الخرطوم- مريم أبشر
تبدو واشنطن، أنها باتت تضع ملف رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ضمن أولوياتها للتعامل مع السودان بوجهه الجديد لاحتفال من نوعٍ خاصٍ، وتأتي الخطوة التي أعلن عنها مساعد وزير الخارجية الأمريكي في لقائه بأول سفير سوداني لواشنطن نور الدين ساتي بعد إعلان الترفيع الذي أعقب تقليصاً طال البعثتين في كل من الخرطوم وواشنطن منذ عدة عقود إبان العهد البائد، رفع العقوبات واسم السودان المتوقع يأتي بعد جهود مكثفة بذلتها الحكومة الانتقالية مع الإدارة الأمريكية وأسر ضحايا التفجيرات عبر تسويات مالية شارفت على الانتهاء، فضلاً عن مطلوبات محددة للإصلاح الاقتصادي وفق وصفات المؤسسات الدولية المالية .
لأوّل مرّة
في أجواء إيجابية تكشف عن صفحة جديدة بدأت تطل في سماء العلاقات السودانية الأمريكية، وبمبنى وزارة الخارجية الأمريكية التقى السفير نور الدين ساتي سفير السودان بواشنطن بمساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية تيبور ناجي بمبنى الخارجية الأمريكية نهاية الاسبوع المنصرم بمشاركة السفيرة أميرة عقارب نائب رئيس بعثة السودان بواشنطن والسيدة ماكيلا جيمس نائبة مساعد وزير الخارجية والسفير دونالد بوث المبعوث الخاص للسودان.. ابتدره تيمور ناجي، بالترحيب والتهنئة للسفير نور الدين ساتي بتوليه منصبه الجديد، وذكر أن بلاده تنوي إقامة احتفال كبير عندما يتم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. بادله السفير ساتي عن سعادته وشكره للحكومة الأمريكية، وعن أهمية تطوير العلاقات الثنائية، خُصُوصاً في المرحلة الانتقالية.
وقَالَ السفير ناجي إنّ الولايات المتحدة تتطلّع للشراكة مع السودان في الجوانب الاقتصادية، مشيراً لعدد من الشركات الأمريكية التي بدأت بنشاطاتها في الخرطوم من ضمنها مايكروسوفت، زووم وشركة Monitor power system التي تعاقدت مع سودابت بخطة مشروع بلغت تكلفته 900 مليون دولار.
وتطرقوا لعددٍ من الموضوعات التي تتعلق بتوثيق العلاقات بين البلدين في المجالات كافة. وأشار السفير ناجي إلى المكالمة التي تمّت بين السيد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وبومبيو وزير الخارجية الأمريكية، والتي عبّر فيها السيد بومبيو عن دعم بلاده للحكم المدني والانتقال الديمقراطي في السودان، لافتاً الى أن حكومة بلاده سوف تقوم بحظر دخول الولايات المتحدة الأمريكية لكل الأشخاص المُتورِّطين في تقويض عمل الحكومة المدنية الانتقالية وأُسرهم، كما سيتم إلغاء التأشيرات للذين حَصلوا عليها داخل وخارج السودان، وذكر أن هذا الإجراء يأتي في إطار دعم الولايات المتحدة الأمريكية للحكومة المدنية الانتقالية. ورغم انّ القائمة بأسماء المخظورين لم تُكشف بعد، إلا أنها تكشف عن رغبة واشنطن في أن تسكتمل ثورة السودان كل مطلوباتها وتحرص على حمايتها عبر تحجيم كل من يُحاول عرقلة مسيرتها سواء من قيادات النظام البائد أو المُتوطئين في الحكومة الانتقالية.
وعبّر السفير ناجي، عن سعادته باللقاء، وذكر أن السفير ساتي أول سفير أفريقي يزور مبنى الخارجية منذ مارس المنصرم.
حديثٌ مُبشِّرٌ
سفير مخضرم فضّل عدم ذكر اسمه، وصف حديث مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية تيمور ناجى بالمُبشِّر، وأنه ينطوي على بشرى للشعب السوداني، وأضاف أن المتتبع لعلاقات الولايات المتحدة والعالم الخارجي وعلى وجه الخصوص الدول التي تُعاديها وتصدر في حقها قرارات دائماً يتطلّب رفعها زمناً طويلاً نظراً للتعقيدات لدى صُنّاع القرار الأمريكي من البنتاغون والكونغرس والخارجية وغيرها، واضاف السفير لـ(الصيحة) منذ قيام الثورة، فان الادارة الامريكية انحازت لحكومة الثورة وبدأت منذ فترة في حلحلة مسامير هذه القوانين التي كانت مفروضة على السودان، وظلت تكبّل حكومة الثورة وتمنعها من الحركة أو تحقيق أي إنجاز للجماهير التي ثارت ضد النظام الديكتاتوري. وأضاف بقوله: يبدو أن خطوات تسريع حل المسامير تسير بصورة جيدة، لافتاً إلى أن واشنطن ليس كما عُرف عنها من الدول التي تتسرّع في إصدار مثل هذه القرارات عدا حالات محددة تصدر عن الرئيس بنفسه، وقال: نحن متفائلون بهذا الحديث، لافتاً إلى أنّ واشنطن ترغب في أن يكون لها وجود في هذه الدولة العملاقة لربط مصالحها مع الدول التي لديها علاقات معها كدول الخليج ومصر والقارة الأفريقية، وأضاف أن الثروات الطبيعية والبشرية التي يمتلكها السودان تُشكِّل إضافةً لعلاقة الولايات المتحدة الخارجية، وحينها سيكون في إمكان الشركات الأمريكية العملاقة والصناعات الأمريكية الدخول للسودان والاستثمار فيه، وبالتالي يُشكِّل ذلك قوة دفع لحكومة الثورة ضد المُتربِّصين بها ليل نهار.
مطلوبات الرفع
جميلٌ أن تسعى الدولة وتتخذ إجراءات أساسية لنيل الثقة الكاملة من أجل رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والرفع الكامل للعقوبات الاقتصادية وفقاً لإفادة خبير أكاديمي وسياسي تحدث لـ(الصيحة) أمس، وأضاف أن السودان حينها سيستعيد دوره الطبيعي أفريقياً وعالمياً كدولة لها وجود وقال ان الخطوة إذا تمت كبيرة وعظيمة، وأكد على أهمية بذل الجهد المطلوب ليكون الواقع حقيقياً، وطرح الخبير جملة من التساؤلات حول ماذا فعلنا من إنجازات ومطلوبات ظلت تطالب بها الولايات المتحدة والجهات الأخرى ومدى التزامنا بالشروط سواء في العهد البائد أو الحالي كوضع قوانين ولوائح تُساعد على الاستثمار للسماح بالشركات الكُبرى بالاستثمار وتثبيت سعر الصرف.
ويرى مراقبون أنه برغم وعود قُرب رفع اسم السودان من القائمة، إلا أن كثيراً من المطلوبات ما زالت مُعلقة وفق مُقضيات الراهن.