كتبت- مريم أبشر
أمس الأول، أصدَر رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، قراراً قضى فيه بناءً على توصية وزير الخارجية المكلف د. عمر قمر الدين بإعفاء السفير الصديق عبد العزيز عبد الله من وظيفة وكيل وزارة الخارجية، وتعيين السفير محمد شريف عبد الله وكيلاً لوزارة الخارجية بديلاً له، ووجّه القرار وزارتي الخارجية والعَمل والتّنمية الاجتماعية والجهات المَعنية الأخرى باتخاذ إجراءات تنفيذ القرار ووضعه موضع التنفيذ. وكما هو مَعروفٌ وفق قوانين الخدمة المدنية، فإنّ وكيل وزارة الخارجية يعد الموظف الأول في أي وزارة، وفي حالة وزارة الخارجية فإنّ وكيل الوزارة منوط به إدارة ومراقبة كل دولاب عمل الوزارة الإداري والمالي والعمالة بداخل الوزارة وخارجها في كل البعثات الدبلوماسية التي يتجاوز عددها الخمسين سفارة وبالتالي، فإن العبء الذي يقع على الوكيل ضخم للغاية يُعاونه فيها كبار السفراء في إدارات الوزارة المُختلفة. وإن كانت مهمة الوكيل في الأصل ضخمة وشاقّة، فإن هذا الأمر يزداد مشقة في الوقت الراهن خاصة وأن أحد أهم أسباب قيام الثورة هو وجود علاقات خارجية غير مستقرة ومتوترة في كثير من الأحيان مع المجتمع الدولي، ومعظم دوله خاصة الغربية منها، الأمر الذي جعل السودان يعيش في عزلة دولية تامة فاقمها وجود اسمه على لائحة الدول الراعية للإرهاب وفرض العقوبات الاقتصادية.
الوكيل شريف.. سيرة ذاتية
وكيل الخارجية الجديد السفير محمد شريف الذي زار الوزارة أمس متفقداً زملاءه قبيل تسلمه رسمياً، تقول سيرته انه التحق بالخارجية في العام ١٩٧٧ عبر مدخل الخدمة، وعمل في عدد كبير من الإدارات بديوان الوزارة، وايضاً عمل دبلوماسياً بالخارج في عدد من السفارات وهو خبير ومُختص في التعاون الدولي والعلاقات الدولية، تقاعد لسن المعاش عبر نهاية الخدمة بحكم سن القانونية للعمل في الخدمة المدنية في السودان 2012. وعمل بعدها في الاتحاد الأفريقي في الإدارة السياسية، ومثل الاتحاد نائباً لرئيس بعثته في ليبيا، قدم للسودان مؤخراً من أديس أبابا وحالياً تم اختياره من قبل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ليكون عضواً في اللجنة العليا للتنسيق مع بعثة يونيتامس التابعة للأمم المتحدة.
توقيعات على دفتر الوكيل
حصد الوكيل الجديد للخارجية السفير محمد شريف، إشادة مستحقة من قبل زملائه السفراء الذين زاملهم منذ مدخل الخدمة ومن عمل معهم بالداخل والخارج أثناء رحلة عملهم الدبلوماسي بالوزارة والبعثات الدبلوماسية.
سفير فضّل حجب اسمه التقاه في إحدى المحطات الخارجية، وصفه بالمهني والمجيد في أدائه دُون كللٍ، وقال بالحرف: (قليل الكلام وكبير الفعل) وهذا ما يتطلبه عمل الوكيل نظراً للملفات الضخمة التي تنتظر اي سفير يقع عليه الاختيار لتولي هذه المهمة.
السفير شريف وصفه أحد السفراء بأنه نظيف مهنياً ومنظم وشاطر ومهني من طراز فريد، ليس له لون سياسي بخلاف مهنيته، كما قال إنه حريص على السودان وعلى مصلحته.
الوكيل المقال.. تعدُّد الأسباب
وكيل الخارجية المقال السفير صديق عبد العزيز تسلّم المهمة منذ أكثر من عام في أعقاب التغييرات التي طالت الوزارة بعد الثورة وفق قرارات إزالة التمكين في الخارجية. التحق بالخارجية عبر مدخل الخدمة في فبراير ١٩٨٥ وعمل دبلوماسياً في طرابلس بليبيا، ثم جنيف، ثم كوريا الجنوبية، ثم سفيراً بهراري، ثم إندونيسيا. وتولى المنصب خلفاً للسفير ياسر خضر المحسوب على النظام البائد. وخلال الفترة التي تولى فيها منصب الوكيل، أجرت وزارة الخارجية العديد من التغييرات داخل هيكلها الإداري بخلق أو دمج بعض الإدارات واستحداث إدارات جديدة، فضلاً عن أعمال كبيرة قامت بها ولا تزال لجنة ازالة التمكين بالوزارة قضت بفصل عدد من السفراء والدبلوماسيين بالوزارة بتصنيفهم محسوبين على النظام البائد، غير أن عدداً من السفراء وصفوا أداء صديق بالبطء في الإنجاز، وأشاروا إلى أنه ربما تكون انتقادات بعض عضوية قوى الحرية والتغيير له بأنه يتبع نوعاً من المهادنة مع عناصر ورموز النظام البائد وانه غير متحمس في إبعاد تلك الرموز وراء الاستقالة، بيد أن أهم الأسباب وفق سفير مقرب له عزاها الى حالته الصحية، خاصة وأن عمل وكيل الخارجية يحتاج لمجهود ضخم نظراً لأهمية ملفاته.
ملفات مهمة على المنضدة
كثير من المهام الصعبة هي في انتظار وكيل الخارجية والسودان يستشرف مرحلة جديدة من الانفتاح على العالم بعد عزلة دولية امتدت لعدة عقود، بجانب إكمال ترتيب البيت الداخلي وإعادة هيكلة بعض السفارات لتقليل الصرف في ظل الأوضاع الاقتصادية الماثلة في الوكيل بوصفه المسؤول الإداري الأول تواجه بعثاته بالخارج أوضاع اقتصادية اقل ما توصف به بالمزرية وصلت مرحلة التعثر في دفع إيجار المقار ومواقع إقامة منسوبي الوزارة ودفع أجور منسوبيها من العمالة المحلية، ويعتقد مراقبون غض النظر عن الخطوات التي تعتزم الوزارة اتخاذها بإغلاق أو تخفيض منسوبيها بالخارج جرّاء الظرف الاقتصادي الراهن، فإن التحرك السريع لتوفير حاجة البعثات المالية الراهنة ضرورة ملحة حتى لا يقع هؤلاء في إحراجات مالية بالدول التي يمثلون السودان فيها حتى الآن.