الطاهر ساتي يكتب :
:: بعد أن فشل في الدراسة والزراعة والتجارة وكل الأعمال الُحرّة، أرسل ابنه إلى السعودية بطريقة (عُمرة وزوغة)، أي يعتمر ثم يعمل بخفاء ثم يُوفِّق أوضاع إقامته.. ولأنّ حظ الابن كان منحوساً، نذر العم بذبح خروف يوم إقلاع طائرته.. ثم أوفى بنذره، حيث ذبح الخروف ووزّع اللحم على الفقراء بمجرد وصول الابن إلى جدة.. ولكن المؤلم، بعد شهرٍ، أعادوا الابن إلى بورتسودان (بالكشّة)، ليتأسّف عمّنا ويتحسّر قائلاً: (يا ريت لو سفّرت الخروف وضبحت الولد)..!!
:: ولعجز من نُلقِّبهم بالمسؤولين في وزارة الثروة الحيوانية ومحاجرها عن أداء واجبهم (كما يجب)، وبسبب عجز سُلطات النقل البحري عن توفير بواخر مُطابقة للمواصفات وشروط الجودة، أسبوعياً تُعيد دول الخليج صادر المواشي السودانية، حتى نكاد أن نخسر أسواق الخليج ونُخرج المُصدِّرين من قوائم التنافُس بالخسائر.. وإذا تواصل إرجاع المواشي بهذه الوتيرة، سوف يكون لسان حال الناس والبلد: (يا ريت لو خلّينا المواشي وصدّرنا المسؤولين)..!!
:: ويقول وزير الثروة الحيوانية والسمكية المُكلّف، دكتور عادل فرح إدريس، إنّ البواخر غير المُطابقة للمُواصفة من أهم أسباب إرجاع صادر الماشية من دول الخليج، وهذا يُكبِّد خسائر فادحة للمُصدِّرين والاقتصاد الوطني.. فالبواخر غير المُطابقة نصف الحقيقة، والنصف الآخر المسكوت عنه في حديث الوزير المُكلّف هو المحاجر.. هذه المحاجر، بمن فيها من المسؤولين، لم تعد صالحة للاستخدام، لأنّها إحدى بؤر الفشل والفساد واللا مبالاة..!!
:: ولعلّكم تذكرون، قبل نصف عامٍ، قالت هيئة الموانئ البحرية إنها نفّذت المرحلة الأولى للمحجر البيطري لميناء هيدوب المُخصَّص لصادر الثروة الحيوانية والخضر والفاكهة، وهو الميناء الواقع جنوب ميناء عثمان دقنة بسواكن، ثم صمتت.. نصف عام يكفي لتأسيس ميناء، وليس مُجرّد محجر، ومع ذلك لم يكتمل تنفيذ المحجر، بل توقف العمل فيه، ولم يتحدّث عن أسباب توقف العمل.. ربما لأنّ المرحلة للمواكب والهتافات، وليس للعمل..!!
:: وعُقدة محاجر ميناء هيدوب (قديمة).. افتتح نظام المخلوع هذا الميناء في (نوفمبر 2017)، ودشّنت هيئة الموانئ البحرية عمليات الصّادِر عبر هذا الميناء في (مايو 2018)، وكان عبارة عن تصدير أول شُحنة من الضأن – ثلاثة آلاف رأس – إلى لبنان.. وبعد ستة أيام من التدشين، أعلنت هيئة الموانئ إغلاق الميناء، لأن تجربة الستة أيام كشفت عن ضرورة إنشاء المحجر البيطري قُرب الميناء وتشييد حظائر الانتظار وتوفير مياه الشرب..!!
:: (تخيّلوا).. هكذا كان، ولا يزال، نهج السُّلطات ذات الصلة بملف الثروة الحيوانية.. جاءوا برئيس وزراء النظام المخلوع، واحتفلوا ورقصوا ودشّنوا الميناء (أولاً)، ثُمّ بحثوا عن المحاجِر والحظائر في الميناء (لاحقاً)، وعندما لم يجدوها أغلقوا الميناء وغادَروا.. هذا الميناء هو الأحدث، بحيث كل شيء يعمل إلكترونياً، وبأحدث نظم التشغيل.. (5 أرصفة)، بطول (241 متراً)، وعُمق (12.5 متر)، وحُمُولة (30.000 طن)..!!
:: وبطاقة تشغيلية تتجاوز (120.000) رأس يومياً.. وهو مشروع شراكة بين هيئة الموانئ وشركة جيك الصينية (51% – 49%).. ومنطقة هيدوب تقع جنوب سواكن فقط (30 كلم).. ومع ذلك، لم يعمل الميناء رغم حاجة البلاد إلى الصَّادر.. ظلّ الميناءُ مُغلقاً، وأصبح مَهجوراً، مُنذ تاريخ الافتتاح (نوفمبر 2017)، ثم تاريخ التدشين (مايو 2018)، وإلى يومنا هذا الذي تُعاد فيه بواخر مواشينا من دول الخليج، لعدم وجود محاجر و… مسؤولين..!!