعت له اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحرية والتغيير لجميع الموقعين غير الممثلين في المجلس المركزي لنقاش حول التحضير لمؤتمر الحرية والتغيير، حيث تناول الحاج تهميش الأحزاب السياسية في إعلان الحرية والتغيير الأجسام الموقعة على إعلان الحرية والتغيير في يناير 2019 واستفرادها بتشكيل التنسيقيات التي تشكل مراكز اتخاذ القرارات للحكومة الانتقالية بشكل قبيح لا يعبر عن مكونات الثورة السودانية ولا الثوار. فما الذي يجري في العلاقة بين اللجان والحرية والتغيير وهل يقود لانفصال يبتر اللجان عن حاضنتها السياسية؟
تشويه الثورة
وأوضح أزهري الحاج خلال صفحة لجان المقاومة السودانية على الفيس بوك، أن إهمال الأحزاب السياسية للأجسام المدنية والمطلبية الموقعة جنباً إلى جنب مع المهنيين والأحزاب السياسية وانشغالها بالترضيات والمحاصصات الحزبية في ترشيح الحكومة الانتقالية وترشيح الولاة أدى إلى فقدان الحرية والتغيير السند الشعبي والدعم المدني المتمثل في لجان المقاومة بكل مسمياتها مما خلف حالة من السخط والغضب بسبب الوضع المعيشي الطاحن والأزمات الحياتية وتردي الأوضاع الأمنية في البلاد بعيداً عن تحقيق العدالة الانتقالية في الاقتصاص لدماء الشهداء وإنجاز مرحلة السلام الشامل. وأكد الحاج، على أن لجان المقاومة السودانية قادرة على إرجاع الفعل الثوري لتصحيح مسار الثورة، موضحاً أن الشوارع لا تخون، وختم حديثه بأن لجان المقاومة السودانية لا يمكن أن تستمر في هذا الوضع الذي لا يلبي تطلعات الشعب السوداني في ثورته التي مهرت بدماء أبنائه، مؤكداً على انسحابه كممثل للجان المقاومة السودانية من هذا الاجتماع التحضيري لمؤتمر الحرية والتغيير الذي يأتي امتداداً للمحاصصة الحزبية وتشويه قوى الثورة .وبعد انسحابه من الاجتماع، أشارت المصادر إلى تفاعل الحضور مع حديث ممثل لجان المقاومة السودانية وخرج أغلبهم معه تأييداً ودعماً له مما أدى إلى ربكة في منصة إدارة الاجتماع وتعليق الجلسة من أجل احتواء الموقف.
تصحيح المسار
ويقول طه عواض مقرر اللجنة التنفيذية للجان المقاومة السودانية، إن ما حدث من التفاف جديد من أحزاب الحرية والتغيير وما نتج عنه من انسحاب من الاجتماع التحضيري من ممثل لجان المقاومة السودانية هو نتاج طبيعي لإنهاء ذلك التخبط الذي ظلت تمارسه تلك الأحزاب السياسية المصطرعة مع بعضها البعض من أجل السلطة والثروة، بعدما ظللنا نناشدها عبر البيانات التذكيرية كل تلك الفترة من عمر الثورة بالابتعاد عن اللعب بمقدرات ثورة ديسمبر المجيدة لكي لا تلقى ذات المصير الذي لقيته مثيلاتها في أكتوبر وأبريل. وقال إن لجان المقاومة السودانية بهذا الموقف التاريخي الذي سجله الأستاذ أزهري تؤكد أنها ستظل تحرس هذه الثورة وتدعم خيار الشعب السوداني في تصحيح مسارها بشكل حقيقي يوازي حجم التضحيات التي قدمها هذا الشعب الأبي منذ 89 وحتى اليوم، وجدد طه تأكيده أن مطالبنا التي تحتويها الوثيقة المشتركة التي ستقدمها عبر المواكب النوعية التي ستسيرها لجان المقاومة السودانية في كل ولايات السودان ستكون بمثابة المجد للشهداء والتحية للشعب السوداني العظيم معلم الشعوب معنى الحرية والديمقراطية والسلام.
عمق الخلافات
ويرى مراقبون ومحللون سياسيون بوادر ظهور انشقاقات وفتور في العلاقة بين المكونين لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، وأكد د. مصطفى حمدين محمد أستاذ العلوم السياسية بالجامعات والمحلل السياسي لـ(الصيحة)، أن قوى الحرية والتغيير بدأت تعمل وفق اتهامات لجان المقاومة على تجريمهم بتوقيع إقرارات نيابة عنهم، تحتوي على اعترافهم بالوقوع في أخطاء وأخذ أموال، لكن لجان المقاومة تؤكد على أن عملها طوعي دون نظير مالي. وقال إن هذه الخلافات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك عمق الخلافات بين الطرفين لدرجة أن يكيد طرف للأخر على هذا النحو، فيما أفاد أعضاء لجان المقاومة، بأن بادرة الخلافات نشبت بينهم والحرية والتغيير حول وظائف طرحتها عليهم وزارة النفط لتولي الرقابة على محطات الوقود. وقال إن قوى الحرية والتغيير ترغب في أن يشغل كوادرها في لجان التغيير والخدمات هذه الوظائف. وحرصت قوى الحرية والتغيير على تكوين لجان التغيير والخدمات في أحياء كل المدن لتكون موازية للجان المقاومة التي تأسست إبان الاحتجاجات ضد نظام الرئيس المعزول عمر البشير.
التمادي في الأخطاء
وأكد شهاب مصطفى من لجان مقاومة بحري لـ(الصيحة) بأن لجان المقاومة ستظل حامية للثورة بعدة وسائل من بينها الضغط على الحكومة لتنفيذ إصلاحات في مؤسسات الدولة، والخروج ضد أي انقلاب عسكري محتمل. وقال شهاب، إن عمليات (اللستات، قوائم أشخاص) التي ترفعها جهات عديدة للوزارات، وتدعي أنها لجان مقاومة لتولي الوظائف التي تطرحها فيه شيء من الغموض ولا علاقة لتلك الجهات بلجان المقاومة. مشيراً إلى أن بعض الممارسات في إطار العمل العام بدت عليه بعض النواقص، وهذا أمر طبيعي لكن الأفضل هو أن تقود هذه الجهات حملات تصحيح المسار بنفسها بدلاً من أن تتمادى في الأخطاء. وقال إنهم لن يألوا جهداً في تقديمه لأجل الوطن ولن يغمض لهم جفن حتى ترسو سفينة السلام وتبدأ حكومة البلاد في الإبحار تجاه الغايات الكبرى التي من أجلها قامت الثورة.