صالات الأفراح.. بين مطرقة الحكومة وسندان كورونا
خالد الصادق البصير يكتب :
إن إغلاق الصالات قرار دولة اتخذته في ظل ظروف استثنائية صحية بسبب جائحة كورونا فكان لابد للصالات أن تستجيب وتلبي نداء الدولة لتساهم في الحفاظ على صحة وسلامة المواطن، وذهبت إلى أبعد من ذلك. لتجمع بعضاً من المال وتودعه للجهات المختصة بأمر الجائحة.
عندما طال أمد الإغلاق كثيراً بسبب الجائحة ولتتجاوز الصالات مع الحكومه مأزق نضوب موارد الدولة وخروج الصالات من النفق المظلم قامت الصالات بتقديم حلول في مذكرة تحوي سبعة عشر بندًا وقائياً واحترازياً وقدمتها للجهات المعنية.. ولكنها ظلت في أضابير المكاتب وغياهب الأدراج ردحاً من الزمن. ولم تجد الصالات نفسها إلا في دوامة وعود الحكومة المتناقضة.
وتيقنت الصالات بأنها دفعت الثمن باهظاً مادياً وإنسانياً وقبلت بالتضحية المترتبة على خيارات الإغلاق.
وما سأقدمه هنا لا يعني الإحاطة الشاملة بما أريد قوله عن معاناة وأضرار الصالات وعن الديون والقروض المتزايدة لمعظم هذه المرافق. وربما اتجهت بعض الصالات بإغلاق أبوابها نهائياً بسبب الالتزامات المالية الضخمة المترتبة على ذلك.
إن صالات المناسبات تعول مجموعات ضخمة من الشرائح المجتمعية تقدر بعشرات الآلاف من موظفين وعمال وفنيين تصوير وكهرباء وتبريد وخدمات أمنية وشركات نظافة وطباخين وهنالك بعض الأسر تقتات من بقايا طعام المناسبات.
كما أن هنالك بعض الصالات لديها التزامات بنكية مبرمجة وواجبة السداد. كما أن الأرضيات المقاومة عليها هذه المرافق معظمها مستأجرة من جهات حكومية أو أفراد ومستحقاتها لا تعرف التأجيل والتأخير. وأن سنام هذه الصالات تآكل تماماً إلى أن وصل العظم.
لقد أصبح العالم يتعايش مع هذا الوباء وربما أصبح مرضاً مستوطناً. فكانت الصالات سباقة لوضع الحلول الذكية وتصبح المعادلة صعبة طرفها الأول الصالات التي لا تستطيع أن تعوض خساراتها وأضرارها. وطرفها الثاني الحكومة والتي لا تستطيع أن تجبر كسر تلك المرافق وتقدم لها التعويض المادي… وأيضاً الصالات لا تطالبها بذلك، ولكن على الحكومة أن تعفي التزاماتها المالية من شهر مارس الماضي وإلى شهر ديسمبر القادم.
وبهذه الخطوة تكون قد ساهمت الحكومة وخففت من وطأة معاناة الصالات. وزرعت الثقة ومدت جسور الشراكة الذكية وربطت قيم الولاء بأصحاب الصالات ووثقت صالات العمل وعملت على تفعيل المصالح الوطنية المشتركة. فالمسألة بحاجة إلى أن تتوحد الرؤى وتندمج المصالح الاقتصادية المشتركة.
ونعلم بأن هنالك ليس من طرق سهلة لاجتياز مشاكل الصالات ولكن هنالك تيقن بأن العقول تنير الطريق إلى الأمام.
ومن زاوية العدل فنحن أمام وضع أشد إجحافاً وظلمًا لغض الحكومة الطرف عن إقامة المناسبات في المزارع والحدائق المكشوفة والصالات المتجولة والفلل والميادين العامة دون أي احترازات صحية وفي أماكن غير مهيأة أصلًا لإقامة تلك المناسبات وفي ظل ظروف كهذه.
ما حصل للصالات لابد أن يكون بداية نظرة جديدة إلى كثير من المسلمات في الحقل الاقتصادي وأن تكون الدولة حريصة على قطاع الصالات وننتظر منها المبادرات والفكر المنير، لنتخطى عقبة الأزمات ونعمل على مواجهة جحافل الاجتياح.
والحقيقه أن عمق الإشكالية يكمن في غياب الرأي المستنير والذي هو سبيل الإصلاح والصلاح.
ولا نريد أن تتعامل الحكومة مع الصالات وكأنها هياكل باردة ولا نريدها أن تتركنا في مفترق طرق. وما نصرح به يقود إلى وعي جديد وصيحة صادقة تحتاج منا أن نفهمها ونناقشها ونحتفي بها كأطروحة جديدة وشجاعة.
وقد كتبنا من قبل بيانا شجاعاً وجريئاً نتلمس فيه مظالمنا وبلغة رفيعة وقويه تنم عن قوة وعدم استكانة وهشاشة ولكنها كانت صرخة بلا فاعلية. وكانت الآراء غارقة في الوجدانية وأساليبها المتسمة بالغوغائية ولا تمثل رأياً مستنيراً، والخلاصة أن المشكلة ليست فقط في كيفية قياس الرأي أو طرائق قياسه بقدر ما هي مشكلة قائمة في ذات الرأي.
ونحن دائماً ما نحتاج إلى الاحتجاجات الصاخبة في حالات استثنائية وفي أوقات التأزم بالذات.
وبعض منا في أزمة بسبب أفكارهم أو بالأحرى القول بسبب أنماطهم في التفكير ونماذجهم في العمل والتغيير.
وأخيراً: نريد أن تبحث الحكومة عن كبش فداء لهذه النكبة غير الصالات.